23 ديسمبر، 2024 3:37 ص

عندما يصمت المختطف بعد ان يطلق سراحه ،ولايتجرأ بالكشف عن الجهة التي تورطت بخطفه ، مثل الصحفية افراح شوقي،والناشط علي هاشم ،والطبيبة صبا المهداوي ، فهذا يعني ان الخاطفين ، ليسوا افرادا ولاعصابات،انما مرتبطين بالسلطة الامنية التي تحكم البلد،اي الدولة العميقة التي تدار من قبل ميليشيات معروفة ،وهذا يفسر صمت المختطفين ،ويشير الى طبيعة الترهيب الذي تعرضوا له لاجل ان يبتلعوا كل الاذى والاهانات التي نالت منهم .
محصلة هذا المسلسل الرخيص الذي يجري في العراق منذ العام 2003 تعني ان مثل هذه الجرائم ستبقى مستمرة طالما ان هذا النظام الميليشياوي جاثم على صدور العراقيين ، وطالما ان الضحايا يخضعون مرغمين لوصايا من خطفهم، وليس لنا إلاَّ ان نعذرهم لاننا لانعرف طبيعة ماتعرضوا له من قهر وتعذيب وابتزاز ومساومة حتى يعودوا مرة ثانية الى الحياة .ولكنهم بعد ان عادوا فقدوا اثمن مافيهم تحت القمع والترهيب ، وللاسف الشديد ما عادوا احرارا كما كانوا قبل ان يتم اختطافهم .
هذه النتيحة التي تحمل طعم الخيبة والريبة والغموض مختلطة مع مشاعر الفرح باطلاق سراح المختطف، هي غاية ما كان ينتظره من تورط بجريمة الخطف، لان رسالة الصمت على الجريمة تبدو اخطر من الجريمة ذاتها علينا نحن المتلقين،وتعني الرسالة بوضوح ان نصبح جميعا في عداد الصامتين المتواطئين كما لو اننا قد نلنا مكرمة الافراج عنَّا مقابل صمتنا .
فعلينا جميعا ان نصمت،لان الرسالة قد وصلت عبر ساعي البريد .
فهل سنسكت ام سنستمر في الطرق على جدار الصمت في ساحة التحرير الى ان يتصدع وينهار ؟
لم يعد لدينا من أمل للخروج من عتمة الزمن الذي وضعَنا فيه هذا النظام،سوى خيط رفيع بدأنا نتمسك به،يمتد هذا الخيط من القلب الى نصب الحرية لجواد سليم،هناك في ساحة التحرير اكتشفنا فجأة ان لدينا امل كبير يرسمه لنا مَن لم ننتبه اليهم،وكنا نحسبهم بلا أمل،واتضح انهم الامل، فيالخيبتنا بانفسنا،ويالفرحتنا بشباب الاول من اكتوبر .
ماكنا نتوقع ان يلامسوا جراحنا،ويربتوا على اكتافنا،ويمسحوا الحزن من اضلعنا،ويكسروا باجسادهم الغضة جدران الصمت حولنا وفينا،ولولاهم لما وصلت الى العالم رسالة مختطِفينا ومختَطَفينا .