” بح صوتنا ” هكذا قالت مرجعية السيد السيستاني قبل سنوات معبرة عن انزعاجها الشديد من فوضى العملية السياسية في البلاد وتقاسيمها الرديئة في المحاصصة والفساد والسلاح المنفلت وغياب القانون وإقصاء الكفاءات !
واليوم تعيد المرجعية انزعاجها بوصايا هي حقيقة خارطة طريق لمن يفكر في انقاذ البلاد من أزماتها المتوالدة في القضايا نفسها التي مازالت عالقة في التأويلات والتفسيرات حتى تم افراغها من محتواها ، وبلغ انزعاج مرجعية السيستاني ذروته بإغلاق أبوابها أما القوى السياسية المتحكمة بامور البلاد والعباد ، القوى التي أوصلت البلاد الى ماهي عليه من تراجع وانهيار في مجالات الحياة كافة .
وفي الوقت الذي رحبت به كل القوى السياسية بوصايا السيد السيستاني واعتبرتها منهجا وبرنامجا للإنقاذ ، فان فلسفة التأويلات والتفسيرات المصلحية تسير في الطريق نفسه لافراغ الخارطة من محتواها من خلال :
أولاً : الترويج من ان الوصايا موجهة للخارج وعلى رعاة العملية السياسية ( الاميركان والأمم المتحدة) الإضطلاع بواجباتهم لمساعدة العراقيين للنجاة من الازمات الحالية والمحتملة القادمة !
ثانياً : اعتبار الفقرة المتعلقة بالسلاح المنفلت وحصره بيد الدولة تحديداً غير موجهة لسلاح المقاومة ، بل هي داعمة له بتأويل غريب يتعلق بمفاهيم الجهاد خارج كل معطيات الواقع ومخاوف المرجعية مما يمككن ان تؤول اليه الامور .
ثالثاً : ان بعض القوى المسلحة وغيرها لها مرجعية اخرى هي مرجعية السيد الخامنئي وبالتالي هي غير ملزمة بما يصدر عن السيد السيستاني لان لها رؤية مختلفة ، وهذا قيل علنا عبلا شاشات الفضائيات !
إما قضايا الفساد المستشري وتغييب واقصاء الكفاءات وتقاسم المغانم والمحاصصة الطائفية فهي خارج التأويلات باعتبارها واقعاً من وقائع الحياة السياسية في البلاد.
ان هذا المنهج الذي تتخذه بعض القوى المسلحة ، المنهج الذي قد يجر العراق الى ساحة حرب موجعة لما تبقى من العراق ، تبدو طلائعه بما أكده السيد السيستاني في نهاية رسالته من وعورة وصعوبة الطريق لتحقيق عراق مزدهر وسيادي والذي دعا فيه العراقيين ونخبهم الواعية الى “استخلاص العبر من التجارب الماضية، والسعي الحثيث لتجاوز إخفاقاتها، والعمل بجد لبناء مستقبل أفضل ينعم فيه الجميع بالأمن والاستقرار والازدهار”.
وكأن السيد السيستاني يتنبأ بأن تجربة ” بح صوتنا ” ستتكرر ليؤكد ” يبدو أن أمام العراقيين مساراً طويلاً إلى أن يصلوا إلى تحقيق ذلك، أعانهم الله على هذا المسار”.
ودون أي تردد يمكن القول ان الالتزام الحقيقي والصادق بالوصايا ، التي يعرفها كل عراقي، هي طريق الأمان الا للمغامرين بمستقبل هذي البلاد وما أكثرهم !!