7 أبريل، 2024 5:52 ص
Search
Close this search box.

وشع العنكبوت – 2

Facebook
Twitter
LinkedIn

لقد كتبت موضوعا عابرا عن ذكرى اليمة و جميلة عشناها معا ” مجموعة من الادباء و الفنانين ” في الاردن تحت عنوان [ وشع العنكبوت ] في الاسبوع الماضي ، لم اكن اتوقع من الاخوة رواد ذلك الوشع هذا التشجيع على الكتابة بخصوص تلك الفترة التي عشناها و اكتوينا بنارها ،  نكابد الالم و الخوف و الرعب و الفاقة و العوز ايضا ، جميعنا لا يعمل بسبب ملاحقات السلطة الاردنية للعراقيين العاملين و الغريب ان الحكومة الاردنية استحدثت شرطة خاصة بتلك المهمة  أطلقت عليها أسم ( شرطة الوافدين ) و زود جهاز الشرطة هذا بسيارات و باصات خاصة كتب عليها بخط ازرق كبير ( متابعة الوافدين ) ، هؤلاء الوافدون طبعا هم فقط العراقيون ، لان الهندي و المصري و الباكستاني و اليمني و حتى الاسرائيلي تمنحه السلطات الاردنية ” تصريح للعمل ” وفق اجراءات معينة و لكنها لا تمنح ذلك التصريح لاي عراقي على ارض الاردن ، وبطبيعة الحال فان بعض اخوتنا العراقيين و كالعادة في حبهم للتقارير و الوشاية و احيانا بدافع الغيرة و الحسد ، كانوا يبلغون عن بعض الذين يعملون في السر في مكان ما او زقاق من ازقة عمان الملتوية و الديناميكية التكوين ، حيث تكبس شرطة الوافدين المكان و تبدا المطاردة بالركض لتنتهي بالهراوات و العصي  و التسفير المباشر الى العراق ، و الجدير بالذكر ان اغلبهم دون جواز سفر و هذا يعني انه سيغادر عمان قسرا الى السجن في العراق ، و جميلة لانها كانت مدافة بالامل و انتظار الحياة الفاضلة القادمة 0

كان لكل واحد منا نحن عائلة وشع العنكبوت مورد شهري بسيط كدخل يضمن لنا البقاء احياءاً ،من يعيش على مكآفئات الصحف ، أو مساعدات من المفوضية السامية لشؤون الاجئين لمن أعترف به كلاجئ ، و احيانا معونات من اخ او عم او صديق يعيش في بلاد الغرب ، أما انا فكنت مراسلا في الاردن لصحيفة الوفاق المعارضة و كنت اقبض ( مئة دولار شهريا ) عدا مساعدة المفوضية السامية لشؤون اللاجئين ، هكذا كنا نعيش و لكن الغريب في الامر ان ( بطل العرق ) كان ينتصب على الطاولة الخشبية التي اشتراها ستار موزان من العتيق في سقف السيل كل ليلة كيف يتدبر ثمن هذا البطل ؟؟ لا احد يعرف ، لا يهم ان تكون المزة بطيخة او علبة من البن ، لكن العشاء يكون دسم احيانا لان اقفاص الدجاج تباع في عمان بسعر رخيص جدا ، نشتري ثلاثة كيلو غرامات من تلك الاقفاص بدينار واحد ، يغسلها ستار موزان ، يكسرها عباس الحسيني – اقول يكسرها – لانها لا تقطع فهي خالية من اللحم تماما ، اضلاع الدجاجة و عمودها الفقري تسمى اقفاصا ، كنت اقول لهم هذه خير من ” باجة الدجاج ” التي ياكلها اهلنا في العراق بلد البترول الاول 0

مرة كنت في سوق كربلاء الشعبي سمعت البائع ينادي ( باجة بمية دينار ) ركضت نحو الصوت لاشتري تلك الباجة و في راسي الف سؤال ، هل من المعقول ان تكون الباجة فقط بمئة دينار ؟؟ معنى هذا ان كيلو اللحم بخمسين ، و لكن حين وصلت ذلك البائع تراجعت الى الوراء دهشة و حزناً !،  الباجة هذه عبارة عن ارجل و رؤوس الدجاج 0

كانت مهمة سرور ماجد ملاحظة توابل و ملح ذلك التشريب الذي يضع كمال العبدلي ماءه لمعرفته و خبرته بالمقادير ، طبعا لا اريد ان امدح نفسي و خبرتي في صناعة المقبلات من البصل و الطماطم و بعض الزعتر الاردني فهو رخيص جدا و باضافة بعض الملح و قليل من الخل على طشت من السلاطة التي قد تحتوي على الخيار اذا كان احدنا مائلا الى جهة معينة لثقل جيبه ، احيانا يكون في مجلسنا ضيوف اعزاء ،الشاعر مكي الربيعي مثلاً لا يشرب العرق فانه يجلب زجاجتين من البيرة معه ، يحتسي الاولى و يتبرع بالثانية لغسيل المعدة الى
فارس النطاط ” نائب رئيس جمعية النطاطين ” (ساتحدث عن تلك الجمعية و مهامها و خصائصها في حلقة قادمة )  فارس النطاط هذا من اغرب الشخصيات التي قابلتها في حياتي 0

المكان الثاني ، او المكتب كما يسمونه هو ” مقهى السنترال ” تلك المقهى القديمة التي تتوسط عمان في مكان شعبي ، و من هناك تنطلق ماهية الليلة القادمة لوشع العنكبوت ، و هناك ايضا تتم المقابلات الميدانية و الاستشارات ال ( يو انية ) يعني ما يخص ال ( U N  ) من تعليمات جديدة و اخبار اللاجئين و الى مثال هذا المجال ، و هناك تجد وجوه ضاحكة  ” معترف بها في اللجوء ” و اخرى بائسة حائرة و باكية احيانا ، مرفوضة طبعا او قلقة او في حالة انتظار ( الضاحك الباكي في مقهى السنترال ) صورة مالوفة و روتينية ، تجد في تلك المقهى شخصيات كان لها اسم و شهرة في العراق مثل الشاعرة آمال الزهاوي و الروائي الكبير عبد الستارناصر وزوجته الروائية هدية حسين و الكاتب الرائع النقي علي السوداني و الذئب الماكر علي عبد الامير الذي كان يعمل في جريدة الراي الاردنية و الفنانه حياه حيدر و المخرج التلفزيوني نبيل ابراهيم الذي انضم الى وشع العنكبوت مؤخرا و الرسام اياد القرغولي بسرياليته و سومرية فنه ، كان ستار موزان جوكر السنترال ، ويعرف كل شئ عن رواد تلك المقهى و حتى اسرار رضا المصري الساقي فيها ، لقد نشرت صورة رضا هذا باكثر من جريدة ، فهو الدائن الوحيد لكل رواد المقهى 0

و الى حلقة قادمة من وشع العنكبوت

www.almhana.4t.com

مقالات اخري للكاتب

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب