19 ديسمبر، 2024 10:30 م

وسيلة إلغاء الدولة في ظل ولاية الفقيه والأحزاب الإسلامية بسنتها وشيعته

وسيلة إلغاء الدولة في ظل ولاية الفقيه والأحزاب الإسلامية بسنتها وشيعته

إن الدولة كيان اعتباري، تختلف هيكليتها في العصر الراهن عن ما كانت عليها في الماضي البعيد، حين ابتكرها الإنسان في مرحلة من مراحل تطوره الإيجابي في دورة الحياة عبر التاريخ البشري وذلك لتنظيم متطلبات الحياة التي تظهر إلى الوجود مع انتقال الإنسان من عصر إلى آخر، ولا ندري ماذا سيبتكر هذا المخلوق العاقل الذي عركته الحياة بعقله الجبار في مسيرة حياته الطويلة نحو التكامل المعرفي من منظومة مجتمعية ينظم بها مقتضيات حياته اليومية بطريقة حضارية راقية للنمو والبقاء على هذا الكوكب الدوار.
مما لا شك فيه، أن العقيدة المسيحية المتمثلة بالكنيسة، وعلى رأسها البابا الذي وصف كظل الله على الأرض، هي أول من حاولت بكل السبل المتاحة لها إلغاء الدولة، وذلك من خلال طغيان محاكم التفتيش، وحجز الكنيسة لألف باء التطور والتحديث خلف جدران الأديرة، حين منعت الناس بالبدع والخرافات الدينية عن الأفكار النيرة التي كانت ستنقلهم إلى وضع سياسي واقتصادي وصحي أفضل مما كانوا فيه. أضف إن الأموال الطائلة في أوروبا المسيحية كانت مكدسة في خزائن الكنيسة، وكانت أيضاً مستحوذة على غالبية الأراضي والعقارات في الدول الأوروبية. لكن في نهاية الأمر عندما بلغ السيل الزبى ذاقت الشعوب المسيحية ذرعاً بسجع الكهان، وفي يوم مشهود أعلنت الشعوب الأوروبية الثورة على رجال الدين وجردتهم من كل السلطات الدنيوية التي سنوها لأنفسهم وحجزتهم في رقعة أرض تسمى الفاتيكان محاطة بالجدران العالية من كل الجهات وتركتهم يتناطحوا فيها كيفما يشاؤون.
وفيما يتعلق الأمر ببلدان الشرق، لا يخفى على أحد أنها متأخرة عن الغرب بقرون عديدة في كل شيء، وفي كل المجالات، فلذا أن نمط الحياة السائد الآن في المجتمعات الشرقية شبيهة إلى حد كبير بالحياة التي كانت شائعة في الغرب المسيحي إبان حكم الكنيسة قبل عدة قرون، لذلك نرى في بعض بلدان الشرق لا زالت تحكمه رجال الدين أو أحزاباً طائفية مرتبطة ايضاً برجال الدين سراً أو علناً واختارت لها أسماءاً وألقاباً براقة كـ: آية الله، وحجة الإسلام، والإمام الأكبر، والشيخ، والسيد، والملا، والحزب الفلاني الإسلامي الخ.
في هذه المثالة سنضع أمام القارئ الكريم كيف أن معاول هدم الدولة ومؤسساتها تحملها رجال الدين بأيديها، أو من خلال الأحزاب الإسلامية.. التي تسبح في فلكها، وخير مثال الجمهورية الإسلامية في إيران، حيث تجد فيها منصباً أعلى من منصب رئيس الجمهورية إلا وهو المرشد،- المعروف باسم الولي الفقيه، وهو مطلق اليد؟- ويشغله الآن السيد علي خامنئي.إن هذا المنصب الفريد في العالم هو المعول الأول لهدم الدولة، حيث أن رئيس الجمهورية يأتي بالمرتبة الثانية في سلم الوظيفي في هيكلية الدولة!! رغم أن نظام الحكم في الدولة اسمه الجمهورية الإسلامية، وقانوناً يجب أن يرأسها من يحمل اسم رئيس لهذه الجمهورية، أي الرجل الأول في الدولة؟ إلا أن في إيران في ظل سلطة ولاية الفقيه حسبما جاءت في الدستور الإيراني في المادة (57) أن جميع مؤسسات الدولة التنفيذية والقضائية والتشريعية تخضع للولي الفقيه مطلق اليد. دعوني أفتح هنا قوساً (أنا كمواطن كوردستاني أتمنى كل التمني وأتذرع إلى الخالق العزيز أن لا يبقى أثراً للكيانات.. التي تحتل كوردستان، والمعروفة بمربع الشر وهي كل من: 1- تركيا 2- إيران 3- العراق 4 – سوريا). على أية حال، أن معلم آخر من معالم إلغاء الدولة تحت حكم رجال الدين هو مايسمى في غيران بـ”مجلس الخبراء” الذي يقف نداً للبرلمان، الذي يسمى مجلس الشورى في إيران ويستطيع مجلس الخبراء إلغاء كافة القوانين والقرارات التي يصدرها ما يسمون بنواب الشعب. بالمناسبة أن مصطلح الشورى الذي يتشدقون به ليس كالديمقراطية التي يزعمها بعض الإسلاميين، أن الشورى محصورة بين الإسلاميين فقط، لا يستطيع الشيوعي والليبرالي واللاديني والملحد أن يشترك في الشورى لأنها كما تقول الآية: وأمرهم شورى بينهم؟. وأسسوا جهاز آخر من تلك الأجهزة التي تلغي مؤسسات الدولة هي اللجان الثورية (كوميتة) أنها تقوم بمهام الشرطة وسلطاتها تفوق سلطات الشرطة بل يستجوبوا حتى أفراد الشرطة بدءاً من مديرها العام نزولاً إلى الشرطي المحلي البسيط. وأسسوا أيضاً محاكم الشرع، ومحاكم الثورة وهي تقوم بما قامت بها المحاكم المدنية والجنائية. وابتكروا منصباً يفوق في صلاحياته ما منح قانوناً للمحافظ إلا وهو إمام الجمعة وسلطاته كما أسلفت تفوق السلطات الممنوحة للمحافظ؟!. حتى على مستوى الحي، قلصوا دور المختار حين شكلوا ما يسمى بمجالس المساجد التي لها دوراً أمنياً أيضاً. ومنحوا الثقافة إجازة مفتوحة حين ألغوا وزارة الثقافة، واستحدثوا بدل عنها وزارة باسم الإرشاد الإسلامي؟. إن مصطلح الإرشاد يذكرني بـ”محمد حسنين هيكل” عندما صار وزيراً للإرشاد القومي في مصر في عهد جمال عبد الناصر، لكن بعد مرور عدة عقود على تركه لهذا المنصب العنصري صرح ذات مرة في إحدى قنوات التلفزة قائلاً: بعد تبوئي لهذا المنصب.. كنت أرى نفسي كوزير دعاية هتلر (جوزف غوبلز). على أية حال، واستغنوا عن وظيفة مفتش في دوائر الدولة وفي سوق طهران عندما نصبوا شخصاً إسلامياً يسمى ممثل الإمام، أي أنه يمثل الإمام الخميني في تلك المواقع. وقاموا أيضاً بإلغاء احتفالات عيد العمال العالمي، ومن يحتفل به يُعتقل وعوضاً عنه يحييوا سنوياً في نفس التاريخ استشهاد الشيخ مرتضى مطهري، الخ الخ الخ.
وهكذا السلطة الشيعية في هذه الحقبة الظلماء في الكيان العراقي.. التي بدأت منذ الوهلة الأولى لتربع أحزابها على دست السلطة باستنساخ نظام الحكم الإيراني. في البدء منعت السلطة المذهبية في بغداد بيع الخمور، لكنها صارت تغض الطرف عن بيع المخدرات التي باتت تغزو العراق!. واستغلت الأحزاب الشيعية احتلال داعش لموصل وقامت بتأسيس ميليشيا طائفية باسم الحشد الشعبي حتى تأخذ دور الجيش العراقي الذي أهمل نهائياً على أيدي هؤلاء الأعاجم بلا شك سيصبح وجوده في قادم الأيام شكلياً كما هو حال الجيش في إيران الإسلامية. وبدل العلم العراقي ترفع هذه الميلشيات.. الأعلام الطائفية من أخضر وأحمر واصفر وأسود!! هنا نتساءل، أهذا سلوك دولة؟؟ أم سلوك إمارة إسلامية تقاد من خارج بناية مجلس الوزراء؟؟. للأسف الشديد لقد أصبحت المناطق التي تخضع للأحزاب الشيعية في الجنوب العراقي تماماً كالمناطق اللبنانية التي تخضع لحزب الله بؤرة لتجارة المخدرات ومرتعاً لزراعتها. عزيزي القارئ اللبيب، وفيما يتعلق الأمر بجعل العراق جزءاً من جيبوبولتيك الإيراني، لست أنا من أقول أن العراق وحكومته الشيعية صارت جزءاً من إيران الإسلامية، بل أن “علي يونسي” مستشار الرئيس الإيراني لشؤون القوميات والأقليات هو الذي صرح لوسائل لإعلام بهذا قائلاً: إن بغداد عاصمة الإمبراطورية الإيرانية. عزيزي المتابع، كما أن المرشد في إيران بيده كل شيء، هكذا صار العراق أيضاً حيث أن قصاصة ورقة من السيد “علي سيستاني” يعمل العجائب، حتى أن رئيس مجلس الوزراء العراقي لا يستطيع فعل أي شيء دون استشارة ذلك السيد الحسيني الساكن في إحدى أزقة مدينة النجف. عزيزي القارئ الكريم، باختصار شديد أن العراق صار دولة ولاية الفقيه لكنها غير معلنة الآن رسمياً.
12 02 2018
عاهدت نفسي والأيام شاهدةٌ … أن لا أقرّ على جور السلاطينِ ولا أصدق كذّاباً ولو “عبادياً” … ولا أخالط أخوان الشياطينِ.
(معروف عبد الغني الرصافي) نقل بتصرف.

أحدث المقالات

أحدث المقالات