في 29 حزيران سنة 2014, أعلن المتحدث بإسم داعش أبو محمد العدناني, عن قيام دولة الشر في العراق والشام, مطالبا بمبايعة البغدادي خليفة لدولتهم المشؤومة, التي اجتاحت الموصل وتكريت والرمادي وصولا الى أسوار بغداد .
إرهاب كان مدعوما من حكومات دفعت المليارات, وأرسلت المرتزقة وجندت قنواتها الإعلامية, بدعوى تحرير بغداد من المجوس والروافض, وتحرير بغداد وإسقاط الحكومة الشيعية حسب زعمهم, فانقلب السحر على الساحر, وعاد الإرهاب على المحافظات التي صفقت وطبلت وهللت مدفوعة بأحقاد طائفية, فعاث فيها فسادا وقتلا وتدميرا, لم يسلم منه بشر ولا حجر .
وبعد إن بلغت القلوب الحناجر وأضاعت العقول السبيل, وحزمت الحقائب في بغداد للهجرة والرحيل, إنبرى لها شخص زاهد متواضع يجلس على حصير زاده الخبز والماء, أطلق الكلمة التي أخرجت الأسود من عرينها والصقور من أعشاشها, فهب رجال الفتوى يمحون عار الهزيمة وذل الخنوع وفساد المتخاذلين, فكان وقع إقدامهم يهز الأرض وصوت زئيرهم يدخل الرعب, في قلوب أعدائهم .
فكانت صولة الحق ضد الباطل, في أشرس معركة شهدها التاريخ, خاضها رجال مؤمنون يحملون أخلاق الملائكة, وينهلون من مدرسة الجهاد والإسلام المحمدي الأصيل, ضد من حمل الإسلام شعارا دمويا, يستبيح الدماء ويهتك الأعراض ويجعلها تجارة لشهواته, فكان النصر حليف المؤمنين, والهزيمة والخلان والعار رفيق الكافرين والداعمين لهم, فتطهرت الأرض من رجسهم بدماء طاهرة روت تراب هذا الوطن .
معركة مع الإرهاب تختلف عن كل المعارك, وشدتها فاقت كل حروب التاريخ, فهي لم تكن سلاح بسلاح ولا أموال بأموال, إنما كانت معركة إنسان بإنسان, إنسان يحب الحياة ويعشق الوطن بأرضه وناسه باختلاف مذاهبهم وأعراقهم, ويرتقي بعبادة الرحمن, وإنسان تحول الى وحش كاسر, تدفعه الغرائز وتلبسه الشيطان .
حرب ضروس جعلت من العراق جبلا شامخا, تعلو قمته كل القمم لا يهاب العواصف والأعاصير ولا تنحته فؤوس الأعداء, وخرجت جيلا من المجاهدين في خطواتهم الرعب, يهابهم الموت يؤمنون بالنصر كإيمانهم بالله فكان النصر حليفهم, ودعوات الثكالى والأيتام التي خلفتها جيوش الظلام, ترافقهم في حلهم وترحالهم .
ومن المكان نفسه الذي أعلن فيه عن دولة الشيطان, وفي التاريخ نفسه بعد ثلاث سنوات, وضع الأبطال أقدامهم رافعين علم بلادهم خفاقا عاليا, في عنان السماء معلنين إسقاط دولة الخرافة .