كم كان لدينا احلام جميلة حين سقط نظام صدام حسين في العام 2003 خصوصاً في وسط وجنوب العراق بان ينهض بلدنا ويزيح عنه هذه التركة الثقيلة التي جثمت على ظهره لعقود جراء سياسات خاطئة ادخلت البلد في دوامة ابتدأت بدخول العراق حرباً غير مدروسة العواقب مع ايران في العام 1980 وماتبعها من حرب الكويت في العام 1990 والحصار الدولي الظالم بحق شعبنا واطفالنا والذي حرمنا رغيف الخبز والدواء والذي كلما اتذكره اذكر معاناة والدي ووالدتي في توفير مايسد رمق اسرتنا الكبيرة حالهم في هذا حال الملايين من ابناء الشعب العراقي .
الحلم.. بان يكون لنا وطن كباقي الاوطان نشعر فيه بان لنا حق في التعليم والصحة والخدمات توازي ماموجودة في بقية دول العالم المتحضر او على اقل تقدير ما موجودة في دول الخليج النفطية مثلنا ، الحلم في شوارع نظيفة وفي حدائق جميلة وفي رياض اطفال ومراكز ثقافية وملاعب رياضية وجامعات ومسارح ودور سينما ومولات تجارية ووسائل نقل متطورة وفي مطارات لائقة وغيرها من سبل الحياة الكريمة.
لكن الواقع الان .. مختلف تماماً فبعد عشر سنوات من حكم الاحزاب الشيعية الدينية الدعوة والمجلس الاعلى الاسلامي التي تصدرت المشهد السياسي وتبادلت ادارة مجالس محافظات وسط وجنوب العراق منذ العام 2003 حتى هذه اللحظة ، فماهي النتيجة ؟ النتيجة انك عندما تتجول في هذه المحافظات يمتلكك احساس بأنك في مدن افغانية فلا ترى غير كثبان الرمال والشوارع المتعرجة والبنية التحتية المنهارة وانتشار البناء العشوائي وافتقار المستشفيات لابسط المستلزمات الطبية والمدارس لا توجد فيها حتى مقاعد لجلوس طلبتها .. هذا عدا الفوضى الامنية والمرورية جراء السيطرات التي تملأ مداخل ومخارج المدن وشوارعها .. والاسواق تفتقر لابسط شروط الصحة .. اما وجوه الناس فتراها متعبة ، شاحبة ومهمومة بقوت يومها ومستقبل اطفالها .
وعندما تسمع المسؤولين عن هذه المأساة وهم يتبجحون في وسائل الاعلام بالمشاريع الاستثمارية والخطط الاستراتيجية والموازنة والتخصيصات المالية الكبيرة تعتقد انك في احدى الولايات الامريكية وليست في هذه المدن الخربة .
وهنا اقول لكل الذين يعتبرون ان هذه احزاب شيعية يجب دعمها والتجديد لها في الانتخابات البرلمانية القادمة انا شخصياً أفضل ان يحكمني بوذي شريف يستطيع ان يبني ويعمر ويزرع البسمة في شفاه الناس المحرومين على ان يحكمني شيعي من مذهبي يسرق وينهب ويخرب البلد ويستنزف موارده .
بوذي ويبني المستشفيات والمدارس ويبلط الشوارع ويجعل مدننا الجميلة تعود الى سابق عهدها لتعود البصرة قبلة للعالم اجمع وتعود الناصرية مدينة الادب والثقافة والفن وتعود النجف عاصمة للثقافة والعلم والحلة مدينة الجنائن المعلقة والسماوة منبع ثورة العشرين والديوانية بمضايفها ودواوينها العامرة وميسان باهوارها وكربلاء بسياحتها وبساتينها وواسط بمقاهيها وادبائها .