لطالما يقدم الجنوب رجالات كبيرة بحجمها، العقلي، والفكري، قادرة على قيادة البلد، عقليات علمية وسياسة، ومنهم السيد عبد المهدي المنتفكي، شخصية سياسية، عجنت السياسية بالطين، فأنتجت أراء ومواقف سياسية يشهد لها التاريخ، وهو من بين قلة من رجال الدين الشيعة وسياسيها، الذين تسنم منصب وزارة المعارف سابقا( التربية حاليا)، استدعي السيد عبد المهدي إلى بغداد، للاشتراك في وزارة جعفر العسكري الثانية، التي شكلها في 21 تشرين الثاني عام (1926م )حيث شغل هذا المنصب.
من خلال عمله بالوزارة أرسل أول بعثة دراسية للخارج، لأجل الدراسة كما ساهم باستخدام عدة مدرسين عرب من مصر، وسوريا، وكانت تجربة ناجحة.
اليوم حكومة التغير، كان نتاجها، شخصيات مؤهلة وعلمية، واقتصادية، ومنهم وزير النفط، الذي يمتلك القدرة على تطوير هذا القطاع المهم، الذي تعتمد عليه الدولة العراقية، إضافة أنه يتمتع بعلاقات جيدة مع أغلب دول العالم والدول الإقليمية، حيث أن تخصصه في الاقتصاد السياسي، يمنحه بعدا معرفيا، ودورا كبيرا في النهوض بهذا الملف، وخير دليل ذهابه إلى مصفى بيجي، في أول زيارة له، بعد تسنمه المنصب الوزاري.
إن الذي يمتلك رؤيا مستقبلية، وقرأه للواقع السياسي، يستطيع أن يقرر بما هو يتناسب مع الأحداث، لذلك كان قرار الاستقالة، في الحكومة السابقة، نهج وسياسة، رجل ذو عقل متميز، وحكمة، لا يخرج عن دائرة التمسك بالمرجعية من جهة، بعد أن طلبت المرجعية، بعدم أستحداث المناصب غير المهمة، خصوصا بعد تشبث الخزاعي بهذا المنصب، ومن جهة أخرى، أخرج نفسه من دائرة الشك والريبة، في زمن حكومة المالكي، وما حملته من أخطاء وسؤ أدارة.
قدم السيد عبد المهدي المنتفكي استقالة من منصبه، مختلفا مع زملائه الوزراء في قضية لائحة قانون الدفاع الوطني، فكان يرى ضرورة تعديل الاتفاقيتين المالية، والعسكرية، قبل إن تعرض على مجلس الوزراء بينما يرى الوزراء خلاف ذلك.
ثقافة الإستقالة؛ لم يكن مجرد قرار عابر عنده، بل طريق يتمسك به عندما يكون رسالة، ومنهج ليس موجودا عند كثير من المسئولين العراقيين، بل هناك من حاربه، لأنه يشعر أنه أكبر من المنصب، من أجل المبدأ، يعمل بصمت، وعمله يتكلم، كان دوره كبيرا في إسقاط الديون، ومنتدى باريس، ومشاركته في كتابة الدستور.
بين الوالد وأبنه مشتركات، وأرث كبير مابين الأمس واليوم، نكران الذات، صفة تضيف للإنسان قيمة عليا، عند الذين لا يريدون التكبر والتعالي.