على مر السنوات السابقة رافقت الشعب العراقي المرارات والخيبات وتحديداً مع بدء العملية السياسية في العراق ثم سلوكها طريق التحاصص والتخندق وإيثار الأقارب حزبياً و أسرياً وعشائرياً على الكفاءات والمتخصصين الأباعد طوال هذه السنوات المتعاقبة، حتى أصبحت هذه الحالة ثقافة راسخة في مفهوم المجتمع العراقي، خلافاً للمبدأ السامي المعتمد دائماً من قبل المجتمعات المتحضرة والدول المتقدمة والمتبنى من الجهات التنموية في المؤسسات والمنظمات العالمية والدولية التي تحمله كفرض عين وهو ( الرجل المناسب في المكان المناسب ).
هذه القاعدة الذهبية دائماً ما تأتي بالنتائج المرجوة التي تزرع الثقة والأمل في نفوس المتأملين وتأمن لهم مصداقية إيمانهم بهذا المبدأ الرائد،
مرت علينا وعلى العراق هذه السنوات الطوال ونحن نرى التخبط والتقهقر والانتكاس في غالبية توجهات الدولة على المستوى الداخلي والخارجي،
وكما هو معلوم كانت هناك ردود أفعال إزاء هذا التراجع تميزت بالشدة مرة وباللين مرة أخرى وتمثلت في مطالبات ومظاهرات ومناشدات من أجل تبني الأطر الصحيحة في إختيار المسؤول المناسب بما يحمله من مؤهلات ومواصفات تجعل منه قائداً حقيقياً في ميدانه الزاخراً بالمتعرجات والمنعطفات وعليه إن يثبت لمتابعيه ومراقبيه إنه البطل وأنه أهلا لِما تكفل به،
لم نجد صورة مشرقة وواضحة في عالم العتمة أكثر اشرقاً ووضوحاً من صورة إختيار الدكتور الكبير والأستاذ البارع عبد الأمير الحمداني وزيرا للثقافة والسياحة والآثار فهو المتخصص في أكثر مجال إذ أنه الاثاري المتمرس والأديب الكبير والمواكب في تخصصه الأول حيث أكمل الماجستير والدكتوراه في الولايات المتحدة الأمريكية كما أنه قام بالتدريس في الجامعات الأمريكية فضلاً عن الجامعات الأخرى في دول عربية وأجنبية،
هذا الرجل ربما يكون الرجل الأول ضمن مبدأ (الرجل المناسب في المكان المناسب ) بصورة مطابقة في العراق فليس كافياً إن يكون التخصص وحده يعطي لهذا المبدأ إستحقاقاته الثمينة بل لابد من المؤهلات الأخرى، والصفات اللازمة من صدق وإخلاص وتفان ومعرفة تامة بمجريات المسؤولية ومتابعة لكل شاردة وواردة لآخر الاهتمامات الدولية ضمن إطار التخصص، وما يترتب على ذلك من لقاءات ومؤتمرات وزيارات تصب في ذات الفحوى،
لذا كانت النتائج مبهرة وسريعة فالرجل مازال الوقت مبكراً أمامه في ظن الكثير من أبناء الشعب استناداً على القياسات السابقة لكنه إستطاع أن يقدم إنجازاً كبيراً ومهماً بوقت قياسي، تجلت أهميته في عمقه الحضاري وصداه العالمي وحاجة العراق إلى مثل هذه الإنجازات العظيمة في ظل تراجع تشهده الساحة الداخلية والخارجية،
وهذا الإنجاز هو وضع (آثار بابل) ضمن قائمة التراث العالمي لليونسكو ولا شك إن هذا الإنجاز يترتب عليه الكثير من الميزات منها الحماية الدولية والدعم المادي والإعلامي وبرامج كثيرة تهدف إلى إبراز آثار بابل بما تستحق من مكانة تأريخية وحضارية كما أنه يعيد الأمل والثقة للشعب العراقي المحبط نوعاً ما ببعض قادته ومسؤوليه وعلى رأسهم الأستاذ الحمداني إذ لولا جهوده المشكورة والمباركة لما حصل هذا الإنجاز الكبير في ظل التراجع والتقهقر على أكثر من صعيد.
فله منا ونيابةً عن أبناء شعبنا الأبي كل الثناء والتقدير مشفوعاً بدعواتنا وأمنياتنا إن تحقق على يديه مزيد من الإنجازات والنجاحات خدمةً لبلدنا الحبيب.