هناك مثل غربي قديم يقول “أعطني حظاً وأرمني في البحر”، ومن هذا المثل الغربي الموروث والذي انعكس على واقعنا المرير، فجاءت الصدفة لمن كان متشرداً جائعاً وقحاً صعلوكاً أن يصبح ذا رفعة وصيت والأدهى من ذلك أنه يحكم. مهزلة المهازل حلت بنا ونحن ننتظر، كما انتظرنا سابقاً قبل عام 2003، أن ينتهي حكم الدكتاتورية وانتهى بعد سنوات عجاف، والآن يتكرر السيناريو وندعو الله وصاحب الشأن في العالم الغربي أن تنتهي حقبة اللصوص والخونة.
قد يتصور القارئ أن ما يكتب هو خلاف الواقع، ولكن الواقع أمر واتعس. لا تقول لي إن البلد أزدهر بالمولات والمدن السكنية والملاهي وغيرها، ولا تقول لي أن الواقع الاقتصادي منتعش والمجتمع بعائلاته وأفراده في المطاعم والكافيهات، ولا تقول لي أن التكنولوجيا التي كنا نحلم بها قد توفرت لنا والسيارات الفارهة تتجول في الشوارع أكثر نسبة من البشر!
بل قل الحق لي ولمن غرته الدنيا، هل يوجد عدل؟ هل يوجد نظام؟ هل يوجد واقع صحي جيد؟ هل يوجد تعليم متميز؟ هل توجد سيادة؟
هنا أنا من عليه الإجابة، نعم جميعها توجد ولكن بنسبة ضئيلة جداً جداً، وقد لا يراها الطابور الخامس!
الفساد الذي نخر الدولة والسراق والفاسدون الذين يحكمون والقانون لا يطبق عليهم بل على المواطن الضعيف والفقير… هل هذه عدالة؟ أكيد هنا ألف علامة استفهام تكتب.
أما الآن فأكيد هناك تطور ملموس ولكن التطور مصطنع من السياسيين الذين يحكمون من عام 2003 ولغاية الآن، لماذا لم يكن هناك بناء أو عمران أو حتى استقرار أمني إلا في الوقت الحاضر؟ ولمن يعود الفضل؟ هل لصاحب القرار؟ وفي هذا البلد لا يوجد صاحب قرار وإنما أصحاب قرار متخاصمون دائماً في أوقات ومتحابون في أوقات أخرى وطبعاً هذا عن المصلحة فقط.
لقد رأينا ثلة من بعض الوزراء الذين لبسوا ثياباً أخرى بعد أن كانوا في خانة… أصبح واحدهم يتحدث الفصحى ولو مكشوفة وله شهادة أكيد من دولة… أو من دولة… وهو بالأصل يقرأ ويكتب إن كان كذلك، هذا ليس مقياس حقيقة، فالعمل الجيد هو النتاج المطلوب، فغيرهم في زمان ما، أيضاً كان واحداً بالكاد يتهجى الحرف ولكن كان له سطوة وحضور وإن كانت فاشلة.
أما ممن نراهم في الساحة الآن وخاصة البعض منهم مفضوح جداً، هل يا هذا، أنت برأيك لولا حزبك والصدفة، هل كنت تتوقع أن تأتي لمكان مثل هذا وتحكم شريحة ما؟ الجواب طبعاً لا.
إن العمل الذي تسمونه نجاح هو عملكم ويتوجب عليكم عمله بأفضل الأحوال لما تتقاضونه من أجر مالي لم تحلموا فيه يوماً.
الإعلام والكاميرات والهواتف والصفحات ومواقع… هذه فقاعة مصيرها الفرقعة.
اصحوا وكفاكم تلوناً واصطناعاً، فما لديك الآن ليس بمجهودك بل بمجهود الصدفة التي جعلت منك مسؤولاً… والحليم تكفيه الإشارة.