23 ديسمبر، 2024 1:56 ص

وزارة …للسعادة

وزارة …للسعادة

يكاد يكون الاحساس برتابة الايام وتشابهها شكوى عامة بين الناس ، فالايام تمر وكأنها نسخ مكررة عن بعضها ولاشيء جديد الا الاحداث المغرقة في المأساة والالم والفواجع ..وتتسع دائرة الملل حتى لنظن ان اشكالنا هي ذاتها لاتتغير ..ننظر صباحا الى المرآة ..لاجديد ..وجوهنا هي هي ..معالمنا لم تتغير الا من شعيرات بيضاء تمارس غزوا تدريجيا على شعرنا واحيانا اكتساحا كاملا !!
وعبر مرآة الزمن الماضي ، نطل برؤوسنا لنر ان كان قد توقف الزمن عند نقطة واحدة فنكتشف ان الزمن يتغير لكننا لانشعر به لشدة الملل والاحساس بالرتابة ..
اذن ، المشكلة في رتابة ايامنا ، ورتابة عمرنا تكمن في تحولنا الى مايشبه الانسان الالي فنحن مسجونون داخل انفسنا في قفص نعجز عن الخروج منه ونخشى ان نسعى الى التغيير والتحديات احيانا لئلا يعتبره الاخرون نوعا من البطر فان غيرنا اشكالنا بطر واذا نسفنا اسلوب حياتنا اليومي وسلكنا سبيلا جديدا للتعامل مع الاخرين فهو خروج عن المألوف وان بحثنا عن المغامرة فهو القاء بانفسنا الى التهلكة ..
كيف يمكن ان نحدث تغييرا في حياتنا اذن اكثر من مجرد الشكوى من رتابتها ..وهل يمكن غض الطرف عما يجري حولنا من احداث سياسية ؟ هل نغلق التلفاز ونلغي مواقع التواصل الاجتماعي لنبتعد عن صور القتل والدمار وتصريحات رجال السياسة ؟ هل نسير مطأطأي الرؤوس في الشوارع لكي لانرى تعاسة الاخرين ومتاعبهم وهل نسد آذاننا لكي لانسمع احاديث المسؤولين عن بناء البلد وتغييره واصلاح مواطن الفساد ومحاسبة المسيئين فيه ، هل نكف عن تنشق الهواء لكي لانشم عفن الفساد الذي لوثه ؟…هل نستغني عن حواسنا كلها لكي نعيش في مأمن من الغضب والألم والملل ولكي ننفض عن حياتنا غبار الرتابة ؟… سنفقد حواسنا في هذه الحالة لنحظى بالسعادة فهل يتسق البحث عن السعادة مع فقدان الحواس والتحول الى اجساد خاوية لاترى ولاتسمع ولاتتكلم ؟!
في دولة الامارات العربية المتحدة تم استحداث وزارتين احداهما للسعادة والأخرى للتسامح ..فيما يخصنا ، قد نعتبر ذلك بطرا فكثرة الوزارات ترهق كاهل الدولة وتعزز وجود البطالة المقنعة لدينا ، أما في الامارات ومن يحذو حذوها فسعادة الشعب واشاعة روح التسامح بين ابنائه من اهم اولويات حكومته ويستحق ذلك استحداث وزارات كان اول قرار صدر عنها زيادة رواتب المواطنين ..أية سعادة اكثر من أن يصحو المواطن على احساس جميل بأن الحكومة تشعر بمتاعبه وتسعى لمنحه السعادة ، بينما نصحو يوميا على اخبار الموت والخوف من الآتي
والقرارات الجائرة بتخفيض الرواتب واغلاق ابواب الرزق بوجوه العديدين لاسباب مختلفة ..
لانريد وزارات للسعادة والتسامح فنحن لانريد ان يتهمنا أحد ب(البطر) ..لسنا نطمع في اكثر من تغيير لواقعنا نحو الأفضل ..نريد ان نستعيد احساسنا بالأمان ..بالثقة بالمستقبل ..بالايمان بحكوماتنا وبسعيها الجاد لخدمتنا ..ولأن هذه الرغبات البسيطة مازالت مستحيلة ، سنظل اذن محبوسين في دوائر الرتابة واليأس او نتخلى عن حواسنا تماما فلا نرى ولانسمع ولانتكلم !