سؤالان يدوران في ذهني انبثقا عن محور مهم يتعلق بإعفاء وزير المالية علي الشكري وتكليف صفاء الدين الصافي بالوكالة، وان كان الشق الثاني يهمني اكثر من الاول كون تلك الشخصية تثار حولها الشكوك واكثر ما يميزها الولاء لرئيس الوزراء نوري المالكي، لماذا الصافي؟ ولماذا الان؟.
ففي قراءة بسيطة لميقات ونوعية التغيير، بعيدا عن تصريحات الشكري الذي أكد فيها بانه قدم طلب الاعفاء، لانه قد يدخل بباب المزايدات السياسية ولكون الرجل وزيرا للتخطيط ايضا، الحظ ان ثمة مؤامرة مبيتة تحتاج لموالي موثوق باخلاصه لإدارتها، خصوصا مع قرب الانتخابات، ويستوضح في منتصفها – اي المؤامرة- ظلا كرديا، سنبينه لاحقا.
ان تكون السلطة بيدك فلا يعنيك انتقاد من انتقد، أو مدح من مدح، لانك قوي وبإمكانك ان ترد بقوتك، لذلك يغض الوزير او المسؤول الطرف عن بعض الافعال او يشرعنها احتراما لهذه القوة، اولا، ولان الوزير لا يريد ان تثار الضوضاء حوله ليبقى في نعيمه، اما اذا احسست بان السلطة قد تفرط من بين يديك، فحينها تحتاج لمسح اثار الجرائم التي ارتكبتها، فتتحين الفرصة المناسبة التي تؤهلك لتبييض صفحتك، ولا اعتقد ان هناك انسب من هذا الوقت خصوصا وان الاشهر التي تفصلنا عن الانتخابات باتت معدودة على اصابع اليد الواحدة، أو قد يكون لك مآرب تخشى ان يعرقلها الاخرون لانها مهمة في تحالفاتك المستقبلية، ففي حال اراد رئيس الوزراء كسب ود الاكراد فهذا لا يكون بضمان كما في السابق، لانهم خبروا بنوايا حليفهم وامكانية تلاعبه بالاتفاقيات والعقود المبرمة، كاتفاقية اربيل، والمادة 140 التي منحوا فيها الاكراد ضمانات ولكنهم لم يلمسوا تحقيقها.
هنا يأتي دور الأمين المكبل، الذي يسير ويشترك ويتوافق ويرغب كما رئيس الحكومة تماما، وهو صفاء الدين الصافي، فالرجل لم يوفق بعمله السياسي او الوزاري طوال فترة دخوله العراق، لكنه اثبت ولاؤه وحرصه وتبعيته للمالكي، وهو ما جعله رجل الظل بصورة دائمة، وفوق هذا وذاك فانه مكبل بدعوى قضائية، ترفع بوجهه في حال غرد خارج السرب، كما حصل مع الاقربين جدا بل الملاصقين لرئيس الوزراء ولحزبه وقائمته، وهم كثر.
فالمرحلة القادمة تحالفات ليست بضمانات، بل بصكوك مجيرة لحساب الخصماء واموال تدفع من خزينة الدولة، وفي الوقت ذاته مسح لاثار الجرم في حال وقع فعلا، فضلا عن ترتيب اوراق التعاملات والكشوفات، بعد ان تحرق جميع اوراق اللعب، ولم يعد الظفر بالامنيات متحققا.
اي منصف يراجع التاريخ السياسي القريب لصفاء الدين الصافي لا يجد ما يستحق الاشادة، ولا ما يؤهله لتولي حقيبة المالية، لكنه يلحظ انه خير دافن للاسرار وموال قل نظيره لرئيس الوزراء وحزبه، فلو عدنا لملفات وزارة التجارة، وفساد السوداني واخوته بقضايا فساد تتعلق بالبطاقة التموينية لوجدنا بانه كان لاعبا اساسيا في ترتيب تلك الملفات واتلاف ما تنفع ان تكون دليلا يحترز باثبات التهمة على القيادي في الدعوة عبد الفلاح السوداني، والدور اليوم يكاد يتشابه الى حد بعيد.
اما لماذا ادلى الشكري بتصريحه الذي قال فيه بان الاعفاء جاء برغبته، فلان تكليفه بوزارة المالية جاء بصورة وقتية واعتماده من قبل المالكي فضل ومنة، وهو لا يريد ان يحرق جسور العودة، وربما خضع تصريحه لمساومات وصفقات تثبت بياض وجهه وتجنبه سهام الاتهام التي تجعله يفلس من وزارتي المالية والتخطيط، فإن تخرج نصف منتصر خير من ان لا تخرج.