لم تعد معجزات العالم سبعة كما كانت, فقد أضيفت لها معجزة ثامنة الا وهي أن رابع بلد نفطي في العالم وهو العراق يفتقر ألى الكهرباء, منذ التسعينات ولغاية اليوم! وأسباب العجز عن حل تلك المعضلة مجهولة لحد الآن, وبما أن المشكلة أصبحت مستعصية وأخذت طابعاً تراثياً بعض الشيء, لذلك بات المتحف مكانها الطبيعي للتحول من مجرد أزمة ألى إرث, شاهد على العجز والفشل, لتبقى تلك القضية مثار دهشة العالم أجمع, بلد نفطي بلا كهرباء.
قضية الكهرباء كان من المفترض أن تنهي بعد عام 2003, فالعراق تحول ألى بلد ديمقراطي! فلماذا تحولت أزمة الكهرباء إلى دوامة, تأكل في طريقها الأخضر واليابس؟ ولماذا لم يتمكن أي وزير لغاية اليوم من تحقيق خطوة واحدة في طريق حل مرض الكهرباء المزمن؟ ولماذا تتصارع الكتل السياسية ليحظى أحد مرشحيها بمنصب وزير الكهرباء؟
صفقات مشبوهة, وفساد أداري وعقود وهمية, وعقول غلبت الشيطان في التخطيط للحصول على الربح, من تلك الوزارة التي تحولت ألى بئر نفطي يغرف منه الوزير وحاشيته والكتلة التي رشحته, هذا هو سبب استفحال مرض الكهرباء القاتل, لمن يبحث عن أجابة.
فالمافيات التي تسللت الى الوزارة منذ عام 2003 ولغاية الآن هي من تحرك قطع الشطرنج من وراء الستار, ولم يسع أي وزير على أجراء تغيير في تلك الوجوه, لغاية معلنة لم تعد حبيسة في نفس يعقوب, بل يعرفها القاصي والدني, فكل المجاري والمنابع تصب في نهر واحد.
الغريب في الأمر أن الوزير مهما كانت صفته, ومهما كان دينه ومذهبه, شيعيا كان أم سنيا, يسير على خطى من سبقه, بوتيرة واحدة وتتابع متقن, فهو لا يغير شيئاً واحد من الأرث الملعون الذي وصل أليه.
نفس الفشل ونفس الأعذار, ونفس المحافظات المظلومة, البصرة صاحبة نسبة ال 85% من صادرت نفط العراق, الضحية الأبرز لحراب وزراء الكهرباء المتشابهين في الفعل والمضمون وأن أختلفت وجوهم.
النعجة دوللي أحد أهم منجزات الطب, في حقبة التسعينات, فقد نجح الغرب في أستنساخ النعاج, عن طريق التحكم بالهندسة الوراثية, ليتمكنوا بعد ذلك من أستنساخ البشر, بينما نجح العراق بأستساخ وزراء للكهرباء, بنفس وتيرة الفشل والإخفاق, حتى الشبه بينهم فاق الشبه بين النعجة دوللي ونسختها.