تكررت إعتداءات مراجعي المستشفيات على الأطباء داخل المستشفيات بصورة لافتة للنظر و بشكل يومي و شملت الإعتداءات على أبنية المستشفيات و الأجهزة الطبية الموجودة فيها، و بعض من هذه الإعتداءات أخذت طريقها للنشر على مواقع التواصل الإجتماعي و ما لم ينشر فحدث و لا حرج. من الواجبات القانونية على إدارات المستشفيات تجريم المعتدين و إحالتهم للقضاء إلاّ إنها لا تفعل ذلك.
لقد وجد الأطباء أنفسهم في وضع مزري لا يحسد عليه لذلك قرروا الإضراب عن العمل للمطالبة بالحماية من هذه الإعتداءات، لكن وزارة الصحة بدلاً من أن تستجيب لمطاليبهم القانونية بأن تؤدي واجبها القانوني بحمايتهم قامت بتهديدهم بإحالتهم للقضاء بتهمة المادة 364 من قانون العقوبات رقم 111 لسنة 1969 “1- يعاقب بالحبس مدة لا تزيد على سنتين و بغرامة لا تقل عن (200001) مئتي ألف دينار و واحد و لا تزيد عن (1000000) مليون دينار أو بإحدى هاتين العقوبتين كل موظف أو مكلف بخدمة عامة ترك عمله و لو بصورة الإستقالة أو إمتنع عمداً عن واجب من واجبات وظيفته أو عمله متى كان من شأن الترك أو الإمتناع أن يجعل حياة الناس أو صحتهم أو أمنهم في خطر أو كان من شأن ذلك أن يحدث إضطرابا أو فتنة بين الناس أو إذا عطل مرفقاً عاماً. 2- و يعتبر ظرفاً مشدداً إذا وقع الفعل من ثلاثة أشخاص أو أكثر و كانوا متفقين على ذلك أو مبتغين منه تحقيق غرض مشترك”.
لقد كان على وزارة الصحة قبل أن تهدد الأطباء بالعقوبات أن تقوم بواجبها القانوني بتجريم المعتدين على الأطباء وفق المادة 229 من قانون العقوبات رقم 111 لسنة 1969 “يعاقب بالحبس كل من أهان أو هدد موظفاً أو أي شخص مكلف بخدمة عامة أو مجلساً أو هيئة رسمية أو محكمة قضائية أو إدارية أثناء تأدية واجباتهم أو بسبب ذلك”، و وفق المادة 230 من القانون أعلاه “يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن سنة كل من إعتدى على موظف أو أي مكلف بخدمة عامة أو مجلس أو هيئة رسمية أو محكمة قضائية أو إدارية أثناء تأدية واجباتهم أو بسبب ذلك. و تكون العقوبة الحبس مدة لا تقل عن سنتين إذا حصل مع الإعتداء و المقاومة جرح أو أذى. و تكون العقوبة الحبس مدة لا تقل عن سنتين إذا حصل مع الإعتداء و المقاومة جرح أو أذى، و تكون العقوبة السجن مدة لا تزيد على سبع سنوات أو الحبس مدة لا تقل عن ثلاث سنوات إذا وقع الجرح أو الأذى على قاض أو من هو بدرجة مدير عام فأكثر أثناء تأدية وظيفته أو بسببها. و لا يخل ما تقدم بتوقيع أية عقوبة أشد يقررها القانون للجرح أو الإيذاء”، و وفق المادة 232 من قانون العقوبات يعتبر ظرفاً مشدداً في إرتكاب الجرائم المبينة في المواد 229 و230 أعلاه “أ – اذا أرتكب الجريمة مع سبق الإصرار. ب – إذا أرتكب الجريمة خمسة أشخاص فأكثر. ج – إذا أرتكب الجريمة شخص يحمل سلاحاً ظاهراً”.
وفق المادة 39 من قانون أصول المحاكمات الجزائية رقم 23 لسنة 1971 يعتبر مدير المستشفى من أعضاء الضبط القضائي في جهة إختصاصه، و واجبات أعضاء الضبط القضائي وفق المادة 41 من قانون أصول المحاكمات الجزائية “أعضاء الضبط القضائي مكلفون في جھات إختصاصھم بالتحري عن الجرائم و قبول الإخبارات و الشكاوى التي ترد إلیھم بشأنھا و علیھم تقدیم المساعدة لحكام التحقیق و المحققین و ضباط الشرطة و مفوضیھا و تزویدھم بما یصل إلیھم من المعلومات عن الجرائم و ضبط مرتكبیھا و تسلیمھم إلى السلطات المختصة، و علیھم أن یثبتوا جمیع الإجراءات التي یقومون بھا في محاضر موقعة منھم و من الحاضرین یبین فیھا الوقت الذي أتخذت فیه الإجراءات و مكانھا و یرسلوا الإخبارات و الشكاوى و المحاضر و الاوراق الأخرى و المواد المضبوطة إلى قاضي التحقیق فوراً”.
إن تغاضي وزارة الصحة عن واجبها القانوني بحماية الأطباء من الإعتداءات و تهديدهم بالعقوبات ساهم بشكل كبير بتدهور الواقع الصحي في البلاد و إذا إستمر الحال على ما هو عليه فسيكون القادم أسوأ.