يستوجب وضع خطة زراعية في العراق للمستقبل البعيد عملية شاقة ومعقّدة ، ويتطلب معرفة إستراتيجية الدولة العامة لنتمكن من تحديد الإستراتيجية الزراعية من ضمنها دعم وتنمية المشاريع الزراعية . ولكن إستراتيجية الدولة العامة الجديدة لمجموعة القطاعات الإقتصادية والزراعية والسياحية لم تظهر بعد خاصة بعد هبوط اسعار النفط . لذلك فإننا محكومون بالاهتمام بالإستراتيجية الزراعية على أساس إستراتيجية الدولة القديمة ، و مازالت وزارة الزرعة توعد ولا توفي في توفير المستلزمات الزراعية وسد احتياجات المزراعين والفلاحين ومربي الدواجن والابقار والاسماك وغيرهم ، لقد صرفت الوزارة مبالغ خيالية لو استغلت بالشكل الصحيح لوفرت العديد من الاراضي و المحاصيل والاستثمارات الزراعية بشتى المجالات وكان الاولى على القائمين على المبادرة الزراعية الاهتمام بهذه العوامل ، ومنها الفقـر وتدني مستـوى الخدمات الحياتية, الرعي الجائر, قطع وحرق الغابات (في المناطق الجبلية منها) وخاصة في ضل المعارك مع تنظيم داعش الارهابي , الإفراط في استغلال الأراضي, الاستعمال العشوائي للمبيدات والأسمدة الزراعية (تلوث, تملّح), سوء إدارة المياه وأساليب الري الخاطئة وتهدّم في المناطق الجبلية. وحتى في الجنوب مازالت الزراعة تعاني الفقر ونقص الدعم وفي البصرة (ضياع الاراضي واستغلال الكويت للاستحواذ على المزارع ), الفـقر وتدني مستـوى الخدمـات والاتجاه نحو عسكرة المجتمع , الرعي الجائر, الإفراط في استغلال الأراضي الزراعية والهامشية, الاستعمال العشوائي للمبيدات والأسمدة, سوء إدارة المياه وأساليب الري الخاطئة, والتوسع العمراني على حساب الأراضي الزراعية وحتى شركات استخراج النفط شفطت الاراضي الزراعية . المناطق الجبلية العالية الفقر وتدني مستوى الخدمات, انحسار الإنتاج (بسبب الحرائق والقطع), الرعي الجائر, المقالع والكسارات, سوء إدارة الأراضي الزراعية, النزوح والهجرة, بسبب الارهاب المعارك العسكرية والألغام, الاستعمال العشوائي للمبيدات والأسمدة الزراعية.
وقد أشاعت الوزارة ومكتب رئيس الوزراء السابق ، مايسمى المبادارة الزراعية وتم انفاق مبالغ أضافية ولا نعلم اين صرفت واين استثمرت تلك المبالغ والكل يشكو الفلاح والمزراع ومربي الابقار والدواجن والأسماك فضلا عن ازدياد أراضي التصحر وأصبحت مشكلة تسبب الفقر والنزوح والهجرة في أكثر من محافظة كانت منتجة سابقا ، وحتى معامل الاسمدة احتلت من قبل تنظيم داعش وانعكس ذلك على قوت المواطن الذي يذهب الى الاسواق ويرى كل شئ مستورد من البصل الى البرتقال مرورا باالاسماك والدجاج واللحوم الهندية الملوثة ، لا نعلم اين وزارة الزراعة ومستشاريها وكادرها نرى المنتجات والمحاصيل الزراعية المحلية في المعارض والفولدارات الدعائية ، وتختفي من الاسواق ، هل ان الوزارة اعتادت على زراعة الوهم وغرس شتلات الكلاوات… ؟؟ اسوة بوزارت الكهرباء والتجارة والتربية وغيرهم من الوزارات التي وعدت بتوفير شتى احتياجات المواطن وحسب اختصاص تلك الوزارات ولكن حبراعلى ورق وللتسويق الاعلامي فقط . وتبقى المنتوجات الزراعية والحيوانية السامة تستورد وتفتك بصحة المواطن و بالاقتصاد العراقي وتضر المنتوج الوطني ، ولكن لقد أسمعت لو ناديت حيا ولكن لا حياة لمن تنادي !، وحتى المناطق الريفية مهملة وتعاني الحرمان وخالية من عوامل التنمية على الرغم من وجود الثروات فيها وتنوع المحاصيل الزراعية والحيوانية ويمكن ان تسهم بالارتقاء بالواقع الزراعي والحيواني والحفاظ على الامن الغذائي للبلاد لكن تلك الأمنيات تبدو صعبة المنال وهذا معمول به في شتى دول العالم التي تهتم بدعم الاقتصاد والتنمية ، ادهشني خبر تناولته وسائل الاعلام وهو يشير الى اختفاء او اختلاس مبلغ مالي قدره( 225) مليار دينار مخصصة لشراء اسمدة شتوية ، نتمنى ان لا تكون في الوزارة بعض اللصوص من بقايا الخماطة والحرامية الذين ضيعوا اموال المبادرة الزراعية، المشكلة ان الاسمدة (اكسباير) منتهية الصلاحية وعلى اساس توزع الى الفلاحين وقد تضمنت تلك الصفقة كثير من شبهات الفساد ومن خلال استضافة البرلمان مدير عام التجهيزات الزراعية بوزارة الزراعة وهناك كثير من المشاريع الزراعية اهدرت الاموال المخصصة لها ولم يستفيد منها الفلاح والمزراع ، واقل مشروع لدى الوزارة هو توزيع الاسمدة ولكن لا وجود للاسمدة ولم توزع ، نتمنى ان تحقق هيئة النزاهة بهذه القضية وتظهر كافة الحقائق الى الاعلام لكي يتم المحافظة على المال العام وكشف المفسدين وردع من تسول له نفسه نهب ثروات الشعب وقد قرات لاحد الصحفيين تلك السطور اذ كتب متسائلا ؟ متى ( تحاكم لصوص الترليون ولصوص النفط والاثار واخرون سرقوا ارواحنا واعمارنا وجعلونا لجهل قيادتهم وقلة خبرتهم وعنجهية حاشيتهم وصراعاتهم ندور مثل ثيران النواعير في وطن لم تعد ملكيته لا للثور ولا لاهل الدار بل للوافدين والغزاة من حملة مختلف الجنسيات…! )
ان مشاكل وزارة الزراعة كثيرة ويعاني منها الفلاح والمستهلك والمفارقة ان حتى المحصول المحلي اسعارة ملتهبة وخاصة التمور واللحوم بأنواعها ، وعلى الرغم من انها طازجة وفيها فائدة وقيمة غذائية عالية لكن اسعارها تنظف الجيب وتحرمك متعة التسوق ومشاهدة الوان الخضروات والفواكه الزاهية ، وهناك بعض الفقرات التي توفرها الوزارة للمزراعين والفلاحين ولكن لم يتم المتابعة والتقييم لهذه المشاريع الصغيرة ويقوم بعض الفلاحين ببيع السيارات التي تعطى لهم وفق مبدأ المفاضلة ، او بيع الاعلاف ، والمرواغة في استلام المنحه المالية لغرض انشاء حقول الابقار ، بينما اهملت الوزارة قطاع الدواجن بالكامل وحتى صيد الاسماك انتشر عن طريق السموم او الصعق الكهربائي ويتم الصيد اوقات تكاثر الاسماك مما سبب نقص في الثروة السمكية وعدم الاهتمام بها. وبالمقابل، فاننا نركّز على ضرورة احداث ثورة كاملة في تركيبة انتاجنا الزراعي من خلال إدارة حديثة للأراضي الزراعية، وتغيير الاصناف المزروعة، وتحسين النوعية وتخفيض الكلفة، ليتمكّن هذا الانتاج من مواجهة المستجدات الحالية والمتوقّعة، سواء في علاقته مع الاسواق العالمية او مع المعطيات الاقليمية الناتجة عن الحلول الشرق اوسطية التي قد تفرض على العراق أو عن المعاهدات المتوسطية والعربية ولا سيما تلك الخاصة بعلاقات العراق المميزة مع سوريا وايران والاردن … اان طاقة التأقلم العراقي مع هذه المستجدات، على ضراوتها، متوفرة في ديناميكية شعبنا في مختلف القطاعات، بما فيها القطاع الزراعي ولكنها تفرض، ولهذا القطاع بالذات، عطفاً حكومياً خاصاً ودعماً في أكثر من جانب، ريثما تكون الاحداث السياسية والاقتصادية قد أخذت مسارها النهائي وتمكّن هذا القطاع الفقير اصلاً من التقاط أنفاسه ليحافظ في هذه المرحلة الانتقالية – بالأقل – على أمنه الغذائي ودخله الزراعي الفردي، ووضعه البيئي وريفه الآخذ بالقفز على ان نعمل بالجدية والمسؤولية الكاملتين على ابقاء المزارعين في قراهم ومناطقهم الفقيرة على اعتبارهم سدَنَةَ الطبيعة التي لا بدّ منها للمحافظة على التراب والتراث والثروة وخاصة بعد طرد الغزاة الدواعش …
ذلك ان وطنا بدون زراعة وبدون ريف، هو وطن مصطنع وموقت ومعرّض للمجاعة والتوتر والاضطراب والهجرة ولأطماع الاعداء والمتربصين… المطلوب وقفة ومراجعة سريعة لكي يتم تحقيق هذا الهدف سيتطلب الأخذ باستراتيجيات متكاملة طويلة الأجل تركز في آن واحد, على تحسين إنتاجية الأراضي, وإعادة تأهيلها, وحفظ الموارد الطبيعية, وإدارتها إدارة مستدامة, مما يؤدي الى تحسين أحوال المعيشة, لا سيما على مستوى المجتمعات المحلية والاعتماد على الموارد البشرية ذات الكفاءة والخبرة للنهوض بالواقع الزراعي وتنميته
*[email protected]