أود الاشارة بداية بأن مقالنا هذا هو الاول في سلسلة مقالات تشمل كافة الوزارات العراقية وذلك بهدف نقد الممارسات الادارية البيروقراطية فيها .
الادارات العراقية في مختلف الوزارات العراقية حاولت خلال السنوات الاخيرة وضع اساليب جديدة في العمل الاداري بهدف التصدي لواقع الفساد الاداري الا انه ومع كل الاسف فان الكثير من الاساليب الجديدة اصبحت هي بحد ذاتها احدى ظواهر الفساد الاداري نظرا لقصور الخبرة الادارية في معظم مفاصل الدولة العراقية بعد 2003.
القنصليات العراقية في دول العالم كانت طيلة عقود سابقة تمنح المغترب العراقي شهادة كونه على قيد الحياة سنويا في حال حاجته اليها لاتمام معاملات عديدة كمعاملة استلام الراتب التقاعدي او معاملة بيع الممتلكات الخاصة داخل العراق.
الملاحظ ان القنصليات العراقية بدأت منذ سنوات عديدة بـ ( تعقيد ) مهمة حصول المغترب العراقي على ( شهادة الحياة ) وذلك تحت مبررات محاربة الفساد .
محاربة الفساد في نظر الادارات العراقية القاصرة هو :
ليس في مكننة عمل الدولة للحد من عمليات الاحتيال بل في ( زيادة ) الاعباء الورقية والمادية على المواطن !!
فتارة تشترط القنصليات عمرا للهويات الثبوتية للمغترب العراقي ( دون سند قانوني رصين ) وتارة تقوم القنصليات بتضمين استمارة ( شهادة الحياة ) بالعديد من الاسئلة التي لا علاقة لها بموضوع الحياة والموت !!
واخيرا قامت القنصليات العراقية بابتكار نموذج ( شهادة حياة ) خاص لاغراض التقاعد ، و( شهادة حياة ) خاصة لاغراض بيع الممتلكات ، ولا ادري ما السر في هذا الابداع الغير منطقي في الفصل بين ( شهادة الحياة ) !
وفوق كل هذا ، واصلت القنصليات العراقية ابتكاراتها المدهشة ضد ( الفساد ) في السنوات الثلاث الاخيرة دون حسيب او رقيب وذلك باجبار المغترب العراقي على ارفاق نسخة مصورة من ( هوية التقاعد ) مع طلب الحصول على ( شهادة الحياة ) الخاصة فقط ( للتقاعد ) اضافة الى النسخ المصورة من الهويات الثبوتية والى ( الصور) الشخصية سنويا ، ولا ادري ما الحكمة في مطالبة المغترب بارفاق نسخة من هوية تقاعده سنويا ، فهل هو زيادة الاعباء والكلفة على المسن العراقي ام هو زيادة الاوراق في مكاتب القنصليات ام هو ( ابداع اداري وعلمي ) ضد الفاسدين !!
كل هذه التعقيدات الادارية تتواصل وتتضخم في القنصليات العراقية في وقت كنا نتمنى بدل ذلك مثلا ان تقوم القنصليات العراقية بابتكار نظام يحصر تقديم النسخ المصورة من الهويات الثبوتية للمغترب العراقي لمرة واحدة مع قيام القنصليات باجراء ( صورة شخصية سنوية الكترونية ) للمغترب بدلا من مطالبته سنويا بجلب صور ورقية ، كما كنا نتمنى ان تقوم القنصليات وبالتعاون مع وزارات الدولة العراقية بابتكار نظام الكتروني يضمن وصول اشارة بالانترنيت الى كافة الوزارات العراقية تؤشر كون المغترب العراقي على قيد الحياة في حالة رغبة المغترب في ذلك بدلا من البقاء على اسلوب المراسلات الورقية التي تلقى باعباءها على رقاب المغترب وما تتطلبه تلك الاوراق من تصديقها من الدائرة القنصلية داخل العراق قبل استخدامها ، مثلما كنا نتمنى ايجاد نظام سيطرة الكتروني يلغي الحاجة الى تصديق الكتب الصادرة من القنصليات العراقية وذلك لتخيف العبأ على العراقي وكذا تخفيف العبأ على دائرة التصديقات في داخل العراق !
الظاهر ان محاربة الفساد في القنصليات العراقية يتلخص في ( زيادة ) مطالبة المغترب بالمزيد والمزيد من ( الرسوم المالية ) والمزيد من ( الصور الورقية ) والمزيد من ( الاستنساخات ) !
نحن بانتظار اجابة وزارة الخارجية .. مع التقدير !
كاتب وباحث اجتماعي عراقي