قابلت في الخامس والعشرين من شهر كانون الاول عام 2014 السيد فرياد راوندزي وزير الثقافة بحضور السيدين حميد فرج المدير العام لدائرة الشؤون الثقافية و رعد علاوي “المدير العام لدائرة الشؤون الادارية والمالية” بالوزارة في اطار مقابلته لعدد من موظفي الوزارة والمثقفين ولمناسبة احالتي على التقاعد لبلوغي السن القانوني بعد خدمة امتدت لاكثر من 45 عاماً في دوائر الوزارة … وقد عرضت عليه عدداً من المقترحات و الافكار في مسار مناقشته تنشيط اداء الوزارة وتفعيل برامجها بالاتجاه الذي ينسجم مع المهام الملقاة على عاتقها .
ومن بين ما عرضته امام الحضور ضرورة واهمية تشكيل المجلس الاعلى للثقافة والفنون والاداب في العراق شأنه شأن بلدان العالم المتحضرة الاخرى وبأعتبار بلدنا رائداً في نهوضه الثقافي وفي رفده الانسانية بمختلف المعارف الثقافية والفنون المختلفة … والذي تعذر تشكيله لسنوات طوال ولحد الان
استمع الوزير الى ملاحظاتي مع الحضور وجرت مناقشة مستفيضة لهذا الموضوع وتعكز الوزير في معرض تبريراته على ان عدم توفير التخصيصات المالية وعدم وضوح الرؤية تقف عاتقاً امام تشكيل هذا المجلس بالوقت الحاضر وعرضت في اطار المناقشة الاستفادة من تجربة البلدان العربية والاجنبية التي شكلت المجلس لتنشيط ادائها الثقافي ودراسة القوانين التي شرعتها واهمية ان يبادر المستشار القانوني الى تشكيل فريق عمل يأخذ على عاتقه البدء بكتابة مسودة مشروع قانون المجلس وهيكلية مؤسساته لغرض اغنائه بالمناقشات مع الاوساط والشخصيات الثقافية ولجنة الثقافة والاعلام البرلمانية ليكون شاملاً وغنياً تمهيداً لعرضه على مجلسي الوزراء والنواب .
مرت ثلاث سنوات بأكملها والوزير و وزارته حسب علمي لم تحرك ساكناً ولم تكتب دوائرها المعنية سطراً واحداً او تخطو خطوة تمهد الارضية المناسبة للبدء بالاجراءات الاولية نحو تشكيل المجلس … ولا نعرف التبريرات التي ستكون غير مقنعة حتماً … واعتقد جازماً انه لم يطلع على القوانين النافذة للدول المجاورة بالرغم من سفراته المتعددة وجولاته في دول المشرق والمغرب التي تجاوزت الحدود مع انه يشكو من قلة التخصيصات المالية لوزارته والتي لم تثمر بدورها في انضاج فكرة تشكيل هذا المجلس والبدء بخطواته العملية الفاعلة لانجاز صيغته القانونية والتشريعية .
السيد وزير الثقافة … العالم المتحضر يستغل عامل الزمن ويسابقه لتطوير قدراته وانت في هذا الموضوع لم تتعامل معه بفعالية للنهوض بقدرات وزارتك ولم تسع حتى الى تشكيل هيئة رأي موسعة من المثقفين و الصحفيين والادباء والفنانين واساتذة الجامعات تأخذ على عاتقها مساعدة وزارتك في رسم برنامجها ورفدها بالافكار والمقترحات بعد ان اضحت حركتها وانشطتها غير فاعلة و مؤثرة بسبب غياب المنهج الواضح والبرنامج العملي لفعالياتها الثقافية السنوية …
وارى ان فترة استيزارك يا سيادة الوزير قد اوشكت مدتها على الانتهاء مع شهور السنة المقبلة وعليك استغلالها بالبدء فوراً في انجاز هذه المهمة الثقافية الكبيرة التي ستسجل في تاريخك السياسي والوظيفي وللعاملين بمعيتك واذكرك بما وعدت بأن هذا الامر سيكون مثار اهتمامك بأنبثاق تشكيلات المجلس الاعلى للثقافة والفنون والاداب ومباشرة مهامها الثقافية الذي لا يجوز اطلاقاً ان يغيب تشكيله عن العراق بلد الثقافة والحضارات.