لم تشهد وزارة التعليم العالي والبحث العلمي قفزات نوعية في جميع النشاطات التي تضطلع بها كما تشهدها ألان ، ولعل السبب الحقيقي في هذا التطور المضطرد يعود بالأساس إلى الاستيراتيجية التي اعتمدتها الوزارة منذ استيزار الأستاذ على الاديب لها .
فمنذ الأشهر الأولى لتسلم السيد الاديب لمنصبه حدث تغيرات جذرية في قيمية وأهمية الانجازات التي حققتها الوزارة بفترة تعد وفق القياسات الطبيعية انجازات نوعية كبيرة وفريدة .
وأنا هنا لست بصدد كيل المديح للسيد الوزير أو الوزارة وان كانوا يستحقون ذلك لأنه ليس من المنطق أن نُحسب وطنيون وشرفاء عندما نُظهر تلكؤ وعيوب الآخرين ونتهم بالتملق والمحاباة عندما نشيد بالانجازات والتطورات التي يقوم بها هذا المسؤول أو تلك الوزارة لان الإنصاف والحق يوّجب علينا الإشارة للحالتين النجاح والإخفاق .
وعلى هذا الأساس ومن خلال متابعتي لمسيرة التعليم العالي والبحث العلمي منذ أستيزارها من قبل السيد الاديب وعلى ضوء ما مؤشر من انجازات تحققت على ارض الواقع وليست بالإعلام فقط أجد من الضروري أن نقف وقفة احترام وتقدير لكل الجهود التي بذلتها وما زالت هذه الوزارة من اجل الارتقاء بالتعليم العالي وجعله منافسا قويا للتعليم في الدول المتقدمة .
ومما لاشك فيه إن وزارة التعليم العالي والبحث العلمي تعد من أهم واخطر الوزارات لكونها الوزارة التي تملك مفاتيح التقدم والنمو للبلد ، وهي من يملك أسرار صناعة العلماء والمفكرين والمبدعين ، شريطة أن يكون من يقود هذه الوزارة هم أناس تتوفر فيهم صفتين أساسيتين هما تقدير العلم والعلماء والغيرة الوطنية .
ولتأكيد ما تناولناه من حديث حول نجاح السيد على الاديب في تطوير التعليم العالي والبحث العلمي يجب علينا أن نتتبع خطوات التطور في التعليم العالي كمرحلة أولى ونعقبها كمرحلة ثانية بتتبع التطورات التي شهدها البحث العلمي .
وأنا هنا سأتناول المرحلة الثانية فقط لأني أجد إن المرحلة الأولى ( تطور التعليم العالي ) قد تم تناوله في أكثر من مناسبة على الرغم من عدم تغطيتها بشكل كامل ولكني سأعود إليها بكتابات أخرى .
فيما أجد إن موضوع تطور البحث العلمي وهو احد الجوانب الحساسة والمهمة في عملية التعليم العالي لم ينل نصيبه الكافي من الاهتمام خصوصا في وسائل الإعلام المحلية على العكس من الإعلام الخارجي الذي كان مصدر متابعة واهتمام لأخبار وانجازات علمائنا ومبدعينا .
في حين نرى وسائلنا الإعلامية تهتم بخبر انفجار عبوة أو وفاة فنانة أجنبية أكثر من اهتمامها بانجاز علمي أو إبداع فكري لمواطن عراقي وهذا الأمر هو نتاج سياسة التجاهل المقصود والمتعمد لبعض المؤسسات الإعلامية التي تعمل وفق أجندات غير وطنية للأسف الشديد .
ولا نبالغ القول إذا ما قلنا إن موضوع البحث العلمي قد حظي باهتمام خاص من لدن وزير التعليم العالي بصورة جعلته يسابق الزمن لرعاية هذا الموضوع المهم والحيوي يساعده في ذلك فريق من الأساتذة الأكفاء في كافة التخصصات يرافقها تغطية إعلامية متميزة يضطلع بها مسؤول إعلام الوزارة بشكل احترافي رائع .
ولكن ما يحسب لوزير التعليم العالي وفريق عمله في الوزارة إنهم استطاعوا وبفترة قياسية من تحقيق انجازات في مجال البحث العلمي عبر توفير كافة المستلزمات البحثية والحقلية من مواد وأجهزة ومعدات وبرمجيات لبناء البنى التحتية البحثية وبناء القدرات التي تساعد الباحث في تكملة أبحاثة وتحقيق الانجازات العلمية والفكرية التي تسجل كحالة إبداع تدعونا للفخر بها .
ولعلنا يمكن الاستدلال على حجم الدعم الذي قدمته الوزارة للباحثين من خلال تبنيها لعدد من المشاريع البحثية مثل :-
– مشروع دعم بحوث طلبة الدراسات العليا في داخل العراق وخارجه وتطوير الملاكات التدريسية:
وهو مشروع ثلاثي الأهداف، يهدف الى:-
أولا : إرسال الملاكات التدريسية خارج العراق لتطوير قدراتهم وتقليل الفجوة العلمية بين العراق والخارج.
وثانيا: تغطية حاجة طلبة الدراسات العليا في مرحلة البحث وخاصة البحوث التطبيقية التي تحتاج إلى دعم مادي من خلال توفير الأجهزة المختبرية أو تصليح البعض منها أو تصنيع بعض الأدوات الاحتياطية لها،
وثالثا : إرسال طلبة الماجستير والدكتوراه في مرحلة البحث مع مشرفيهم العراقيين الى خارج العراق لإكمال بحوثهم التي تتطلب تقنيات متقدمة جداً وموجودة في بلدان محدودة، حيث تم صرف (1122) مليون دينار في عام 2012 مرتفعا بمقدار (131%) عن العام 2010 والذي صرف فيه (486) مليون دينار.
– مشروع تنفيذ المشاريع البحثية للكوادر التدريسية في وزارة التعليم العالي لدعم حركة البحث العلمي وبناء القدرات العلمية في الأقسام العلمية والمراكز والوحدات البحثية من خلال توفير المستلزمات البحثية والحقلية وبناء البنى التحتية لبعض التخصصات المهمة والحديثة، حيث تم صرف ما يقارب من (61) مليون في عام 2010 و (260) مليون في 2011 و (465) مليون في 2012.
– مشروع بحوث الأدوية و المبيدات:
يهدف إلى اكتشاف سر المعرفة لبعض الأدوية والمبيدات واستخدامها في علاج بعض الأمراض أو مكافحة الآفات المسببة في انخفاض إنتاجية المحاصيل الزراعية، وتم صرف ما يقارب من (79) مليون دينار في العام 2012 بارتفاع مقداره (259%) عن العام 2010 الذي صرف فيه (22) مليون دينار.
– مشروع النباتات الطبية والأدوية العشبية:
مشروع بحثي ريادي يهدف لإيجاد بدائل نباتية لأدوية كيميائية ذات اثر سمي على الجسم ولتقليل كلفة استيراد الأدوية من الدول المتقدمة وتفعيل دور الباحثين في هذا المجال وزيادة القدرة العلمية لهم، وكان ما تم صرفه في عام 2012 هو (78) مليون دينار بارتفاع مقداره (70%) عن العام 2010.
كما شهدت أعداد المراكز البحثية زيادة كبيرة في العام الدراسي (2011-2012) بمقدار (35%) والوحدات البحثية بمقدار (9%) عن سنة الأساس (2009/2010) .
ومن المعروف إن المراكز والوحدات البحثية لها نشاط علمي حيوي في تشجيع البحث العلمي إذ تقدم خدمات بحثية وعلمية في المجالات العلمية والإنسانية كافة وتطور قنوات اتصال مع المؤسسات والوزارات ذات العلاقة.
كما أشرت الوقائع على الأرض ارتفاعا في عدد المؤتمرات العلمية بزيادة قدرها (45%) في عام 2012 عن سنة الأساس 2010، بينما ارتفعت عدد الندوات في عام 2012 بمقدار (43%) عن 2010 ، وهذا مؤشر على زيادة الأنشطة العلمية للجامعات والحركة البحثية .
وهذا غيض من فيض انجازات وزارة التعليم العالي والبحث العلمي التي يجب أن نقف أمامها بكل تقدير لا أن نتجاهلها لان وزيرها من الكتلة الفلانية ولا يعجب البعض منهم.
وهذه الانجازات قد لا تروق للبعض من الذين أعمت الحقيقة بصائرهم وبصيرتهم ولكنها ستبقى تؤشر لجيل من العلماء والمبدعين يحظى باحترام العالم كله لأنها انجازات سابقت الزمن المقرر لها .