25 ديسمبر، 2024 5:42 م

وزارة التربية..وإسطوانة بيع الدرجات الوظيفية!!

وزارة التربية..وإسطوانة بيع الدرجات الوظيفية!!

ربما لم تتعرض وزارة الى إتهامات (خطيرة) مثلما تعرضت له وزارة التربية هذا العام 2016 ، وقادت هذه الحملة بعض الفضائيات ونواب يبحثون عن منحهم درجات وظيفية لأقرانهم وجماعتهم،وهم أنفسهم من يتهمون ببيع الدرجات الوظيفية من خلال موظفيهم ، الى أؤلياء الطلبة الذين لم يجدوا سوى هذه الوسيلة (دفع المبالغ الباهضة ) الطريق الامثل والمضمون للحصول على (وظيفة) لأبنائهم وبناتهم!!
وبصريح العبارة ، فأن الأمر الصادر عن أمانة مجلس الوزراء بحرمان وزارة التربية ووزيرها على وجه التحديد من التدخل في توزيع الدرجات الوظيفية للتربية على مديريات التربية ووفقا لما تراه هي مناسبا لملاكاتها وحاجة مناطق بغداد واطرافها ، و(حصر) التعيين بمديريات التربية هو من فاقم من أزمة تلك الظاهرة الخطيرة ، وزاد من حالات بيع الدرجات الوظيفية ، وليس وزارة التربية التي لم تتدخل هذه المرة لايقاف مظاهر من هذا النوع ، كونها اصبحت خارج صلاحياتها ، بعد ان أوكلت المهمة لمديريات التربية، التي سيطر عليها النواب والجهات الحزبية لفرض املاءاتها عليهم،وبقيت تلك المديريات هي وسيلة التلاعب بمقدرات الاجيال الكثيرة من الخريجين وبخاصة من معاهد المعلمين والمعلمات ومن ذوي الدرجات العليا ، وهم أنفسهم من تم حرمانهم من الحصول على وظائف، لأن الاحزاب السياسية ونوابها هي من تلهث وراء فرض الامر الواقع وتخصيص الوظائف لجماعتها ، وبعضا منها باعت الوظائف بدفاتر يسيل لها اللعاب، كما يشاع!!
منذ ست سنوات واحدى بناتي خريجة معهد معلمات لغة عربية  ومعدلها 86 تتقدم الى تربية الكرخ الثانية دون جدوى، حتى انني شكوت حالها الى السيد وزير التربية عبر مقال ، وقال الرجل في وقتها إن الامور خرجت عن سيطرة الوزارة ، بعد ان تم حرمانها من هذا الحق من قبل أمانة مجلس الوزراء ، وتركت لمديريات التربية المهمة بأكملها هي من تختار، بعد ان تم (تخصيص) عدد من الدرجات الوظيفية لكل منها من قبل الوزارة ، حتى (تخلص) وزارة التربية من (تهمة) تسلم رشاوى ، حسبما إتهمتها جهات متنفذة ، اتخذت من ( التهديد) وسيلة لها عن طريق شن حملات (تسقيط) دعائية  ضد وزير التربية، مستنغلة ازمة تأخر توزيع الكتب المدرسية لشن حملة شعواء لم تتعرض لها اية وزارة من قبل، واستدعته جهات برلمانية اكثر من مرة وهدده برلمانيون اخرون بـ (الاستجواب) و (الإعفاء) من مهامه ، وبعضهم لم يخف مطالبه من الوزارة ،بأن يتم منحهم درجات وظيفية، والا (سيقلب) هؤلاء الطاولة عليها،وفعلا تم للبعض ما اراد ، ولكن من خلال مديريات التربية ، إذ وجد هؤلاء (البعض) في حرمان الوزير من التدخل والاشراف على التعيينات فرصة ان يكون لهؤلاء (السطوة) على الدرجات الوظيفية، حتى ان بعض المديريات وبخاصة في الكرخ ، وكما اشارت وسائل اعلام تدفق عليها عشرات النواب وقيادات حزبية ابان عمليات التقديم للتعيين، وهم من فرضوا تعليماتهم على مديريات التربية التي اضطرت للرضوخ لمطالبهم، وبقيت هي (تتفرج) لاحول لها ولا قوة، أما الوزير فليس له الا ان يصادق على قرارات مديريات التربية ، دون ان يكون له أي حق في أن يسأل كيف جرت تلك التعيينات ، وهل جرى ( تلاعب  فيها أم لا!!
ويرى كثير من اؤلياء امور الطلبة ومختصون في شؤون التربية إن حرمان وزير التربية من حق توزيع الدرجات الوظيفية والاشراف عليها هو من حرم كثير من الخريجين من الدرجات العالية ممن لا ( واسطة ) لديهم ومنهم ( إبنتي ) من الحصول على فرصة تعيين لابنائهم وبناتهم الخريجين، بالرغم من انه مضى على تخرجهم ست سنوات أو أكثر وهم كل هذه السنوات يتقدمون عبر مديريات التربية دون جدوى بالرغم من معدلاتهم العالية ( 86 ) ، بل ان فايلات هؤلاء المغضوب عليهم لا أحد ينظر اليها مطلقا ، وقد كنت قد اكدت للسيد الوزير هذه الحقيقة خلال فترة التقديم وقلت له بالحرف الواحد ان سيطرة جماعات معينة على الوظائف سوف لن تبقي لبناتنا حق التعيين ..وحاول الرجل (تبرير) تلك الحالة  بعدم قدرته على التدخل بأنه منع من التدخل بأمر من رئاسة الوزراء، لهذا ليس بمقدوره إنصاف المستحقين من أمثال إبنتك!!
وهناك من يقول ان من كانت لديهم (واسطات) هم من يتم سحب اسمائهم من مديريات التربية ، أما بقية اسماء من تقدموا معهم وهم بالعشرات فلا احد يكلف نفسه عناء تقليب فايلاتهم، كونهم غير مشمولين لا بصة القربى من بعض النواب وكبار القادة السياسيين ولم يتمكنوا من دفع المبالغ الكبيرة التي قيل ان بعضها وصل الى (دفتر) لكل وظيفية وربما زاد البعض  (المطالب) الى دفتر ونصف !!
وختاما ..أقول ، إن تهم (بيع الدرجات الوظيفية) ان وجدت فعلا، فلا دخل فيها لوزارة التربية ولا للسيد الوزير لا من بعيد ولا من قريب، وكم سمعت ان الدكتور محمد اقبال  عاقب بأشد العقوبات موظفين لمجرد أنه سمع أنهم تدخلوا في محاولات سابقة من هذا النوع ، ولهذا فأن تدخلا من الوزارة أو من موظفين فيها ، في التعيينات ، هذا العام ، أمر لايمكن تصديقه فعلا، وأن (عمليات البيع) قامت بها جهات ليست محسوبة على وزارة التربية، بل من لديها (السطوة) و(النفوذ) وهي من كانت تتحكم في كل تلك العملية من اولها الى آخرها، وان وزارة التربية لا علاقة لها فعلا بتعيينات هذا العام ،وان عدم تدخلها لانصاف المستحقين من الخريجين ومن ذوي الدرجات العليا هو من ادخلها دائرة (الإتهام) من قبل أولياء أمور الطلبة ومنهم كاتب هذه السطور، الذي يرى انه كان من الافضل ان تترك المهمة على عاتق الوزارة والسيد الوزير ، وليس على مديرياتها التي لم نجد منها منذ سنوات أي (إنصاف) لخريجيها وباعت شهاداتهم وتعبهم لمن وجد الطريق (سهلا) للحصول على وظيفة ، حتى وان كانت درجات هؤلاء متدنية،من (مزايدين) لهم باع مؤثر في سوق (المزايدات) و(المناقصات) ، وهم أنفسهم من حرموا أجيالنا المبدعة والمتميزة من فرصة ان يجدوا لهم مكانا في العراق العظيم!!
أملنا أن يمتلك السيد وزير التربية الدكتور محمد إقبال شجاعة أتخاذ القرار ،للتدخل هذه المرة لإنصاف (المظلومين) من (ذوي الدرجات العيا) من خريجي معاهد المعلمات، واعتقد ان مجلس الوزراء ولا رئاسة الجمهورية ولا رئاسة البرلمان يمكن أن تلومه في تدخل (إيجابي) من هذا النوع لانصاف (المتميزين)،لأن إستمرار الظلم كل هذه السنوات، يشكل علامة إحباط للاجيال المتميزة الحالية والمقبلة ، وعلينا التأكيد لهم إن أردنا إنصافهم أن تعب السنين على مدى خمسة عشر عاما  لن يذهب سدى!! 

أحدث المقالات

أحدث المقالات