23 ديسمبر، 2024 3:08 م

ورود من بُستان الـعَلمانية … ( 1 – 2 ) 

ورود من بُستان الـعَلمانية … ( 1 – 2 ) 

1- الصراعات : في النظام الـعَـلماني تـُخنق أي فـرصة أو أحتمالـية لأي صراعات دينيّة / طائـفية / عـِرقية / عقائديـّة في المجتمع ..! لأن لا فروق أو تفاضل بين المواطنين بسبب عِـِرق أو جنس أو دين أو طائفة أو لون أو مستوى ، فلا صراع بين طائفة و أخرى ، و لا بين دين و آخر ، و لا بين عـِرق و نظيره ، الجميع لهم نفس المساحة مِن الـحرّيـة المـَحميـّة بالـقانون .. و الجميع أحرار فيما يـؤمنون و يعـتـنقون .. و لا يُـسمح لـطرف أن يـفرض مُـعتقداتـهِ و قـناعاتهِ على الآخـرين بالأكراه أو بالـعُـنف ..! و الدولـة لا تتبـنـّى رسمياً أي دين أو طائفة .. على حساب الأديان و الطوائف الأخرى .. و هذا يحول دون أستخدام السلطة و رموزها للدين و الطائفة ، لـتبرير أخطائها و خطاياها و أنحرافاتها بأسم الدين أو الطائفة ، أو تحت غطائهما ..! ولا يسمح في نفس الوقت للسلطة الـدينية و ممثليها و رموزها .. باستغلال السلطة و مؤسسات الدولة و مرافقها ، لمآربهم الشخصية و أهوائهم و مصالحهم المادية ..! بعبارة أخرى دولـة مواطـنة تتعامل مع الجميع بالتساوي على أساس مواطنتهم و وفق القانون ، لا على أي أساس آخـر ..! —- 2 – الـعَلمانية .. و الأباحية : من ضمن وسائل مُحاربة المنهج الـعَلماني التي أشاعها و يردّدها باستمرار مُعارضوها ، و يحاولون ترسيخها في أذهان الناس .. هي أن العلمانية ( تدعوا ) للأنحلال الخُلـقي و الأباحية ..! و يستشهدون بذلك في ملابس النساء في الدول العلمانية أو أن النساء معروضات في ( الـفترينات ) لغرض الجنس ..؟؟ وهم بهذا يلعبون على وتر حسّاس عند العقل الأسلامي / المُجتمعي ، وهو موضوع ( الـشرف و الغيرة ) ..! و يبدوا لي أن هذا هو الـوتر الأخير الذي يعزفون عليه نغماتهم النشاز ..! أذ لم يتبّـق من ( مثالب )

يأخذونها على العلمانية سوى اللعب على هذا الوتر ..! — الدولة العلمانية أو المنهج العلماني في أدارة الدولة يفصل بين العام و الخاص في شؤون الناس أو المواطنين .. بمعنى أن الدولة تأخذ على مسؤوليتها ومن واجباتها ، أدارة الشأن العام للمواطن .. كالأمن و الخدمات و الدفاع و التعليم و الصحة و الرعاية الأجتماعية و الكهرباء و الطرق و تنظيم المرور .. ألخ و تنظّم كل ذلك بقوانين و تشريعات تُلـزِم جميع المواطنين بها دون تمييز ..! و تترك الشأن الخاص للمواطن هو مَن يٌـقرّر و يختار شؤونه الخاصة مثل اللبس و الزّي و الأكل و الشرب و السفر و أختيار السكن و المهنة و التخصّص و النشاط الأجتماعي و العلمي و العلاقات الأجتماعية ، و الديانة و الطائفة و طقوس و متطلبات هذه الديانة و الطائفة ، و حرية الأعتقاد و الفكر و حرية اللا تديّن و الألحاد ..! بشرط أساسي أن لا تتعارض كل عناوين الشأن الخاص مع قوانين و تعليمات الشأن العام ..! لأن الشأن العام مُلك للجميع ، و الشأن الخاص مُـلك للمواطن ..! من هنا نرى في الدول العلمانية مَن تعمل رائدة فضاء و مَن تعمل عاهرة ..! و نرى مَن تلبس حجاب و جُبـّـة و مَن تلبس تنورة قصيرة أو شورت في الشارع ..! و مَن هي مؤمنة بدين معيّن و مَن هي مُلحدة ..! لأن هذا يدخل في نطاق اختيارها و حريتها الـشخصية .. و ليس شيئاً تفرضـهُ الدولة العلمانية أو تطلبهُ من المواطنين أو تُـلزِم أحد بأن يمتهن المهنة الفلانية أو يلبس اللبس الـفلاني .. كما يروّج مُعارضي الـعَلمانية ..! مع ملاحظة هامة ان كل تفاصيل الحرّيات و الشأن الخاص يجب أن لا تتقاطع أو تتعارض مع الذوق العام و الآداب العامة التي صاغها المجتمع و الناس لحياتهم وفق منظورهم و قناعاتهم .. أي أنك لا ترى مثلاً في الدول العلمانية امرأة تمشي عارية تماماً في الشارع .. و ستجد مباشرة أن الشرطة ستأخذها أو تحجزها ، لأن سلوكها هذا خارج الآداب العامة أو السلوك المُتعارف عليه مجتمعياً في هذه الدولة أو تلك
..! و لذلك نجد الأختلافات في العديد من التفاصيل بين علمانية أمريكا و علمانية السويد مثلاً .. أو علمانية فرنسا و علمانية تركيا ..! تبعاً للأختلافات المجتمعيّة و الـقيميّـة بينهم ..!! و عليه لا يتصوّر أحد أن المنهج العلماني في دولنا كالعراق مثلاً سيكون نسخة مُستـنسخة عن النموذج الكوري أو الدانماركي أو البريطاني ..! بل المجتمع العراقي و الناس و الأعراف ، سيضعون ملامح الآداب العامة و أشتراطات الذوق العام و القيَم الأخلاقيـة التي يرونها مناسبة لهم ، دون أن يكون هناك أي تعارض مع المنهج العلماني في أدارة الدولة والمجتمع ..!!

مستشار ثـقافـي / منظمة دار السلام لـحقوق الأنسان