شهيةُ إيران في التهام العراق وقضمه لا تنتهي فهي تعتبره إمتداداً ستراتيجياً لها وجزءاً لا يتجزأ من جغرافيتها وديمومتها ، وكانت بلاد فارس ولازالت وعلى مر العصور التأريخية القديمة والحديثة تسعى جاهدةً الى ضم العراق و فرض الهيمنة الفارسية عليه وإحتلاله سياسياً و إقتصادياً وعسكرياً ودينياً . فمن الناحية السياسية وبعد إحتلال الولايات المتحدة الأمريكية للعراق عام 2003 وتقاسمها كعكة النفوذ مع إيران ظنت الأخيرة أنها قد ربحت ورقة اليانصيب التي قد تعيد لها أمجاد الإمبرطورية الفارسية الضائعة والتي طالما دُفنت معالمها في مقبرة العراق ، وبُعيد الإحتلال الامريكي تمكنت بلاد فارس من تأسيس شبكة عملاقة من العملاء والوكلاء شكلوا أحزاباً سياسية و دينية وميليشيات مسلحة تدين بالولاء المطلق لإيران وتنفذ أجندات نظام ولاية الفقيه ذلك النظام الباطل القميئ وتمتثل بشكل أعمى الى أوامر المرجعية المزيفة وتقدس أصنامها وبذلك تمت صناعة القلادة السياسية العراقية من خرزات وأحجار إيرانية كاذبة هشة ومشوهة أحاطت برقاب السياسيين العراقيين فأصبحوا مسلوبي الإرادة في حكومة عقيمة يقودها فعلياً قائد الظل و رجل إيران الأول في الشرق الأوسط السفاح قاسم سليماني الذي يدير بنفسه ما يسمى بالدولة العميقة ويحركها بالريموت كونترول . أما إقتصادياً فقد فُتحت الحدود البرية والجوية والمائية بين العراق وإيران وتم إغراق العراق بالمخدرات والحشيش والأدوية المغشوشة والبضائع الإيرانية الرديئة المنتهية الصلاحية بعد إلغاء التعرفة الجمركية أمام السلع الإيرانية وإلغاء الرقابة على الصادرات الإيرانية التي تدخل الحدود حتى وصل إستيراد العراق من السلع الإيرانية الى (72%) وبذلك أصبح العراق أكبر سوق إستهلاكي للسلع والبضائع الإيرانية مما تسبب في إختلال الميزان التجاري والإقتصادي العراقي وأصيب الإقتصاد العراقي بكافة اشكاله وانواعه بحالة من الشلل التام جراء إهمال الزراعة وإنعدام الصناعة وتوقف أغلب المشاريع الإقتصادية والتجارية العراقية والتركيز فقط على المنتوج الإيراني المستورد وبلغت قيمة التبادل التجاري بين العراق وإيران الى عشرات المليارات من الدولارات مما أدى الى إنعاش الإقتصاد الإيراني المتهرأ وكسر الحصار والعقوبات الدولية التي تعاني منها إيران. ولكي يضمن النفوذ الإيراني وجوده و ديمومته في العراق لابد له من قوى عسكرية وأمنية مسلحة تحميه و تدافع عنه فقامت إيران بتشكيل فصائل الحشد الشعبي في العراق و تسليحه ليكون الذراع العسكري لها كما هو الحال مع الحرس الثوري الإيراني في إيران و تشكيل عدة ميليشات وكتائب وفصائل مسلحة أخرى إيرانية الفكر والهوية لتثبيت أركان الوجود الإيراني وتمرير مشاريعه التوسعية ، ومن أجل أن تكون هذه القوى مؤثرة و قريبة من الناس لابد لها من عباءة دينية تحتمي بها فبدأت بتأسيس أحزاب دينية عرجاء تعزف على وتر الطائفية و تدعو الى سيادة المذهب الواحد و الى تبني اّراء المرجعية الدينية بشكل مطلق والتي هي بالأساس صناعة مخابراتية بريطانية إيرانية تقود ذلك القطيع المغيب من البشر الذي ظل مفهومه للدين لا يتعدى النظر الى لوحة مربعة الشكل حدود أضلاعها لا تتعدى أربع مدن رئيسية هي النجف وكربلاء في العراق و قم ومشهد في إيران .
منذ التاسع من أبريل 2003 ولغاية الأول من أوكتوبر 2019 وإيران تُمسك بورقة اليانصيب هذه بقبضة من حديد وتتلاعب بالأرقام كيفما تشاء بما يتناسب مع مصالحها السياسية والإقليمية ولكن ما إن تحولت الكرة في ساحة الشعب العراقي الثائر منذ شهرين وأحست إيران أن عجلة القيادة بدأت تنزلق من بين يديها في الوحل العراقي أخذت حكومتها في بغداد تتخبط في غيَها و إفلاسها السياسي وبدأت تتعامل بكل غباء و وحشية و قسوة حيال إنتفاضة العراقيين السلمية و هي اليوم تقوم بمجازر دموية وعمليات إرهابية داعشية النكهة تهدف الى القضاء على الثورة و مصادرة أحلام الشعب العراقي في وطن عراقي اّمن ومستقر. إن إيران بكل أحزابها وميليشياتها ووكلائها و عملائها في العراق لا تريد أن تصدق بأن شجرتها الخبيثة في العراق حان موسم خريفها وبدأت أوراقها تتساقط ورقةً إثر ورقة وأنها تواجه شتاءً عراقياً قاسياً شديد البرودة تتكسر على جليده كل أحلامها التوسعية وتتعطل كل اّلتها العسكرية والبشرية في الوقت الذي يعلم فيه الشعب العراقي العظيم جيداً أن إيران لن تضحي بورقة اليانصيب هذه بسهولة أو تستفيق من حلمها الذي بات كابوساً لكنها ربما لا تعلم كم هو مر لحم العراقيين و سرعان ما يتحول في بطن اّكله الى سم زعاف يأكل أحشاءه وينخرها من الداخل فلن يقبل العراقيون بعد اليوم إلا بالتغيير الشامل لهذه الحكومة البائسة بكل ذيولها العميلة مؤسساتها الفاسدة لأن شعب العراق قد أيقن أن ثورته قد تحولت الى صراع من أجل البقاء والوجود وفي النهاية لابد للشعب أن ينتصر لأنه الكتلة الأكبر في معادلة الصراع هذه.