18 ديسمبر، 2024 8:00 م

ورقة المبكرة.. ماذا يريد كبير التيار؟

ورقة المبكرة.. ماذا يريد كبير التيار؟

قيل قديما، إن “الثورة بلا فكر هلاك محقق”، تلك الكلمات اختصرت العديد من الأفكار التي تدور في رأسي منذ عدة ايام في محاولة لإيجاد ما يناسب الفوضى السياسية وفقدان البوصلة في تحديد ماتريده زعامات تشارك في “مسرحية العملية السياسية” منذ تسعة عشر عاما، لكنها تذكرت وبعد تلك السنوات “العجاف” ان ترفع لواء الثورة وتهتف بحقوق “المساكين” من عباد الله، بعنوان الإصلاح “المشوه” الذي تنقصه محاربة الفساد من الداخل والابتعاد عن توظيف “المشاعر والعواطف” لكسب التأييد والدعم المطلق من أجل تغيير لا يستند على مقومات النجاح.

نعم… التحرك الذي يقوده التيار الصدري بعنوان “الثورة” لا يحمل مضامين واضحة لمعنى “الثورة” حتى في اسلوب وطريقة التنفيذ، التي تخبرنا بها كتب التاريخ القديم والحديث، فالثورة تبدأ بتحرك يفرض سيطرته على مفاصل الدولة الاساسية، قبل تجميد العمل بالدستور واسقاط الحكومة وعزل رئيس الجمهورية، فهذا المعنى الحقيقي الذي لا يختلف عليه اثنان في تعريف الثورة، ولا يمكن اختصارها بالاعتصام بمجلس النواب، من دون معرفة المطالب الحقيقة، وتحويل المقر المخصص لأعلى سلطة تشريعية لمسرح تعرض عليه “النكت” بمختلف مستوياتها، فكيف تفسر خروج وزير القائد (صالح محمد العراقي)، ليبلغنا بان الاعتصام في مجلس النواب سيستمر “والمطالب ستعلن لاحقا”، هل هناك “سخرية” اكثر من استغفال عقول الناس.

وحتى لا نبتعد كثيرأ عن الجهة التي تقود ما تسمى “بالثورة”، نعود لأرشيف التصريحات الخاصة بقيادات التيار الصدري لنسجل واحدة من “اندر” الاعترافات، حينما يخبرنا حاكم الزاملي متفاخرا خلال لقاء تلفزيوني على احدى محطاتنا الفضائية، بان “جميع رؤساء الحكومات السابقة وصولا للكاظمي يرشحهم التيار الصدري وتكون كفته هي الراجحة باختيارهم”، هنا تقفز أمامنا العديد من التساؤلات المصحوبة بعلامات الاستفهام، ولعل ابرزها يقول، هل يحق لمن يعترف بقيادته لجميع الحكومات ومشاركته في صناعة قرارتها ان يقدم نفسه كمشروع ناجح للخلاص من الفساد الذي انتجته تلك الحكومات؟، هل هناك تفسير اكثر وضوحا من هذه المسرحية التي يمارسها التيار الصدري بعنوان “ثورة الاصلاح”، كيف يريد من شارك بصناعة الفساد ومهد لانتشاره في مؤسسات الدولة ان نثق بمشروعه؟، ونعلن تأييدنا لخطواته التي تغيرت خلال ايام معدودات اكثر من مرة، بدايتها كانت بالانسحاب من البرلمان وبعدها اعلان البيان رقم واحد والانقلاب على العملية السياسية من خلال الدعوة لتغيير منظومة الحكم ومفاصله، وبعد ساعات صدر تحديث اخر لموقفه، ليكون هذه المرة المطالبة بحل مجلس النواب وإجراء انتخابات مبكرة، فهذه التقلبات تعكس حجم “الازدواجية” للجهة التي ترفع راية الاصلاح وتدعي قيادة ثورة للتغيير هدفها الاساسي توزيع المناصب بين الشركاء ومعاقبة اطراف معينة على اساس الولاء والانصياع للقرارات وليس النزاهة.

ونحن نعيش أيام ثورة عاشوراء التي انتصر فيها دم الحسين واهل بيته (عليهم السلام) على السيف، تنقل لنا الروايات وكتب الحديث، بان قائد الثورة في حينها لم يطلب من الامويين وزارة الكهرباء او وزارة الصحة، او مناصب عليا في حكومة الشام وحتى ولاية الكوفة، انما شعاره كان “لطلب الاصلاح في امة جده رسول الله”، التي لم تستثني حكومة المدينة المنورة او والي البصرة، انما كانت الدعوة عامة وتشمل جميع مفاصل الحكم الاموي من اعلى الهرم في السلطة إلى أصغر عامل على حدود الخلافة في وقتها، وهو عكس ما تدعيه الجهة التي نصبت نفسها في ايامنا لقيادة مرحلة التغيير، لكونها توفر الغطاء المناسب لحماية حكومة رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي وتمنع محاسبته، او التحشيد للخروج بتظاهرات ضد حكومته، على الرغم من العديد من الازمات التي سببتها، أخرها انهيار المنظومة الكهربائية بشكل تام في المحافظات الجنوبية والتي “صم” التيار الصدري وقيادته اذانه عنها، ولم يتبرع وزير القائد لذكرها حتى في تغريدة واحدة على تويتر او رسالة للمعتصمين لتغيير وجهتهم نحو مجلس الوزراء او باضعف الايمان لمقر وزارة الكهرباء.

الخلاصة.. إن تحركات زعيم التيار الصدري ودعواته “لعباد الله” لمناصرته في مواجهة الفساد والفاسدين لتحقيق ثورة الاصلاح كما ينادي، لا تبتعد عن تفسير يؤكد شعوره بان استقالة نواب الكتلة الصدرية من مجلس النواب كان قرارًا “مستعجلا” وغير مدروس، لانه افقد التيار الصدري القدرة على مواجهة خصومه من الاطار التنسيقي، لانها ببساطة ليست معركة للإصلاح إنما حرب إثبات وجود بين السيد مقتدى الصدر وزعيم دولة القانون نوري المالكي، والدليل هو في فقدان الفكرة في مطالب “ثورة” الصدر والتي يغطي عليها بورقة الانتخابات المبكرة بعد احراق ورقة استخدام الشارع… اخيرا.. السؤال الذي لابد منه ماذا يريد كبير التيار؟