في خطوة مفاجئة وغريبة استطاع مجلس النواب العراقي من تمرير قانون تحديد ولايات الرئاسات الثلاثة وجعلها ولايتين متتاليتين في رسالة واضحة موجهة الى رئيس الوزراء المالكي انه لم يعد بالامكان ان يصبح رئيساً للوزراء للمرة الثالثة وقد تمكن البرلمان من حشد الاغلبية اللازمة من نواب العراقية والتحالف الكوردستاني والصدريين ونواب المجلس الاعلى والفضيلة للتصويت لصالح القرار بينما لم يصوت عليه نواب دولة القانون وبعض النواب من محافظة نينوى ، ويبدو ان المعركة السياسية بين رئيس الوزراء والمعارضين له حتى من داخل الائتلاف العراقي لم تنتهي بعد ، وأن معركة تطبيق هذا القانون لم تبدأ بعد ، فالمالكي رغم امتعاضه من هذا القانون فانه لم يظهر عليه الاكتراث من خطورة هذا القانون على مستقبله السياسي والسنوات التي قضاها في بسط نفوذه على الاجهزة الامنية والجيش والعديد من الهيئات ” التي هي في عرف الدستور مستقلة ” وهيمنته على القضاء العراقي وخصوصاً المحكمة الاتحادية وقضاتها ومدعيها العامين ، ويبدو ان البرلمان قد أستعجل هذا القانون ولم يدرس ابعاده القانونية الى الحد الذي ترك فيه ثغرات قانونية كثيرة يمكن للمالكي النفاذ من خلالها وأجبار المحكمة الاتحادية على نقضه ، وقد صرح المالكي بارتياح ان هذا القانون لن يمر من قبل المحكمة الاتحادية لانه مخالف للدستور . ومن نظرة قانونية محايدة يرى ان موقف المالكي قوي كونه يستند الى فقرة من الدستور تبين ان مشاريع القوانين يجب ان تقدم من رئاسة الوزراء او مجلس الرئاسة الى البرلمان لمناقشتها والتصويت عليها واعادتها الى مصدرها لصياغة لوائح او قوانين او تعليمات تبين آلية تطبيق القانون في حال وافق عليه مجلس النواب ، وحيث أن قانون تحديد الولايات لم يأتي لا من رئاسة الوزراء ولا من مجلس الرئاسة فانه يفتقد للاساس القانوني المستمد من الدستور وبالتالي يصبح أقراره من عدمه سواء .لذا يرى العديد من المحللين والسياسيين والمراقبين ان فرصة نقض هذا القانون من قبل المحكمة الاتحادية كبيرة جداً ، وستصاب الكتل التي صوتت لهذا القانون بصدمة كونها عدت تمرير هذا القانون في البرلمان انتصاراً معنوياً كبيراً لها على حساب المالكي الذي يراه معارضوه وحلفاءه بالامس انه قد انحرف بالعملية السياسية نحو التفرد والهيمنة وانه أخل بجميع الاتفاقات والتفاهمات التي وقعها مع شركاءه السياسيين ، وتنصله الفاضح من اتفاقية اربيل التي بموجبها تسلم رئاسة الحكومة ، وتنفيذه لخطة أقصاء العديد من خصومه السياسيين التي نجح فيها نجاحاً ملحوظاً .. وستحاول الكتل السياسية الطعن بالمحكمة الاتحادية وأتهامها بالانصياع لرئيس الوزراء كاجراء استباقي لاستمالة المحكمة وأستفزازها من الرضوح لمطالب المالكي بنقض هذا القانون، وقد يخفق المعارضون للمالكي في هذه الخطوة ايضاً ، لذا يجري الاستعجال في البرلمان من اجل اقرار قانون المحكمة الاتحادية ومحاولة تغيير قضاتها الحاليين الذين هم واقعين في قبضة رئيس الوزراء ، وأذا لم تفلح هذه الخطوة ايضاً فليس امام الكتل المعارضة للمالكي هو الوقوف صفاً واحداً لمنع تشكيل المالكي لكتلة كبيرة داخل البرلمان تكون كفيلة بمنحة رئاسة الحكومة لاربع سنوات عجاف أخر كما حصل في انتخابات البرلمان الماضية وعلى التحالف الوطني ان يجد بديلاً للمالكي فيما لو اراد للعملية السياسية في العراق ان تخرج من عنق الزجاجة .