8 أبريل، 2024 8:42 م
Search
Close this search box.

ورطة أمريكا في النيجر…هل يخسر بايدن رهانه ؟

Facebook
Twitter
LinkedIn

تتأكّد يوماً بعد يوماً صلة الانقلاب العسكري الذي شهدته النيجر بصراع القوة والنفوذ في الساحل وجنوب الصحراء، و يعد سلوك القوى الدولية للاستيلاء على ثروات أفريقيا سلوكاً ممتدا مثقل بالوسائل الخبيثة كالتضليل والخداع ، وما التخلف الذي تعيشه القارة الأفريقية إلا نتاجاً لتراكم أوضاع تاريخية مرتبطة بدخول الاستعمار إلى القارة، فالتخلف الاقتصادي ليس بسبب نقص الموارد الطبيعية، ولكن بسبب عجز الحكومات الأفريقية بعد الاستقلال عن إدارة الموارد التي تزخر بها القارة لأن بعضهم ارتضى دور وكيل الاستعمار.

 

لم تكن القارة الإفريقية تجذب كثيرا واشنطن رغم ما كان يردده رؤساء أمريكا في المناسبات العديدة من أن 10 % من سكانها ينحدرون من أصل إفريقي، وكانت القارة الإفريقية بالنسبة للأمريكيين بيدقاً استعملوه خلال الحرب الباردة لمكافحة الشيوعية وأصبحت الآن بيدقاً آخر يستعملونه لمحاربة الإرهاب.

 

تكمن الأهمية الاستراتيجية لأفريقيا لدى المخططين الاستراتيجيين الأمريكيين في اعتبارها معيناً خصباً لمصادر الطاقة والمواد الأولية، وسوقا كبيرة للصناعات الأمريكية النشطة، ومنذ سنوات طويلة تقود عملية اختراق منظمة وهادئة للنيجر، وفق المعادلة التنموية التي تطبقها أمريكا في عموم أفريقيا، أي مقايضة البنى التحتية والأموال بالموارد النفطية والمعادن التي يحتاجها الاقتصاد الأمريكي.

 

لذلك يعود القلق الأميركي إلى استمرار تقلب الوضع في النيجر ما قد يمنح روسيا فرصة في الأسابيع المقبلة، كما أن سيناريو خروج القوات الفرنسية من مالي المجاورة لا يزال يلوح في الأفق، وهو ما قد يتكرر في النيجر مع كل من فرنسا وأمريكا بعد سنوات من استثماراتهما الاستراتيجية هناك ومحاربتهما الجماعات الإسلامية المتطرفة وتأسيس قواعد تراقب المنطقة من السودان وليبيا إلى مالي ونيجيريا وبوركينا فاسو.

 

ومن الأسباب الأخرى لاهتمام أمريكا بأفريقيا هو قلقها من التوسع التجاري للصين في هذه القارة، خاصة وان الصين تتبادل مع الدول الأفريقية المواد الأولية مقابل السلع وهذا يتلاءم مع الوقع الأفريقي. وتلعب الصين أيضا دوراً كبيراً بالنسبة للأفارقة في الأمم المتحدة وهي العضو الدائم العضوية في مجلس الأمن وتملك حق الفيتو مما يساعدها على الدفاع عن حلفائها من الدول الأفريقية.

في هذا السياق يهدد الذي وقع في النيجر الى تعطيل الاستراتيجية الأميركية بأكملها لمحاربة الجماعات الإسلامية الأكثر تشدداً أثناء توسعها عبر غرب أفريقيا، وربما يمنح روسيا ميزة استراتيجية في الوقت الذي تحاول فيه توسيع نفوذها في المنطقة ، بخاصة أن محور النهج الأميركي تجاه الأمن الإقليمي تركز في إرسال قوات خاصة أميركية لتدريب نخبة القوات في النيجر لمواجهة تنظيمي القاعدة وداعش، اللذين انتشرت أيديولوجيتهما العنيفة بسرعة من الشرق الأوسط وجنوب آسيا إلى منطقة الساحل.

 

في الاتجاه الآخر سيكون الانقلاب العسكري في النيجر بمثابة ضربة للغرب وبشكل أكثر تحديداً لامريكا وفرنسا، اللتين تربطهما علاقات قوية بالدولة الواقعة في غرب أفريقيا، ذلك أن رحيل بازوم القسري سيمثل انتكاسة أخرى في المنطقة، بعد أشهر فقط من انسحاب القوات الفرنسية من بوركينا فاسو ومالي المجاورتين، الذي عكس تضاؤل نفوذ فرنسا في غرب أفريقيا بشكل كبير في السنوات الأخيرة.

وبالنسبة إلى أمريكا، سيعيد رحيل الرئيس المنتخب محمد بازوم نكسة للجهود الأميركية في المنطقة لسببين، الأول أن امريكا تحتفظ بقاعدتين لطائرات “الدرون” في البلاد، ومن هذه القواعد تجمع واشنطن المعلومات الاستخبارية على مساحة واسعة من الساحل وشرق أفريقيا، أما السبب الثاني فهو أن أمريكا تشارك بنشاط في مكافحة الإرهاب مع قوات النيجر لمواجهة زحف الفروع التابعة لـ”داعش” و”القاعدة” في المنطقة.

 

مجملاً…. لأمريكا طبعا مصالحها والتي لا يبدو أنها مختلفة عن الأجندة الصهيونية في أقصى تطرفها وطموحة في قيادة العالم وتغيير بعض الخارطة الجغرافية التي تتوقع أنها قادرة عليها، لكن الآن، ومع تدخل روسيا والصين ، بدأ دور أمريكا المميز يضمر ويتلاشى، فالجميع لديه ضغينة تجاه واشنطن فلا يمكن التعويل عليها لأنها تتخلى عن حلفائها، إذ لا يوجد أنصار لأمريكا في هذه المرحلة، لذلك فإن البيت الأبيض وحلفاؤه يعيشون اليوم حالة ضياع وصعوبة في قراءة تطور الأحداث فيما يتعلق بالأزمة النيجرية.

[email protected]

مقالات اخري للكاتب

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب