18 ديسمبر، 2024 8:37 م

وداعا سيد حبيب الخطيب…لقد اعطيت للناس كل شيء فأعطوك المحبة الصادقة وحدها

وداعا سيد حبيب الخطيب…لقد اعطيت للناس كل شيء فأعطوك المحبة الصادقة وحدها

أن تبكي بلا دموع على فقيد ما أصعبها ؟! والاصعب منها أن تشعر باختناق وكأنّ المكان من حولك يضيق ,هكذا عشت هذه الصدمة , فانا لم يخطر ببالي في يوم ما أن أكتب رثاءا ووداعا لسماحة الخطيب ، رغم أن الموت حق، لقد كان السيد يكلمني عبر الهاتف والتقي به اسبوعيا على انفردا, لم يخبرني بأنه راحل، ولم يقل لي الوداع , لقد رحل وانا بحاجةٍ إليه , رحل وحده ولكن غادر جزءا مني معه , فرحيله اوجع قلبي وأدمع عيني دما , كم كنت حريصا عليه من كورونا اللعينة واحذره منها , فكان يقول لي كيف احجر نفسي عن الناس وهم بحاجة لي في تساؤلاتهم واستخاراتهم وزواجهم وطلاقهم وحل نزاعاتهم وتوزيع الحقوق الشرعية على مستحقيهم ؟!

ايها السيد الفقيد الذي لم تعتاش يوما على الدين بل انت من اعطيت للدين فجامعك وحسينيتك التي شيدت منذ عقود على حياة ابيك وانت من اعدت بناءها من جديد بمالك الخاص كمزارع ورفضت ان تاخذ هبات وتبرعات من الاخرين , لم تكتفي بهذا فبعت احد بيوتك لتبني به جامعا وحسينية في كربلاء المقدسة وفي مكان متميز فيها.

كيف يكون حزني وحزن الناس عليك ؟!وانت الشخصية الاجتماعية المعروفة على مستوى العراق ,فليس هناك رئيس قبيلة او وجه اجتماعي في بغداد والبصرة او الموصل او الرمادي او اي محافظة عراقية اخرى , الا ويعرف سيد حبيب الخطيب ويتمنى انجاز معروفا له لدالته عليه ومعروفه السابق له , فكم من مرة اخمدت نزاعات عشائرية لمكانتك الشخصية وقدرتك على تقريب وجهات النظر ولكلامك المسموح بين المتخاصمين؟! اذن بموتك فقدت عشائر العراق من الموصل إلى الفاو شخصية اجتماعية إصلاحية كان لها حضورا وكلاما مسموعا في النزاعات.

على المستوى الديني السيد الخطيب يتصالح مع المكلفين على الحقوق الشرعية , ولكن ينصحهم بتوزيعها على الفقراء من قبلهم يد بيد , واذا احدهم اراد منه ايصالها الى مكتب المرجعية الدينية العليا , فانه يوصلها كيد امينة مقابل وصل من مكتب المرجعية في النجف الاشرف ولا ياخذ منها حصته التي تبلغ ثلثها , لكون السيد الخطيب من المزارعين الاغنياء المعروفين في منطقته ولديه اراضي شاسعة (ملك صرف) فهو من يعطي مساعدات من ماله الخاص للفقراء.

على مدى عقود من الزمن والسيد ديوانه ودروسه متواصلة في كل ليلة , حتى بعد اندلاع الحرب العراقية – الايرانية اغلق النظام السابق الدواوين وحلقات الدرس الفقهي التي تقام فيها , ولكن ديوان الخطيب بقي مفتوحا بعد ان اغلق عليهم الباب واقام عليهم الحجة برفع شعار ( لا سياسية في الدين ولا دين في السياسة ) كما كان يقوم سنويا بدورة تطبيقية في اداء مناسك الحج للذين ينوون اداء ها كي لا يقعوا في اشكال شرعي.

رحل الخطيب عن دنيانا، أما ذكراه فباقي، فيما أنجزه وما حققه، وهو كثير على مختلف الصعد والمستويات.. منجزه متفق عليه، يظل للصالح العام ويشرئب للهدف الجامع, ومع ذلك ظلت بعض أحلامه وامنياته لم تتحقق في حل محنة وطن جريح وما يجب أن يعمل على تضميد جراحه.

سيدنا ودعتك عشرات الالاف في الكاظمية وكربلاء والنعمانية والنجف بقلوب مفجوعة وعيون تبكي دما , فكان يوم مصابك لم ولن يكون له مثيل من تشيع محزن لا لرجل سياسة او دين لأنك اعطيت الناس كل شيء فأعطوك محبتهم الصادقة.

اخيرا نقول اللهم ارحم من ترك خلفه قلوب حزينة , اللهم أجعله من أصحاب جنة لا دموع فيها و لا فراق , اللهم ارحم نفسا ابكاني رحيلها ربي اجعله من سكان جنتك واحفظ ولده سماحة سيد مصطفى ليكمل مسيرته ومشروعي الخيري واحفظ اخوته ومحبيه.

[email protected]