23 ديسمبر، 2024 5:56 م

وداعا ريمون جبارة زردشت الذي صار كلبا  لا مكان للإنسان هنا في العراق

وداعا ريمون جبارة زردشت الذي صار كلبا  لا مكان للإنسان هنا في العراق

ريمون جبارة هذا الانسان  الفنان الثائر الذي يؤمن بان الفن يصنع شعبا  وان  “صانع الاحلام” لا يموت. وان الحرية افيون يجب ان لانقلع  ابدا عن ادمانه . وان لاحكم عادل في الأرض وان رجال السلطة لايحبون الناس وانهم أعداء الشعب . رحل الكاتب والمسرحي اللبناني ريمون جبارة الثلاثاء 14نيسان 2015عن ثمانين عاما تاركا وراءه رصيدا جعله احد رموز الحركة المسرحية الحديثة في لبنان واحد أبرز روادها على مدى أكثر من 50 عاماً، ساهم خلالها في رفع المسرح الراقي الى مرتبة الجماهيرية.ولا يقتصر إرث جبارة على أعماله المسرحية ممثلا وكاتبا ومخرجا، بل يشمل كذلك أجيالا من الممثلين والمخرجين الذين تتلمذوا على يده طلابا، أو عملوا معه في مسرحياته.وجبارة المولود في بلدة قرنة شهوان (قضاء المتن شمال بيروت) في الاول من نيسان/ابريل 1935، بدأ مسيرته المسرحية كممثل، في ستينات القرن المنصرم، عندما بدات لجنة مهرجانات بعلبك الدولية تهتم بالمسرح اللبناني وتدعمه، عبر تأسيس معهد المسرح الحديث، وفرقة المسرح الحديث، اللذين التحق بهما ريمون جبارة.ومع فرقة المسرح الحديث، وحلقة المسرح اللبناني، وفرقة المسرح الحر التي ساهم في تأسيسها وغيرها، لمع نجمه على خشبات المسارح، بين العامين 1960 و1970، واصبح من ابرز الممثلين.وفي بداية سبعينات القرن الماضي، بدأ ريمون جبارة يخوض تجربة الاخراج والتأليف، اضافة الى استمراره في التمثيل في اعمال متنوعة، ومن اول اعماله المسرحية “لتمت دزدمونا” ثم “تحت رعاية زكور”.وشهدت الفترة الممتدة ما بين العامين 1975 و1986، خلال الحرب اللبنانية، ذروة انتاجه، فقدم على الخشبة “شربل”، و”زردشت صار كلبا”، و”محاكمة يسوع”، و”قندلفت يصعد الى السماء”، و”دكر النحل” ورائعته الفنية “صانع الاحلام” التي نالت جوائز في مهرجانات عربية وحظيت ايضا بتقدير النقاد.وفي موازاة ذلك بدأ يدرس في معهد الفنون الجميلة في الجامعة اللبنانية بعد افتتاحه.وبين العامين 1987 و1990، وهي مرحلة تعيينه مديرا عاما ورئيسا لمجلس ادارة تلفزيون لبنان، انصرف الى عمل اداري انهكه وابعده قسريا عن المسرح، وادى في النهاية الى اصابته بعارض صحي خطير، كانت نتيجته شللا نصفيا حتم مرحلة صراع قاسية في حياته.وقدم في فترات متباعدة مسرحيات “من قطف زهرة الخريف”، و”بيكنيك على خطوط التماس”، واعاد عرض “زردشت صار كلبا” و”شربل” مع جيل جديد من الممثلين. كما اخرج مسرحيات لصديقه الكاتب انطوان غندور هي ” يوسف بك كرم” و”طانيوس شاهين” و”نقدم لكم وطن”، الى اخر مسرحياته “مقتل إن واخواتها” في العام 2012.متكئا على عصاه ورغم جسده الهزيل، لم يتخل عن السيجارة التي كانت جزءا من طلته. قاوم جباره هشاشة صحته بالعمل في التعليم وظل حتى اخر ايامه يدرس مادة المسرح في جامعة سيدة اللويزة. وعرفته الصحافة كاتبا وناقدا لاذعا وعميقا عكست اعماله الاعلامية افكاره ومواقفه السياسية والاجتماعية والدينية عن طريق زاويته في الملحق الثقافي لصحيفة “النهار” وبرنامج “الو ستي” عبر اذاعة صوت لبنان .وكان صاحب “صانع الاحلام” في كل مناسبة يكرم فيها، يوجه تحية الى زملائه “الراحلين عن هذا العالم” كما كان يقول، وهم الممثلون رضا خوري ومادونا غازي وفيليب عقيقي.
وها هو اليوم ينضم اليهم. ريمون جبارة رغم الحرب الاهلية  استطاع ان يكتب التاريخ بصدق وامانة فنيا  كي لا يتم تزوير الحقائق وبالفن والثقافة بقى لبنان رغم الحرب وانتصر على الحرب ، ريمون جبارة استطاع تحدي طغيان امراء الطوائف وبقى حرا ، استطاع الحفاظ على الإرث الثقافي والفني اللبناني وأعاد للشعب اللبناني وعيه الوطني وثقته بنفسه وهو ما أوقف الحرب الاهلية ، هذا الوعي هو ما يمنع اللبنانيين الان من الوقوع في الحرب الاهلية ويقف ضد مؤامرات الخارج وعمالة وخيانة قادة الطوائف. في مسرحية( زردشت الذي صار كلبا  ) هناك 3 لوحات يصير الانسان فيها كلبا في اللوحة الأولى الانسان يصيرا كلبا ،أي  يصير عبدا سجينا جسده ومعاناة مرضه وفي اللوحة الثانية يصير الانسان كلبا تضربه عصا رجل الدين وجزمة عسكر السلطة وفي اللوحة الثالثة يصبح الانسان كلبا يلعق ويركع للسلطة والقوة في زمرة النفاق وكلاب الحراسة من مرتزقة السلطة. ريمون جبارة صانع النجوم يصنع حلما  و يحرض شعبا ليصنع حرية وثورة. اليست الحضارت صانعة اساطير ، بل ان الاساطير تصنع شعبا وامما ودول ، ريمون جبارة دونيكشوت الذي رفض الواقع وصنع واقعا من أحلامه ورفض ان يموت واثر صياغة ذهب لاسوق له لان الساسة صانعي القذارة قادرون على تسويقها. ان العراق بحاجة الى فن وادب وتوثيق للتاريخ كي نصنع شعبا ووطنا لايموت ابدا. اننا بحاجة الى ريمون جبارة الذي قهر الخوف بالخوف.