22 ديسمبر، 2024 7:33 م

بعد ثمانية عشر عاماً في زعامة حزب الإتحاد المسيحي الديمقراطي الحاكم؛ تخلت المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل عن زعامته لصالح أنغريت كرامب كارينباور؛ الفائزة بأغلبية أصوات مندوبي الحزب في مؤتمره المنعقد في هامبورغ شمال المانيا في جولة إعادة على منافسها المليونير فريدريش ميرتس، ليبدأ الحزب صفحة جديدة يُراد منها تحسين وضعه الإنتخابي بعد نتائج أكتوبر المخيبة للآمال؛ والتي عجلت برحيل ميركل؛ ولتكون ولايتها هذه والتي تنتهي العام 2021 الأخيرة في زعامة المانيا بعد تصديها الأول لمنصب المستشارية العام 2005، شكلت خلالها أربعة حكومات٠ بخطاب عاطفي أفتتحت ميركل مؤتمر الحزب “أشعر بالإمتنان لشغلي الرئاسة 18 عاماً؛ إنها فترة طويلة بالتأكيد شهد خلالها الحزب تقلبات كثيرة”؛ بكل هدوء؛ دون صخبٍ؛ تترجل عالمة أبحاث الفيزياء الكيميائية ومن ثم زعيمة المانيا وأوروبا وأول إمرأة تتولى منصب مستشارة المانيا؛ مقرة بتراجع شعبية الحزب الذي يتطلب تجديداً يحول دون إنتكاسات أخرى؛ ومراجعة تتجاوب مع مزاج شعبي بدأ يتبلور مع دخول اليمين المتشدد متمثلاً بحزب “البديل من أجل المانيا” البرلمان لأول مرة؛ رغم النجاحات الكبيرة المتحققة خلال فترة حكمها؛ خاصة صمود المانيا أمام الأزمة الاقتصادية العالمية التي أصابت أغلب بلدان أوروبا بالركود؛ وكادت أن تؤدي بأخرى للإفلاس٠دون عنتٍ؛ أو إصرار على البقاء ترحل أقوى إمرأة حسب مجلة فوربس لثلاث مرات متتالية عن منصبها في الحزب؛ “موتي” أو “الأم” كما يطلق عليها اللاجئون؛ والتي فاجأت العالم بفتح حدود بلادها أمام الهاربين من الحروب والمجاعة نحو أوروبا، وأصرت على موقفها من الهجرة رغم تدني شعبيتها؛ تاركة خلفها إرثاً كبيراً لا يمكن العبور عليه، أو التغاضي عنه في أي بناء جديد، أو تحديث لآليات عمل الحزب٠ لم تحتاج سيدة أوروبا الحديدية تعديلاً في نُظم الحزب يتيح لها البقاء أطول؛ ولايمكن لها التلاعب دستورياً إذا ما أنتهت ولايتها الأخيرة نهاية العام 2021؛ مؤمنة؛ أن التبادل السلمي للسلطة؛ كما الإيمان بالتعددية؛ وحرية الناس بإختيار الأصلح عوامل أسهمت مجتمعة برخاء وإزدهار المانيا؛ وبالتالي بقية المنظومة الديمقراطية الغربية؛ إذا ما قورنت بتجارب إستبداد؛ وإصرار غريب على البقاء رغم مرارة الفشل التي تعاني منها منطقتنا؛ وما تعانية من تخلف؛ في السودان مثلاً؛ وقد سبقتها بلدان عربية كثيرة؛ يسعى الرئيس عمر البشير لإلغاء مادة تقيّد فترات تولي منصب الرئاسة مما يفتح الباب لبقاءه في كرسي الحكم بعد 29 عاماً من الحروب الداخلية والتقسيم ومصادرة الحريات والتهميش٠