22 ديسمبر، 2024 7:25 م

وحي السماء أم عقل وضمير الإنسان 4/20

وحي السماء أم عقل وضمير الإنسان 4/20

فلننظر ما هي يا ترى الأسس التي يجري على ضوئها تصديق الدين، أيِّ دين كان، أو تكذيبه. الأسس في تقديري لا تخرج عن التسعة أدناه، ولو إن بعضها متداخل أو متشابه:
1. الضرورات العقلية الفلسفية.

2. الحقائق العلمية الثابتة.

3. الحقائق التاريخية الثابتة.

4. ما حصل وما لم يحصل من النبوءات عن المستقبل.

5. العدل الإلهي.

6. الحكمة الإلهية.

7. العدل الاجتماعي.

8. الحكمة الاجتماعية.

9. المثل الإنسانية أو الضرورات العقلية الأخلاقية.

الضرورات العقلية والعلمية والتاريخية

بعدما بينت ما هي الأسس التي ينبغي اعتمادها في تقديري، وتقديري نسبي بلا شك في الدقة في إصابة الصواب، من أجل أن يجري على ضوئها تصديق أيِّ دين، أو تكذيبه، نتناول الآن بشيء من التفصيل هذه الأسس التسعة الواحد تلو الآخر:
1. الضرورات العقلية الفلسفية

فكل كتاب مقدس – بنظر المؤمنين به – وكل وحي مدَّعى يكون بالضرورة كاذبا، إذا ما تعارض مع ضرورات العقل الفلسفي، واشتملت مقولاته ممتنعات عقلية، والممتنعات العقلية، وبالذات ممتنعات العقل الفلسفي هي غير الممتنعات العلمية وأضيق دائرة منها، كما إن الممتنعات العلمية هي غير الممتنعات العملية، وأضيق دائرة منها. والممكنات العلمية تنقسم بدورها إلى ممكنات علمية نظرية (فرضيات علمية)، وممكنات علمية تطبيقية (جرى تطبيقها)، أي مما جرى إثبات إمكانها فعلا، والثانية أضيق دائرة من الأولى. وهكذا تنقسم الممكنات العملية إلى ممكن عملي عام، وممكن عملي خاص، والثانية أضيق دائرة من الأولى. وكلامنا هنا عن التعارض مع الضرورات العقلية، كالحقائق الرياضية، والمنطقية، والفلسفية. وأعلاها مرتبة في درجة القطع هي الحقائق الرياضية، تليها الحقائق المنطقية، ثم الحقائق الفلسفية بالمعنى الأخص. واستخدام مصطلح العقل الفلسفي جاء تمييزا له عن العقل الأخلاقي الذي سيرد ذكره. وأستطيع أن أدعي، هكذا وقت كتابتي لهذا البحث، أن القرآن لم يشتمل على جملة أو شبه جملة تتعارض مع ضرورات العقل الفلسفي، بينما اكتشفت لاحقا الكثير من هذا التعارض، مما آل بي إلى اعتماد عقيدة التنزيه بعد تسعة أشهر. وهذا القطع ربما لن يكون بنفس الدرجة عندما نتناول التعارض مع ضرورات العقل الأخلاقي. لكن هذا بالذات أي عدم التعارض مع ضرورات العقل الفلسفي – حسب قناعتي القلقة آنذاك – يمثل أهم عنصر قوة للإسلام، لاسيما في الفهم المعتزلي والإمامي. وفي بحوث لاحقة سأبين لماذا تغيرت قناعتي باكتشافي التعارض مع العقل الفلسفي.