وموقف الناس، سواء المؤمنين بالإسلام والملتزمين به، أو الشاكّين به وغير الملتزمين به، على عدة أنحاء:
1. فريق يرى أن الإسلام هو من النوع الأول ويلتزم به.
2. فريق ثان يرى أنه من النوع الأول، ولا يلتزم به، لأنه إما يرى دينا آخر أرجح منه، اعتنقه وراثة أو قناعة ذاتية أو وراثة وقناعة، أو تحولا بقناعة، أو لا يرى وجوب الالتزام بدين، أو يكون ممن يعيش ازدواجية الجمع بين الإيمان، وعدم الالتزام بما يؤمن به، أو من لا يرى تلازما بالضرورة عنده بين الإيمان والالتزام.
3. فريق ثالث يرى أنه من النوع الثاني، ومع هذا يلتزم به، متوهما أن ذلك يمثل دين وإرادة الله، وما عليه إلا التسليم له، فيعيش الكراهة تجاه الآخرين متقربا إلى الله تعالى بكراهته.
4. فريق رابع يرى أنه من النوع الثاني، فيرفضه، معتقدا أن ذلك لا يمثل وحي الله، بل يمثل تأليف إنسان ادعى النبوة، من أجل إصلاح المجتمع أو لغاية أخرى، ولذا لا يرى هذا الفريق نفسه مُلزَما باتباعه.
وإني شخصيا، كنت وقتها، أنتمي إلى الفريق الأول، وأفترض أن الإسلام هو من النوع الأول، ولو كان قد تبين لي وقتها، كما حصل بعد أشهر، خلاف ذلك، لثبت عدم إلهية هذا الدين، ولاهتديت إلى الارتداد عنه. وفي هذا أواجه – لا بشخصي ولكن أواجه أنا النوعي – رفضَين لهذا الانتماء، أحدهما من الفريق الثاني، الذي يتفاوت أفراده بالحكم على الفريق الأول حسب درجة التطرف، ما بين من يخطئ منهم، هذا النوع من الفهم للإسلام بما كنت أفهمه، وربما يعتبر أصحاب هذا الفهم متأثرين بالثقافة الغربية، وبين من يعتبرهم من الفريق الثالث مرتدين عن الإسلام، أو بتعبير آخر يُكفِّرهم بالحرف الواحد، وربما يهدر دماءهم. ثم أواجه رفضا ثانيا من الفريق الرابع، وهذا يتفاوت بين من يصدق أصحاب هذا الفهم للإسلام في طرحهم الإنساني والعقلاني، المعتدل والديمقراطي، ولكنه يقول أفكاركم جميلة، ولكن الإسلام بحقيقته هو إسلام التطرف والعنف، وإسلام ثقافة كراهة الآخر، وبين من يعتبرهم كاذبين يركبون موجة الديمقراطية، ليصلوا كسائر الإسلاميين إلى مآربهم من خلال الديمقراطية، ثم ينقلبون عليها، وعليهم، وعلى كل الحريات، وعلى كل حقوق الإنسان. ولا أنفي وجود مساحة واسعة من الإسلاميين ممن يصدق عليهم هذا الحكم، ولكن الذين يعممون ويطلقون هذه التهمة يقعون في تناقض مع أسس العلمانية والليبرالية اللتين يفترض أنهم ينتمون إليهما، ومن هذه الأسس العقلانية التي من لوازمها الموضوعية، والتي من لوازمها عدم التعميم والإطلاق. ولكني كنت أتفهم، واليوم أتفهم أكثر، لبعض من هؤلاء، إذا ما كانوا ينطلقون من تعميمهم من تجربة ذاتية، ولكن حتى تعميم التجربة الذاتية لا تبرر التعميم والإطلاق، بل أدلة النفي من نوع آخر، قد تعضّدها التجربة الذاتية. لكن هنا يرد السؤال: لماذا أصبحت الأغلبية الساحقة من الإسلاميين العراقيين، والذين يفترض بهم أنهم متدينون تدينا عميقا، أصبحت هذه الأغلبية بعد أن اختبروا بالسلطة يمارسون الفساد وسرقة المال العام والتزوير والكذب؟