22 ديسمبر، 2024 7:17 م

وحدتنا بالاقتِداء بنبينا محمد(ص)

وحدتنا بالاقتِداء بنبينا محمد(ص)

مرّت مسيرة الرُّسل و الأَنبياء، بمراحل تاريخية عمرها عمر البشرية جمعاء. وهدف كل تلك المسيرة، ايجاد الانسان الادمي الطباع، و القضاء او تحجيم، وجود الانسان حيواني الطباع.
لقد اثبتت وقائع التاريخ، ان هذه المهمة ليست باليسيرة، بسبب عوامل السلطة و القوة، و السيطرة على موارد الحياة. هذه العوامل نجدها مترسخة بوضوح في عقلية الانسان، مهما كان بسيطاً، لأنها جزء من تركيبته المادية، ما لم تُسقل وتهذّب، تلك التركيبة المادية، بقيم و نواميس تجعله يسير على الطريق القويم، الذي يرتضيه الله سبحانه.
هذا الاتجاه المادي المغروس في ذات الانسان، انتج العديد من المدارس الفلسفية،التي حاولت وضع الافكار التي تفسّر تصرفات الانسان الفردية و الجمعية، لتَخّْلُصَ الى نظريات فلسفية، هدفها استشراف مستقبل الانسان، و الكشف عن معوقات تطوره.
وعلى سبيل المثال لا الحصر، فان الفيلسوف الالماني، (فردريك نيتشه) (1844 – 1900م) ،الذي تقوم فلسفته، على اساس عنصر القوة، فالبقاء للأقوى، من أبرز مفاهيم (نيتشه). فمن يمتلك القوة يمتلك الثروة و السلطة، يقول (نيتشه): (أقوى وأسمى إرادة في الحياة لا تتمثل في الكفاح التافه من أجل الحياة ، و إنما في إرادة الحرب، إرادة السيطرة).
و كذلك يؤمن (نيتشه) بأن البقاء للأقوى. و الأقوى هو العنصر الأصلح و الأسمى في الوجود. و الأقوى سيكون العنصر الفاعل، في تطور الجنس البشري و تكاملة في الحياة. فان فلسفة القوّة، أَلغَت من الوجود، الانسان العفيف المسالم الوديع، واعتبرته عنصراً معوّقاً للارتقاء البشري.
الحال لا يختلف كثيراً في فلسفة ماركس(1818 – 1883 م)، الذي يعطي كل توجهاته لموضوع (التَّعارض و التَّضادّ و التَّناقض)، الذي أُطلق عليه مصطلح (الديالكتيك)، و هو العنصر المتحكّم بالوجود الانساني. فالتطور ماهو إِلّا صراع دائم بين الطبقات الاجتماعية؛ طبقة اصحاب وسائل الانتاج (الرأسماليين الأغنياء)، و طبقة العمّال (البائسين المقهورين من قبل الرأسماليين).
وبسبب الدمار الكبير، الذي احدثته الحربين العالميتين الأولى و الثانية، ظهر تيار فكري، تزعمه الفرنسي (جون بول سارتر 1905 – 1980)، و زوجته (سيمون دي بفوار 1908 – 1986 م). و جوهر هذا التيار، أن يكون الانسان حراً، مُطّْلِق العنان لشهواته و لذّاته، و ما تشتهي نفسه.
لو قارنا هذه الفلسفات و الافكار، مع ما كان سائداً، في زمن الجاهلية. سنجد هناك تطابقاً كبيراً بين هذه تلك.
1. ففي الجاهلية، كان القويّ هو الذي يحكم، و هو الذي يفرض ارادته على الأضعف.
2. في الجاهلية، كان الصراع الاجتماعي و الطبقي، ظاهرة موجودة على أرض الواقع.
3. المجتمع الجاهلي، كان منغمساً في الملذّات، وغارقاً في الشهوات الرذيلة.
و عندما بلَّغ النبي محمد (ص) برسالة الاسلام، لم يَلقَ الطريق سهلاً أَمامه، فقد قاومته الجاهلية بعنّف، خوفاً على مصالحها. لكن بالنتيجة، انتصر الاسلام على الجاهلية، و أستبدل كل المفاهيم الضالة و الظالمة، بأخرى مستقيمة عادلة.
إن تجربة الاسلام، لم تستمر على النهج الذي رسمه الله تعالى، فقد اختار الناس، طريقاً غير الطريق، الذي اوصاهم رسوله الله (ص) باتّباعه. لقد كانت وصية النبي (ص) لقومه:
(إني تارك فيكم الثقلين : كتاب الله ، وعترتي أهل بيتي ، ما إن تمسكتم بهما لن تضلوا بعدي أبدا).
لم تتمسك الأُمّة بوصية نبيها(ص)، فأصبحت في حالة من الضعف و التشرذم، حتى تمكّن منها اعداء الاسلام، الذين تآمروا عليها، و انتجوا من أَبنائها، عصابات مجرمة توغل في قتل الانسان، و تعتدي على عرضه و تسرق ماله، تحت غطاء الجهاد المزيف، الذي صنعه اعداء الاسلام.
و بالوقت الذي نستذكر فيه، ذكرى انتقال الروح المقدسة لنبينا محمد (ص)، الى بارئها سبحانه، يجب علينا ان نراجع قيم الاسلام الصحيحة، لنكتشف طول المسافة، التي تُبعد الكثير جداً من المسلمين، عن الاسلام الصحيح.
نحن بحاجة الى صحوة اسلامية، خالية في كل مساحتها، من دجل الدجالين، و خرافات المنافقين. حتى نستدرك إِبعاد جيلنا الحالي و المستقبلي، من منزلقات الجهل بتعاليم الاسلام، الذي اعتمد في فلسفته الاخلاقية، على مبادئ العدل و الحق و احترام الانسان، دون التمييز في الدين و العرق و القومية. فالجميع
محترم في الاسلام، بشرط عدم المساس بالخطوط العامة التي شرّعها الاسلام.
وللتذكير فقط أقول:
ألم يحفظ الاسلام في عهد رسول الله(ص)، حرية غير المسلمين في العبادة و التجارة و مخالطة المسلمين؟.
فلمَ يخاف الغير من الاسلام المحمدي الصحيح و الأصيل؟.
فسلام عليك يا رسول الله، يوم ولدت، و يوم توفاك الله تعالى، و يوم تُبعث حيّا.