جاءت الاحداث الاخيرة في العاصمة العراقية بغداد في الوقت الذي كان ملايين الشيعة تتوجه لزيارة ضريح الامام موسى الكاظم (عليه السلام) وهو الامام السابع من الذرية الشريفة للرسول الاكرم محمد (صلى الله عليه واله) الذي صادف يوم الخميس (14/5/2015) الذكرى السنوية شهادته واغتياله على يد الخليفة العباسي هارون ، ويعتبر هذا الحاكم من أشرس حكام الخلافة العباسية نظرا لممارساته الوحشية تجاه معارضيه والتي أتسمت بالعنف والاضطهاد والتصفية الجسدية لكل من يحتمل ان يكون مصدر خطر لحكومته وسلطته وتجلى بطشه وجبروته بالدرجة الاساس ضد الشيعة ابتداءً من قيادتهم المتمثلة بالإمام الكاظم (عليه السلام) وانتهاء باهل بيته وشيعته في كل انحاء البلاد الاسلامية آنذاك .
الزيارة الاخيرة التي أحياها شيعة العراق وصل عدد المشتركين بها الى (12 مليون زائر) وهو العدد الذي اعلنه الوكيل الإداري والمالي للوقف الشيعي الشيخ سامي المسعودي وكذلك أكد هذا الرقم وسائل الاعلام الحكومية ، وبالرغم من الاجراءات الامنية المتشددة التي شهدت مشاركة (70000 ) عنصر أمني بحسب وزارة الداخلية العراقية ، الا ان مراسيم الزيارة للإمام الكاظم (عليه السلام) شهدت تعرض عدد من مواكب الزائرين الى اعتداءات في مناطق متعددة من بغداد من قبل التكفيرين وتناقلت وسائل الاعلام صور من تلك الاعتداءات الاثمة تنوعت اساليبها الاجرامية على شكل ( سيارات مفخخة واحزمة ناسفة وصواريخ كاتيوشا ) راح ضحيتها العشرات من الزوار بين شهيد وجريح .
ونعود الى حادثة الاعظمية والتي حصلت في الساعة الثانية من صباح يوم الزيارة الخميس حيث ابتدأت شرارتها بينما كانت حشود الزائرين تسير نحو مدينة الكاظمية انطلقت صيحات من قبل بعض المغرضين المندسين في حشود الزيارة لتحذر الناس من وجود مفخخين بينهم مما أدى الى ارباك وتدافع وسط الحشود البشرية في حالة مشابهة لما حصل قبل (10) سنوات قريبا في نفس المناسبة ( ذكرى شهادة الامام الكاظم ) وبنفس المكان (الاعظمية) في حادثة عرفت بـ ( كارثة جسر الائمة) والتي ذهب ضحيتها الف شهيد قتلوا دهسا او غرقا نتيجة لإشاعة (مشابهة لما جرى صباح الخميس) بوجود أحزمة مفخخة بينهم وهو ما أدى الى التدافع الشديد بين الزائرين .
لذلك كان رد فعل الزائرين ف حادثة الخميس (14/5/2015) عفوي وذلك بالتفرق عن الحشود باتجاه المنازل القريبة وكذلك باتجاه دائرة الوقف السني ، الا ان قيام افراد الحماية الامنية للوقف السني بإطلاق النار باتجاه الزوار ساهم بتوتر الاجواء خصوصا مع سقوط عدد منهم مضرجا بدمائه ، لتكون ردة فعل الزائرين التصدي لعدوان تلك الحمايات وهو ما جعل بعض المندسين الذين فيما يبدوا خططوا لكل هذه الحالة من الفوضى ليقوموا بأحراق بناية الاستثمار التابعة للوقف السني بهدف اثارة الفوضى وتصعيد الموقف وربما لمأرب أخرى تتمثل بإتلاف بعض الاضابير التي تدين الفساد المالي والإداري لبعض الشخصيات الكبيرة في الوقف السني والكتل السياسية السنية التي فيما يبدوا انها تورطت بملفات فساد كبرى خطط لإتلاف وحرق وثائقها في هذا الحادث المفتعل .
الحكومة والاجهزة الامنية القت القبض على عدد من المشتركين بحرق المبنى ومثيري شائعة التفخيخ في الاعظمية والكاظمية على حد سواء ، ورئيس الحكومة ووزير الدفاع قاما بزيارة المدينتين لتهدئة الموقف ، والعديد من الشخصيات الدينية الشيعية ايضا اصدرت بيانات ادانة واستنكار لمن تسبب بهذا العمل التخريبي ودعت الجميع الى اظهار التلاحم الوطني والديني ورفض اي اعمال مثيرة للفتنة الطائفية وكذلك شارك بعض الشخصيات الدينية السنية بإدانة المسؤولين عن هذه الافعال السيئة ومحاسبتهم ودعت الى عدم الانجرار ايضا وراء مخططات الفتنة الطائفية .
ان هذه الحادثة المفتعلة في الاعظمية يبدوا انها افتعلت لتتناغم مع المشروع الذي اطلقه بعض اعضاء مجلس النواب الامريكي بهدف تقسيم العراق من خلال التعامل مع السنة والاكراد والشيعة كدول مستقلة وتجهيز السنة والاكراد بالأسلحة في مخالفة واضحة للدستور العراقي الذي يمنع التدخل الاجنبي في شؤونه الداخلية وفي تناقض واضح كذلك في بنود الاتفاقية الامنية ( العراقية – الامريكية) التي حصرت التعامل الرسمي السياسي والعسكري مع الحكومة العراقية فقط .
كما ان توقيت الحادث المريب يأتي في غضون تحقيق الحشد الشعبي والاجهزة الامنية العراقية انتصارات متتالية في صلاح الدين والرمادي وديالى ضد الارهاب التكفيري المتمثل بعصابة داعش وحلفائها الخليجيين ، ويأتي ايضا متزامناً مع المماطلة الامريكية وتأخيرها تجهيز القوات الامنية العراقية بالطائرات والاسلحة التي تم التعاقد عليها منذ (6)اعوام ولم يتم تجهيزها للان رغم ان العراق يخوض حربا بالنيابة عن الانسانية جمعاء ضد الارهاب التكفيري الداعشي العالمي .
ان هذه الحادثة المفتعلة وغيرها من الجرائم التي تطال المجتمع العراقي نتيجة للإرهاب التكفيري الطائفي والذي يذهب ضحيتها الناس الآمنين من المسلمين والمسيحيين والأيزديين وغيرهم من اتباع الاديان والقوميات والطوائف ما بين قتل وتهجير لا تدفع العراقيون سوى الى مزيد من التلاحم والوحدة للوقوف في مشاريع تقسيم العراق والتي يحاك لها من داخل العراق من قبل الاجندة الاقليمية والدولية في سبيل تفكيك البلاد الى دويلات متعددة تكون ممهدة لإعلان ( مشروع الشرق الاوسط الجديد ) الامريكي في المنطقة وهو ما يرفضه الشعب العراقي بكافة اطيافه رغم الدعوات التي تخرج من قبل بعض السياسيين الطائفيين من هذا الطرف أو ذاك.