18 ديسمبر، 2024 10:02 م

يبدو أن وحدة العراق أرضاً وشعباً أصبحت قضية خلافية بين السياسيين العراقيين.. ولم تعد هناك رؤية موحدة إتجاه وحدة بلدهم وشعبهم .. وهذه الوحدة التي تعرضت إلى الخطر طوال عشرات السنين تمر هذه الأيام بمرحلة حرجة جداً سببها السياسيون الانتهازيون الذين يفكرون بإعتلاء الكراسي وإستلام السلطة حتى وان كانت على أشلاء وأجزاء من بلدهم .. المشكلة أن رافعي شعار تقسيم العراق أصواتهم أعلى من اولئك الذين يحافظون على وحدة البلاد والعباد، فهؤلاء صامتون، واولئك يصرخون ليل نهار بحق تقرير المصير وحق الإنفصال .. وما هي حقيقة الأمر إلا (نزق) التقسيم الذي يرفضه الجميع، ويتخذ البعض خطوات عملية لتنفيذه .. لم يفكر الاخوة الكرد عندما انقادوا إلى رغبة زعيم “بعضهم” مسعود برزاني بالإنفصال عن العراق، بأن هناك شعبا متعدد الاجناس في 15 محافظة أخرى يحبهم ولا يريد ان يبتعدوا عنه .. والأمر ليس بالبشر وحسب، بل بالأرض أيضاً .. ولم يفكر هؤلاء بأن لكل عراقي حق في العراق، من شماله إلى جنوبه، وليس من حق أحد إجتزاء أي شبر منه لبناء دولة، لن يكون مصيرها أفضل من دولة داعش مع أنها ليست إرهابية..

دولة على الأراضي العراقية وحسب لماذا؟ الأكراد موجودون في أربع دول منها العراق لماذا تجتزأ أرض العراق من أجل تحقيق أحلام برزاني.

هل فكر الأكراد بإستفتاء يشمل جميع العراق حول الدولة الكردية؟.. وكيف ستكون نتيجة الإستفتاء؟.. وهل فكروا أن العراق الدولة الوحيدة في المنطقة التي منحتهم هويتهم القومية والثقافية، والإدارة المحلية ولم يحصلوا على شيء من ذلك، في إيران وتركيا وسوريا . لماذا نضحي اذن بالأراضي العراقية لمجرد رغبة أشخاص أو جماعة .. نحن على يقين بأن قسما من الأكراد، وليس جميعهم يرغبون بدولة مستقلة، لأن الآخرين يدركون شيئين أساسيين، الأول صعوبة إستمرار هذه الدولة، والثاني، انها  تأتي نتيجة مطامع بالسلطة .. اليوم الاكراد يعيشون في العراق في أفضل أوقاتهم، لهم نواب في بغداد ووزراء وموظفون كبار ويتمتعون باستقلالية في الادارة، ولهم ألوية عسكرية تقوم بحراسة البرلمان والمنطقة الرئاسية في الجادرية، ولهم ما نسبته 17% من ميزانية العراق .. ويعيشون في أجواء ديمقراطية لا خطر عليهم من حكومة بغداد. بقدر الخطر الذي تشكله حكومة الإقليم على تضييق الحريات العامة، وصلت مؤخراً إلى حد منع جلسات البرلمان وإبعاد رئيسه .. فما الذي يتوقعون من هكذا حكومة عائلية، رئيسها برزاني، ومدير إستخباراتها برزاني، ورئيس الإقليم فيها برزاني، وغيرهم الكثير من المديرين العامين والمسؤولين في سدة الحكم .

الوحدويون في العراق مطالبون بالتحرك حيث لم يعد السكوت مجدياً ولعل صرخة رئيس البرلمان العراقي د.سليم الجبوري بداية جيدة للإنتصار للعراق ووحدته، وإسكات الأصوات التي تدعو إلى التجزئة، وهنا لابد من العمل على كسب المواطنين في الإقليم الذين يعانون من العوز نتيجة عدم صرف رواتبهم، وإنصافهم بصرف رواتبهم من بغداد وانهاء معاناتهم، وإستقطاع المبلغ من الميزانية السنوية للإقليم، لانهم مواطنون عراقيون قبل ان يكونوا كردا، وعلى السيد رئيس مجلس النواب العراقي الذي فتح النار على اعداء الوحدة، ان يدعو إلى وضع ميثاق شرف يوقع عليه جميع النواب في المجلس بالعمل على وحدة العراق، ومن لايوقع يصوت عليه ليكون خارج البرلمان، فليس من الإنصاف أن يكون ممثلو الشعب العراقي غير مؤمنين بوحدته ووحدة أراضيه.