( 1 )
فِي حَضْرَةِ أعْوَامٍ مُنْصَرِمَةٍ مَسَاحَاتٌ بَعِيْدَةٌ ؛
مِن الدَّهْشَةِ ، والمُوسِيقَى ، وهَوَسِ اللُّغَةِ المَنْسِيَّةِ،
وقَلِيْلٍ من الحِكْمَةِ ، ونُدْرَةٍ من خَوْفٍ ،
أقُولُ لِي مُنْفَرِدًا : اطْمَئِن ، فأناً مِلْكُكَ أبَد الوَجْدِ ..
فِي حَضْرَةِ نصِّ لَهُ الحُضُور خُطُوطٌ مُضْطَرِبَةٌ ؛
أشَارِفُ القَصِيدَةَ .. فَتَكْتُبُنِي عَصِيَّةَ التَّأوْيِلِ ،
وأعَانِدُ عَدسَةَ الكَامِيرَا .. فَتَلتَقِط لَحْظَةَ حَيَاءٍ ،
وأسْرِقُ الدَّهشَةَ مُنْفَرِدَاً .. فأَتَجَلَّى صُعُودَاً…
فِي حَضْرَةِ أرْبَعِين عَامَاً آنَ الوَقْتُ لِأبْوَابٍ أخْرى ؛
أنْ أزْهَدَ فِي الرَّحْبِ ، وللدَّهْشَةِ اتِّسَاعٌ ،
أنْ أقَاوِمَ بَرِيدِيَ الإليكْتِرُوني ، فأعْصِفُ بِالنَّوْمِ،
مُضْطَرِبَاً أجِئُ .. وأسْتَدِيْرُ للصَّهْرِ ….
( 2 )
وَقْت إسْقَاطِ القُبْحِ تُؤْلِمُنَا أسْئِلَةُ الأمْسِ ؛
مَن سَرَقَ ذِكْرَيَاتِنَا مِنْ صُنْدُوقِنَا السِّرِّيِّ ؟
وَمَا الذِّي دَفَعَنَا للسَّاحِلِ ونَحْنُ نَخْشَى المَوْجَ ؟
هَاكُمُو حَوَائِطُنَا المُصْمَتَة .. فَمَنْ يَجْرُؤ عَلىَ النَّقْشِ ؟ ..
تَأْتِيَ الوُجُوهُ أكْثَرَ غَضَبَاً ؛
تَنْفَضِحُ اللَّذَّةُ فِي شَكْلِهَا المَرِيْرِ ، ويَخْطُو القَلْبُ مُتْعَبَاً كَالحَاجِبَيْنِ ،
تَشْهَقُ الرِّئَةُ بالمُثَنَّى ، وجُمُوعِ التَّكْسِيْرِ النَّادِرَةِ ..
تَهْتَزُّ الرِّياحُ يَقِيْنًا ؛
مَا عَادَ الصَّبِيُّ كَعَادَتِهِ أَجِيْرَاً للَوَقْتِ ،
هُوَ فِتْنَةٌ ، وثَمَّةُ خَتِمَةٍ مِن الصَّحْوِ ،
اليَقِيْنُ أنِّي مُبْتَدَأٌ ؛ هَارِبٌ مِن تَمَامِ خَبَرِهِ ..
( 3 )
والشَّارِعُ يعبرُ بي نُقطةَ ضَوءٍ ،
لا مَلامِحَ للرَّصيف ناحِية اليَسَارْ ..
هكذا أراهُ لَيلاً ونهارْ
وهكذا تْصْدحُ التَّجْرِبةُ في أذني ،
” أنا سيِّدُ هذا العالم ” ..
أدقُّ ، أدقُّ بعنفٍ ،
ولا أقبلُ أن أكونَ عَازفاً فَقِيراً ، يطلبُ هُتافاً كزَعيمٍ مخلوعٍ
فصَباحٌ جميل يا أصْدِقائي ، خَارجاً عن هُويَّتكم ،
أنا رَجُلٌ لا يَقبلُ مُساومةً في جماهيريَّتِه ،
واللُّغةُ ، أصْنعها كيفما أشاءُ ..
فالنَّصُّ أنا ، واللغةُ مصنوعةٌ من هَوسٍ ويَقينْ ..
( 4 )
عادةً ، أغيِّرُ الطَّرِيقَ ، فأسِيرُ في شَارعِ ” عدنان المالكي “،
قلَّما صَادفتُ نِسائي بهذهِ الطريقِ ،
ويُدهشني أن تاجِراً لا يبيع السَّجَائرَ ،
وأكثر دهشةٍ ، أني أدخِّنُ كَطقْسٍ بِدائيٍّ ..
أعجَب ، أنَّه لا تَاريخَ لي يَكتبه السَّلَفُ ،
فالأوراقُ بيَدي بندقيَّة ،
والأقلامُ شُهداءٌ لا يموتون ..
وأَعْجبُ ، حينما أشرُعُ في الرَّسمِ ،
فأرسم دولةً ؛
لا حُدودَ لا ، لا تُخومَ لهَا ، لا جَيشَ لهَا ،
بغير رايةٍ ،
ولا هَوسٍ ، ولا أطفالٍ ، ولا مَوتى ،
فدَولَتي ، آخِرُ حُدودِها .. أنا ..
( 5 )
في عَجَلٍ ..
أكتُبُ النارَ على الوقائع مدىً ،
هذا الرَّفضُ الذي يَأتي لحْظةَ الميلادِ
لا أعرفُ
من الذي يمنح حقَّ ارتدادي لرَحمِ أمي ،
أن لا تَضَعِيني طِفلاً يُزْعِج أقرانَهُ ،
آن للصَّبي أن ينمو ،
وينزح نصف شَعرةٍ بيضاءَ ،
تُعْلِنُ أنه اللعنُ من الصِّبا ..
هذا بنفسجٌ ، أسميه امْرَأةً ،
ينمو وَسْطَ حُزني ،
وحزنٌ يعطي لسبعةٍ وعشرين قتيلاً … سِحراً ..
أخبئ تلك التَّحيات التي يضاهيها طموح معاناةٍ
يسرقُ عُمري كتمانٌ يبكي ،
يتواصل مع جفن أمي ، وضحكةِ امْرَأةٍ ..
المُسَافرونَ في دمِي لن يُغادروه هذا العام ،
إنهم يميلون للغرقِ ، وأنا الموجُ ،
إذ يُصبِحَ سَهراً ،
و وَسَنَاً ،
وخيطاً أزرق يفصل بين رَحِمٍ .. وبنفسجٍ ..
**************************************************
ـ أستاذ المناهج وطرائق تدريس اللغة العربية المساعد
كلية التربية ـ جامعة المنيا