23 ديسمبر، 2024 6:34 م

وجهتي ووجهتها…..وجه الوطن ….ووجهة الحب والجمال

وجهتي ووجهتها…..وجه الوطن ….ووجهة الحب والجمال

قراءة اولى في المجموعة الشعرية الجديدة للشاعر علي رحماني ….
الحديث او الكتابة عن مجموعة علي رحماني الشعرية الجديدة والموسومة00.((وجهي ووجهتها )) الصادرة عن دار الشوؤون الثقافية العامة التابعة لوزارة الثقافة العراقية وضمن مشروع بغداد عاصمة الثقافة العربية …يتطلب منا مدخلا توضيحيا لعالم هذا الشاعر وليكون عرضا موضوعيا لولوج فضاءات ورؤى هذا الشاعر الذي ضهر ضمن جيل الثمانينيات المعروف بكثرة اسمائه وتنوع تجاربه وخصوصية ظهوره وتطوره .وبرأي ان هذا الجيل يمثل قمة هرم التطور الحداثوي للشعر العراقي بعد اجياله المتتابعة ان جاز لنا التعبير او التوصيف وعلي رحماني واحدا من اعمدة هذا الجيل من الذين ساهموا في تثبيت اركانه وتكريسه ومشاركاته المتنوعة فيه ……ولبعده عن التكتلات والمهرجانات انذاك لم ينل حظه من الدراسة والمتابعة وشخصيته الخجوله اضافة الى عملة الوظيفي كونه مدرسا للرياضيات العالية في معهد النفط كان يجده حجة وتبريرا لهذا الابتعاد ورغم كونه ينشر في الصحف والمجلات العراقية والعربية الغير المتخصصة فهو حسب علمي واستنباطي وخلال متابعتي لبعض المقابلات الصحفية له ….فقد كان همه الوصول الى اكبر عدد ممكن القراء وشغله الشاغل كان وما يزال في الكتابة هو المعادلة الصعبة مثلما يسميها او يكررها في كتاباته النقدية المنشورة ….في الصحف والمجلات ….

في مجموعته الشعرية الجديدة التي تحتوي ست عشرة قصيدة متنوعة المواضيع والافكار والرؤى وتطرح عددا من القضايا والعلائق الاجتماعية والسياسية والفلسفية والفكرية التي يوحدها هم الوطن الجريح والبلاد المنكوبة بالازمات تظهر لنا حالة الرفض بتعابير شتى واساليب تتغير حسب الحالة فحتى في تداعي حواراته مع صديقه المغترب ((ضياء العلاق )) في قصيدة بعض اشياء لم تعد حالمة نراه يذكره بقضية الوطن وعوالمه التي يربطها بحزنه وكانه يدعوه بشاعرية الحلم واللغة الأستذكاريه الحالمه ….العودة الى خيمة الوطن

(( ربع قرن صدى ….

ومازلت انت الضياء العجيب ….

ومازال قلبك طيرا غريب ….

يسأل عن صخبنا …او عنفنا ….

وعن حربنا القائمة ….))…….

وكذلك نراه في حرائق بوح التي يهديها الى الكاتب صافي الياسري

…….

((فما زال سومر يسافر لأقصى سومر

والمفخخات لم تعد تشغلنا …..

ولا الوعيد ولا التصريحات النارية ….))…..

والكلمات تبوح اكثر مما تتحدث وهذا ما يكرره الشاعر علي رحماني في دراساته النقدية وتناوله بعض مجاميع في عرضه وتحليله لها …..

والأيحاء يسيطر على مجريات وتداول لغته الصافية اضافة الى تلاعبه في الجملة واستخدامه للقافية استخداما طوعيا في امكنة الضربة الشعرية واللمحة الايقاعية واعتقد انه مقصود فعلي رحماني يؤسس لقصيدته ويبنيها بناءا محكما يخطط لها ويرسم عالمها وصورها بتأن ويرصد تداخلاتها واختياراته المتقنة لها والايقاع يتناعم مع هذا التشكيل الجميل …..لتصبح صورة شعرية جذابة

((اتفق الشارع والشاعر….

في اسرارعناق اعمى …

واسراب قرائن شتى ……

واختلفا في تهجير القتلى …..

ثمة من يستوعب حزن الشاعر ….

في مدن المنفى …..))….

رغم اغلب قصائد الديوان طويلة الا انها غير مملة والتكرار الموجود في بعض الجمل يؤكد الحالة التي يريد الشاعران يكرس طرحها ….والقصيدة الواحدة تطرح عدة قضايا في موضوع محوري رئيسي دال على ارتباط القضايا الثانوية الاخرى به نلاحظه جليا في قصيدة رصيف المتنبي التي تطرح قضية الوطن من خلال الثقافة بعمومها والكتب والقصائد وهموم الكتابة والحب والبلاد وانتقالاته القصصية وتوقفاته الهامشيه بأسلوب الحوار الداخلي ….يشد قارئه

((سيدتي ….لنا وطن ….

سنقرؤه هاهنا في شارع المتنبي ….

وطن الانتماء….الأحتماء ….

وطن تشرأب له المديات …..

تنصاع له غمرات الرقاب ….

وطن يتقمص روح الاهاب ….

يتناسب فيه الرضا والأياب ….

نتحمس اذ يرتضينا كتاب ……

وطن الشارع المتنبي …..

وطن الشاعر المتنبي …..

وطن المكتبات ))…..

ويكثر الشاعر من استخدام التناغم اللفظي والقافية في امكنة معينة حين يريد التركيز عن موضوعه الرئيسي ….

القصائد ذات طابع سياسي وموضوعها الوطن والاحتلال وافرازاتهما وانعكاس التداعيات اليومية لها كذلك عالم الشاعر الذي يتدخل ليطرح قضيته باتقان ولعبة جماليه تجعلنا نتعاطف مع قضيته التي هي قضيتنا لينتقل انتقالته من الذات المعبرة الصادقة الى العام الشمولي بكلمات مباشرة لكنها موحية وصارخة بصراحتها واهمية الحدث المعلن فيها …..

((بغداد وجهي الذي اكلته فصول الكآبة …..

قلبي الذي وسوس الخوف في جرحه ….))…

او نقرأ ايضا في نص آخر….

…..

((يا ملوك الطوائف …..

يا من تلوكون بأوجاعنا …

وتنهشون قريحتنا ….

لا تخذلونا بأدعاءاتكم….

ولا توهمونا بأمصاركم ومصائركم …..))

يحاول الشاعر في هذه المجموعة ابتكار اساطيره الخاصة به ليوظف الاحداث والشخوص الجديدة فيها لتأخذ قصيدته بعدها الرمزي والاسطوري خلال تجربته الجديدة محاولا الايحاء مرارا ليبين لقارئه فضاءات الرؤية ومحاولا التواصل بغنائية واحيانا مباشرة …مبتعدا عن مناطق الغموض والايهام ….ليرسم لوحته بتلقائية ويرصد موضوعه بأتقان…..

اعرف ان المجموعة فيها الكثير الذي يستحق التوقف عنده والدراسة النقدية الموضوعية فيما تطرح من مشروع شعري جديد دعى له الشاعر منذ ثمانينات القرن المضي واسس له وهو اليوم يحاول ان يجسده في هذا العالم الجميل ….وفضاءاته الجديدة …حين يتقصى الانتظار ….ويستوعب لهاث الوقت …واسيعاب الرؤيا …..

((اتفق الصوت مع الصمت …..

والصخب مع الموسيقى

والعنف مع العبرات …..

والسكين مع القبلات ….

والموت مع الحب ….

فأرتبك اللوح

والالوان انتقضت ….

واختلفت كلمات البوح …..

هذه محاولة بسيطة ومتواضعة في عرض هذا الجهد الجميل لشاعرنا المبدع ابدا علي رحماني وهي دعوة للمهتمين والنقاد والمتخصصين لدراسته دراسة شمولية رصينة لتأخذ حقها وموقعها في هذا العالم الواسع والمكتض بالاسماء والعناوين …