12 أبريل، 2024 8:03 م
Search
Close this search box.

وجهة نظر حول كتاب مواضع للنظر للشيخ جابر جوير

Facebook
Twitter
LinkedIn

تمهيد
 
اطلعت قبل فترة على كتاب بعنوان مواضع للنظر للشيخ جابر جوير، وهو مناقشة لبعض اطروحات سماحة السيد كمال الحيدري حفظه الله، وبعد اطلاعي على الكتاب وقفت على بعض الملاحظات التي أعتقد بأن الشيخ جوير قد اشتبه فيها، ولقد أرسلت له هذه الملاحظات منذ عدة أشهر، وذلك عبر بريده الإلكتروني الموجود في نفس الكتاب–([email protected])- وكان ذلك بهدف الإستيضاح، ولكن وللأسف الشديد لم يصلني أي رد منه حتى الآن، وربما يكون سبب ذلك هو أن الإيميل المذكور غير صحيح.
 
لهذا سأقوم بنشر هذه الرسالة على أمل وصولها للشيخ جوير للحصول على توضيحاته حولها، علماً بأنني لم أتناول في هذه الرسالة إلا الملاحظات التي سجلتها حول الوقفة الأولى من كتابه، وكان أملي أن يتفاعل معي لأتمكن من استكمل بقية الملاحظات حول وقفاته الأخرى التي احتواها كتابه، غير أن هذا لم يتم، وأتمنى أن أتمكن من ذلك بعد حصولنا على توضيح منه حول هذه الملاحظات.
 
سماحة الشيخ جابر جوير    المحترم
 
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
 
قرأت كتابكم المُعنون بـ مواضع للنظر (مناقشات ومتابعات لما طرحه أحد أساتذة الحوزة العلمية في قم المقدسة حول بعض رموز الطائفة وأعلامها الأعاظم) وهو لمناقشة بعض أطروحات سماحة السيد كمال الحيدري في هذا الشأن، ولقد سررت كثيراً عندما رأيت الكتاب، وذلك لكوني ومنذ فترة أبحث عن ردود عقلانية على أطروحات السيد الحيدري بأسلوب علمي هادئ ومتزن، وبعيد عن الأساليب الخطابية والعشوائية التي شاهدناها، وقد تفاءلت بهذا الكتاب خصوصاً عندما قرأت ما قاله سماحتكم في بدايته “ينبغي ابتداءً الإشارة إلى أن ما حوته هذه الأوراق إنما هي مناقشة علمية؛ جاءت نتيجة ما أراه –بحسب نظري القاصر- أنه مما يعوزه التعليق والمُلاحقة العلمية؛ كي لا يخفى الحق على أهله، ولم أرد إساءةً لشخص أحد، أو تنقيصاً من قدره، أو استخفافاً به، أو حتى بمساهماته المعرفية، وجهوده وخدماته العلمية، بل أريد التنبيه الذي يأتي في سياق النقد العلمي المحض، والذي يحفظ للجميع تمام حُرمته واحترامه، والله من وراء القصد” .
 
فلقد تفاءلت كثيراً بهذا الكلام، لأن الكثير من ردود الأفعال –وليست الردود- على أطروحات السيد الحيدري كانت ضعيفة ومتهافتة ولا تصمد أمام النقد العلمي، وذلك لأنها عبارة عن انتقادات عشوائية وإساءة ومحاولة تسقيط، وليست ردوداً علمية ممنهجة، وهذا الكتاب كما جاء فيما أوردناه يشير إلى اختلاف عن كل ما عهدناه في هذا الموضوع، ولكنني ومن خلال قراءتي له وقفت على بعض الملاحظات التي أحببت أن أسجلها لكم على أمل الحصول على توضيح منكم. 
 
حول الوقفة الأولى:
 (هل وظيفة المرجع الديني كتابة الرسالة العملية فقط؟)
 
ذكرتم في الوقفة الأولى هذا السؤال: (هل وظيفة المرجع الديني كتابة الرسالة العملية فقط؟) ومن ثم انتقلتم لنقل كلام السيد الحيدري في الحلقة الأخيرة رقم 25 من شهر رمضان المبارك لعام 1433هـ والتي جاءت بعنوان: ((المرجعية الدينية وآفاق المستقبل))، حيث استشهدتم بكلام السيد الحيدري على أنه يرى بأن المرجع الديني في الاتجاه الأول وظيفته فقط إصدار الرسالة العملية، ومن ثم رددتم عليه، وأثبتم بأن المرجع الديني في هذا الاتجاه لديه عدة وظائف يقوم بها غير الفتوى والرسالة العملية بعنوان الأمور الحسبية أو الولاية الحسبية، وهنا لدي بعض الملاحظات التي سوف أستعرضها في الآتي:
 
1.   أن السيد الحيدري كما هو واضح لم يكن مراده أن ينفي كل الوظائف الأخرى للمرجعية من الاتجاه الأول بدليل أنه قال في نفس الحلقة بأنه لا يعني الأدوار العلمية للمرجع، ولا يريد الكلام في الأمور الحسبية كذلك، وإنما كان مقصوده –وهذا من خلال تتبعي لكلماته وآراءه في هذا الأمر- هو الدور الذي ثبت للفقيه بدليل لفظي من الإمام عليه السلام، والمراجع في الاتجاه الأول كالسيد الخوئي “قدس الله روحه” لا يرى ثبوت ولاية للفقيه بدليل لفظي من الإمام إلا في الإفتاء فقط. فالسيد الحيدري إذن لا يريد الكلام في الأمور الحسبية، ولقد بين ذلك في نفس الحلقة المذكورة، وإذا اتضح ذلك، يكون كلام سماحتكم خارج عن إطار بحث السيد الحيدري، ولا مناسبة بينه وبين قولكم: “أقول: الحاصل مما تقدم؛ أن مسلك المحقق الخوئي قدس الله روحه في ولاية الفقيه؛ هو (الولاية الجزئية)، أو ما يسمى بـ (الولاية الحسبية)، أو ما يسمى بـ (الولاية الحسبية)، أو (الولاية في الأمور الحسبية)، ولكن لأن المتحدث قصر نظره فقط على المقدار الذي نقله في مقام استدلاله على مدعاه؛ خرج بنتيجة غير متطابقة مع واقع مسلك المحقق السيد الخوئي قدس سره، فالمتحدث لم يراع ما ذكره قدس سره قبل صفحة واحدة فقط، وكذا لم يراع ما ذكره قدس سره مباشرة وفي نفس السياق والصفحة بعد المقدار الذي نقله المتحدث واعتمد عليه لإثبات مطلوبه”  لأن السيد الحيدري كان يتحدث عن ما ثبت بدليل لفظي من الإمام والأمور الحسبية خارجة عن ذلك.
 
2.   بناءً على ما تقدم، فإنه من الغريب أن يكون رد سماحتكم على السيد الحيدري بما هو خارج عن محور كلامه (بالأمور الحسبية)، والأغرب من ذلك أن تتجاهلوا ذلك ولا تبينوه منذ البداية، إذ أنكم لم تذكروا ذلك إلا بعد ردكم واستعراضكم لموضوع الأمور الحسبية، ومن ثم أوضحتم بأن السيد الحيدري كان قاصداً لعدم التعرض للأمور الحسبية، حيث قلتم: ((ومما لا يكاد ينقضي منه العجب؛ أنه (في الدقيقة: 27:10 ومابعدها)، قال مقدم البرنامج (المضيف) عن المحقق السيد الخوئي قدس سره: “يؤمن في الولاية بالأمور الحسبية”. فقاطعه المتحدث: “في الأمور الحسبية، هسه ما أريد أدخل في التفاصيل!”. انتهى مع أن هذا الذي أسماه بـ (التفاصيل) هو بمثابة الرد على نفس الدعوى التي أثارها المتحدث ونسبها إلى المحقق السيد الخوئي قدس سره!!)) . وأنا بدوري لا ينقضي عجبي أيضاً، ولكن من سماحتكم وليس من السيد الحيدري، إذ لماذا لم تبينوا منذ البداية أن السيد الحيدري قد قال بأنه لا يريد الحديث عن الأمور الحسبية، لأن هذا يعطي مؤشر على أن الأمور الحسبية خارجة عن محل كلامه، وهذا يرفع الإشكال منذ البداية ويجعل البحث ينحى منحىً آخر، أما أن تتجاهلوا هذا وتوردوه في النهاية، ومن ثم تظهروا التعجب منه بالشكل الذي فعلتموه، فهذا مما لا أفهمه، خصوصاً وأنكم تكلمتم أيضاً عما أسميتموه (ببيان الخلل في الاستشهاد الثاني بكلام المحقق السيد الخوئي قدس سره)، والغريب أنكم لم تشيروا فيه إلى أن مقصود السيد الحيدري هو ما ثبت للفقيه بدليل لفظي من الإمام ولو على نحو الاحتمال فقط، على الرغم من وجود القرائن الداعمة لذلك في نفس حلقة البرنامج –كتوضيحه بأنه لا يريد أن يتكلم حول الأمور الحسبية- والتصريحات الواضحة له في بعض دروسه التخصصية في بحث الخارج.
 
3.   لقد كان من المفترض على سماحتكم أن يرجع إلى دروس السيد الحيدري التخصصية في بحث الخارج، ففيها توضيح للإشكالات التي ذكرتموها، لأنه كما هو واضح من سماحتكم أنكم لم تخصصوا الكتاب لمناقشة السيد الحيدري في حلقة البرنامج فقط، وذلك لأنكم في وقفاتكم أوردتم بعض الإشكالات على السيد في بعض دروسه التخصصية في بحث الخارج، كما جاء في الوقفة الثانية وغيرها، فإذا كان كذلك، فلماذا أهملتم الرجوع إلى أبحاثه ودروسه في بحث الخارج التي تطرق فيها وبالتفصيل لنفس الموضوع، فلعلها ترفع الإشكالات وتوضحها بشكل وافي وشافي، بل والعجيب أنكم لم تشيروا لها ولو بمجرد الإشارة، رغم أن الكثير من الكلام الذي ذكرتموه قد قاله السيد الحيدري وأوضحه في هذه الدروس.
 
4.   والأغرب من ذلك والأعجب بأنكم في الوقفة السادسة والتي عنونتموها بـ (مناقشة ما أجاب به المتحدث في درس بحث خارج الفقه على ما ذكرناه في مناقشتنا الأولى له)، حيث نقلتم ما جاء في درس بحث خارج الفقه للسيد الحيدري في الدرس رقم 283 و284 من مفاتيح عملية الاستنباط الفقهي، وقلتم: ((في الفقرة الأولى (أولاً ما ذكره جواباً على مناقشتنا، أجنبي عنها! وذلك أن ما أفاده لا ينسجم مع ما طرحه في القناة الفضائية، وفي الحلقة: (25) من برنامجه: (مطارحات في العقيدة) الذي بث في شهر رمضان المبارك، والذي كان مورد مناقشتنا، ذكرنا فيها أنه لم يقرأ تمام كلام المحقق السيد الخوئي قدس سره، حيث اقتصر على بعض كلامه قدس سره، وأعرض عن الآخر؛ فما أفاده في مجلس الدرس بمثابة التراجع عن رأيه الذي شيده هناك، وإبراز رأي جديد… )) . ولا أدري كيف عرف سماحتكم بأن السيد الحيدري في دروسه كان يرد عليكم بالخصوص هذا أولاً. وثانياً: هل كان حوارك ومناقشتك للسيد الحيدري مقتصراً فقط على ما جاء في حلقة البرنامج حتى تقول بأن ما قاله أجنبي عنها أم أن الهدف هو مناقشة فكر السيد الحيدري في هذه النقطة؟. ثالثاً: إذا كنتم تريدون مناقشة السيد الحيدري في ما قاله في البرنامج فقط؛ فلماذا اشكلتم عليه في بعض الوقفات من خلال بعض كتبه ومن دروسه التخصصية في بحث خارج الفقه؟. رابعاً: كيف تقول بأن السيد الحيدري قد تراجع عن رأيه بعد بيانك وإشكالاتك عليه مع أنه –أعني السيد الحيدري- قد ذكر رأيه هذا في دروسه التخصصية في بحث خارج الفقه- مفاتيح عملية الاستنباط الفقهي/الدرس 162 وما بعده، وهو بتاريخ 6 جمادى الأول عام 1432 هـ، أي قبل حلقة البرنامج بأشهر (أكثر من سنة)، وذلك لأن الحلقة المعنية كانت في 25 رمضان 1433هــ، ولذلك نستطيع أن نقول بأن السيد الحيدري لم يتراجع عن رأيه كما تظن، وإنما أعاد شرح ما قد قاله سابقاً بمزيد من التوضيح والشرح في الدرس رقم 283 وما بعده، ويمكنك التأكد من ذلك بنفسك من خلال الرجوع إلى تواريخ هذه الدروس.

كلمة الختام
 
هذه بعض الملاحظات التي وقفت عليها حول الوقفة الأولى، وآمل أن تتفاعلوا معي بالتوضيح لنتمكن من مواصلة الحوار واستكمال بقية النقاط، علماً بأنني ناقشت هذه القضية بالتفصيل من قبل في موضوع بعنوان: ((حوار مع السيد هاشم الهاشمي حول حديثه عن السيد الحيدري)) ويمكنكم الرجوع إليه من خلال الرابط التالي:
 
https://docs.google.com/file/d/1DY3oEdKUW4mtVNth7xd
DsBF0E5ckXUOsnU63WUefqa2qYUL97fYnHCpGqO_2/edit?pli=1

مقالات اخري للكاتب

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب