ليس من الصعوبة بمكان ان يستشف أي إنسان مدرك وواعي وعاقل مِن أن تردي الأوضاع العامة في العراق سياسياً وإقتصادياً وإجتماعياً وأمنياً وتحضراً هي نتيجة منطقية لوجود جموع غفيرة من الأشخاص أو الجماهير بالمجتمع العراقي ينتمون أو يؤيدون بعض التيارات أو الأحزاب أو التنظيمات أو التجمعات المتخلفة بطبيعتها وتكوينها ومنطلقاتها الحقيقية خصوصاً إذا ما أُتيحت لمثل تلك التيارات فرصة المشاركة بإدارة شئون العراق وتشكيل نظام الحكم فيه أو التأثير في قراراته. ويأتي في مقدمة تلك التنظيمات المتخلفة أحزاب الإسلام السياسي التي إستثأرت بحكم العراق منذ عام ٢٠٠٥ ولحد الآن. ويتصدر قائمة التنظيمات التيار الصدري الذي يتميز ، بشكل عام ، بتخلف أتباعه بمختلف مستوياتهم إدراكاً وثقافتاً وتعلماً وتحضراً حيث ولائهم المطلق لشخصية جاهلة ومتخلفة يأتمرون بأوامره بشكل أعمى وذليل ويتبعونه كما تتبع الخراف الراعي يأخذها ويوجهها الى أي إتجاه أو مكان للتواجد والرعي دون أن يكون لتلك الخراف أي إدراك أو وعي أو رأي سوى أن تتبع ذلك الراعي الى حيث يشاء مهما كانت صفة هذا الراعي من التخلف والجهل وعدم التحضر . ويكفي مراجعة بسيطة للمستوى الثقافي والتعليمي لراعي التيار الصدري ودرجة تحضره وضحالة تفكيره في شئون السياسة وإدارة الدولة وعدم إتزانه في قراراته التي تَنُم عن جهل وعدم إدراك ، والحقيقة يرثى لحال أتباع هذا الشخص المتخلف والمؤثر في نفس الوقت في إدارة العراق والسبب هو كثرة الأتباع من المُغْيّبين وغير المثقفين لهذا الرمز الجاهل الذي توفرت له بعض العوامل المساعدة في مقدمتها مليشياته المسلحة والإستحواذ على حجم كبير من الموارد الإقتصادية والمالية لتمويل مشروعاته ومرتزقته مما مكنه من السيطرة على قرارات الدولة سواء على مستوى ما يسمى ” البرلمان ” أو على مستوى ما تسمى ” الحكومة “. والشيء المهم والواضح هو إستغفاله لأتباعه المساكين بشعارات يدعي بأنها وطنية في حين إنه تابع فكرياً وولائياً للجارة إيران ، فمن قم ينادي بتضاهرات في العراق لإخراج القوات الأمريكية بتوجيه من القيادة الإيرانية كمحاولة للتأثير وإنهاء الإحتجاجات الشعبية في العديد من محافظات العراق ضد السلطة وإنهاء النظام الفاسد ، والذي هو جزء وجزء رئيسي من هذا النظام . وعند فشله أوعز الى قطعانه المُنزَجين بين المحتجين السلميين لأسباب معروفة للإنسحاب من مواقع الإحتجاجات وإعلانه الوقوف مع القتلة من القوات الأمنية لتكملة سيناريوهات الإجهاض على الحركة الإحتجاجية السلمية. وقد لَبَتْ تلك القطعان أوامر الراعي دون وعي أو إدراك أو حتى تساؤل لماذا تواجدوا في ساحات الإحتجاجات ولماذا إنسحبوا ، فهؤلاء ليسوا بمستوى البشر الذين يدركون ويفكرون ويفهمون ويسألون ويحترمون ذاتهم بل هم أتباع عميان مغيبون لا حول لهم ولا قوة سوى تنفيذ أعمى للأوامر التي تصدر لهم حتى لو كانت الأوامر بقتل الأبرياء من المتظاهرين السلميين ، فهم في الحقيقة مرتزقة مرهونة ذاتهم وعقولهم لهذا الرمز المتخلف .
الشيء الآخر الذي يثير الإستغراب هو إن راعي هذا التيار المتخلف يستحوذ على أكبر المقاعد في ” البرلمان العراقي ” وعلى أكبر عدد من الوزارات والهيئات والدرجات الخاصة وكثير من القرارات لا تمرر إلا بموافقته فهو ، مع بعض قيادات فصائل المليشيات المسلحة الأخرى ، من يحكم العراق وما آلت اليه الأوضاع المزرية من فساد وفقدان السيادة وتردي الأوضاع السياسية والإقتصادية والإجتماعية في حين يخرج هو وأتباعه الجهلة في تضاهرات ” مليونية ” ضد الحكومة وضد الفساد وضد تردي الأوضاع الذي هو سببها الرئيسي والآخرون . فهل هناك غباء وجهل أكثر من ذلك !.
ولكي يمكن تحقيق بعض الأمل في إصلاح منظومة الحكم في العراق وجعلها ضمن السياقات الديموقراطية الصحيحة لابد من إبعاد مثل هذه التيارات ورموزها المتخلفة وتأثيرها في الساحة السياسية بسبب كثرة أتباعها من الجهلة المُغَيبين وذلك من خلال إتِباع مختلف الوسائل الفاعلة لكشف مدى تخلف هذا ” الرمز ” المتبوع ومستوى ثقافته وتعليمه وضحالة إدراكه ، وتثقيف أتباعه بشكل غير مباشر على ما تعنيه الثقافة والإدراك الصحيح والإعتزاز بالذات وعدم مصادرتها ورفض الخضوع والخنوع ” للأصنام والرموز ” والتثقيف العام بأسس الأنظمة الديموقراطية وحرية الفرد . وقد تكون من الوسائل الفاعلة إنشاء مواقع ووسائل مرئيّة ( كمحطة تلفزيونية ) خاصة وموجهة بشكل علمي ومدروس للجماهير التي تتبع بشكل أعمى مثل هذه الرموز والقيادات المتخلفة ، وسيكون للمقابلات والإستضافات والحوارات بين أتباع التيار الصدري في برامج مثل هذه المحطات الأثر الكبير في خلق الوعي والإدراك والإيمان بالذات وحرية الإنسان في اتخاذ قراراته دون إنصياع أو خنوع للآخرين . وقد يكون أيضاً إعداد وتوزيع كتيبات تثقيفية موجهة لأتباع التيار الصدري توزع عليهم بشكل غير مباشر لتعريفهم بالواقع وكيفية تثقيف أنفسهم لإستيعاب وإدراك حقيقة الأمور والتركيز على بناء الشخصية المدركة والواعية غير المنقادة بشكل أعمى للرموز المتخلفة. بالتأكيد ستكون هناك ردود أفعال كبيرة وسلبية من قبل التيار الصدري في بداية الأمر ضد هذا التوجه وحملة ضخمة مضادة وحتى تهديدات وغيرها إلا إنها بعد فترة وجيزة ستخلق بداية مهمة للتأثير على ثقافة شرائح مهمة من التيار الصدري وسيبدأ الكثيرون منهم بإثارة التساؤلات بشكل موضوعي مع أنفسهم مما سيحفز مَلَكَت الإدراك والوعي لديهم ويبعدهم عن غيبوبة التبعية العمياء .