22 ديسمبر، 2024 9:04 م

وجهة نظر : اثر فايروس كورونا على الاقتصاد الراسمالي العالمي

وجهة نظر : اثر فايروس كورونا على الاقتصاد الراسمالي العالمي

اثبت الواقع ان ((المنظرين)) من المدرسة البرجوازية في دول المركز وحلفائهم في دول اسيا وافريقيا وأميركا اللاتينية ورابطة الدول المستقلة (جمهوريات الاتحاد السوفيتي سابقا ) ودول الاتحاد الأوروبي، في وهمهم وخيالهم وبدعتهم من ان ((العالم قرية صغيرة)) وعن مفهوم ليبرالية التجارة والاسعار وليبرالية انتقال راس المال المالي والبشري،وعن مفهوم مايسمى بالعولمة وحقوق الإنسان والديمقراطية وعن فاعلية اقتصاد السوق الراسمالي…..

لقد اثبت ان فايروس كورونا (الذي حجز اكثر من نصف سكان العالم في بيوتهم الخاصة،) افشل كل هذه الافكار و((التنظيرات))في الواقع العملي واثبت ايضاً ارباك وضعف دور ومكانة اقتصاد السوق الراسمالي وخاصة في الدول الرأسمالية المتطورة في التعامل مع هذا الفايروس (الغير مرئي والصامت والقاتل والذي شكل ويشكل تهديداً خطيراً على المجتمع البشري اليوم) وخاصة في اميركا وفرنسا وبريطانيا وألمانيا وإيطاليا واسبانيا وتركيا…..، من خلال قلة الدواء وقلة المستشفيات والمستلزمات الاخرى، فقد كشف عورة وهشاشة الاقتصاد الراسمالي، فغلق الحدود بين الدول الراسمالية وتوقف شبه كامل للرحلات الجوية بين هذه البلدان، واغلاق عشرات المؤسسات الخاصة مما ادى ذلك الى تنامي معدلات البطالة وهبوط الانتاج وتدهور كبيراً لقطاع الخدمات وارباك في السوق المالية المحلية والعالمية واصبح القطاع الخاص الراسمالي عاجزا امام هذه المشاكل مما ادى الى التدخل المباشر لانقاذ القطاع الخاص الراسمالي من خلال تقديم القروض و انقاذ الاقتصاد الراسمالي.
ان فايروس كورونا لم يكن من الطبيعة، بل من صنع مختبرات دولية ولأهداف محددة، وهو يشكل سلاح بيولوجي فتاك لدى الدول المتقدمة، لكنه كما يقال قد انقلب السحر على الساحر، .
هناك نظريات عديدة ومنها المالثوسية والنيومالثوسية ومايسمي بالمليار الذهبي، جوهر هذه النظريات اللاعلمية بان هناك نمو في السكان على الصعيد العالمي وخاصة في دول الاطراف وغيرها وان الموارد الطبيعية محدودة وعليه لا بد من تقليص عدد سكان العالم وبكل الوسائل والطرق المتاحة، عبر الحروب،تفشي الامراض المختلفة، العزوف عن الزواج ولاسباب عديدة وغير ذلك، وبسبب فايروس كورونا ولغاية 25/4/2020 اصيب اكثر من 2،5 مليون شخص في العالم ومئات الالاف من الموتى والاعداد في تزايد مستمر لأن فايروس كورونا ينتقل بسرعة بين المواطنين، بين الدول، ومن اخطر ما في هذا الفايروس هو ان الشخص مصاب به وهو لا يشعر بذلك وبسبب ذلك يتم نقل العدوى الى عشرات الاشخاص وهم ايضاً لا يدركون ذلك الا مؤخراً، وخطره الكبير اذا تفشي فيروس كورونا في البلدان النامية بلدان اسيا وافريقيا وأميركا اللاتينية مقابل قلة الخبرة وقلة رأس المال وعدم الالتزام بالتوجيهات الحكومية ستكون كارثة على شعوب البلدان النامية وغيرها.
يلاحظ ان تأثير فايروس كورونا في الدول الاشتراكية كان محدودا كما في الصين وفيتنام وكوبا…..، حيث قدمت هذه الدول الاشتراكية المساعدات للدول الرأسمالية ومنها اميركا وايطاليا وفرنسا….. وايران……، لقد اثبت تفوق القطاع العام على القطاع الخاص الراسمالي، وكما نعتقد سوف تتغير الكثير من المفاهيم الخاطئة التي تم ذكرها اعلاه،كما تم التخلي عن فكرة ما يسمى بنهاية التاريخ وكما لا يستبعد ان وضع دول الاتحاد الأوروبي من ان يكون وضع اخر او حتى احتمال تفككه، وان العالم قبل فايروس كورونا سوف لن يكون نفس العالم السابق.

نعتقد ان فايروس كورونا قد شكل صدمة كبيرة لجميع دول العالم سواء دول المركز او دول الاطراف ليتوجب عليها ان تعيد النظر في سياستها الاقتصادية والاجتماعية والعودة إلى تعزيز دور ومكانة الدولة في الحياة الاجتماعية والاقتصادية والصحية….، وتدخل الدولة لا يعني بناء المجتمع الاشتراكي، لان فكرة تدخل الدولة تبناها كينز في الازمة العامة في الثلاثينيات من القرن الماضي وانقذ الاقتصاد والنظام الراسمالي المتوحش من الانهيار الكامل ولكن مدرسة شيكاغو الليبرالية المتطرفة قد حملت كل مشاكل وامراض النظام الامبريالي على مسؤولية كينز، الذي دعا إلى تدخل الدولة في الحياة الاقتصادية والاجتماعية ودعت الى ابعاد كامل لدور الدولة في الحياة الاقتصادية والمالية ودعت إلى ليبرالية التجارة وليبرالية الاسعار وحرية انتقال العمل وراس المال….. مما ادخلت هذه الافكار الليبرالية المتطرفة الاقتصاد الراسمالي بازمات دورية من السبعينيات من القرن الماضي حتى ازمة عام 2008 والتي لاتزال الازمة مستمرة ولفترة غير قصيرة. لقد اثبت الواقع تفوق الاشتراكية على الرأسمالية المافيوية فايروس كورونا انموذجا اليوم .