22 ديسمبر، 2024 8:28 م

وجهة نظر: إمتحانات الثالث المتوسط والسادس الإعدادي

وجهة نظر: إمتحانات الثالث المتوسط والسادس الإعدادي

ليس بهدف التقييم وإنما من باب الإنصاف ، فان الإجراءات التي اتخذتها الأجهزة التربوية في البلاد بخصوص التعامل مع العام الدراسي الحالي 2019 / 2020 في ظل أزمة كورونا ، تحظى باحترام غالبية العراقيين لأنها خلت من المخاطرة بحياة ومستقبل التلاميذ إذ لم تفرض عليهم اعباءا أكثر من المستطاع ، ومن حسن حظ العراقيين إن الجائحة لم تدخل البلاد بوقت مبكر فقد جاءت في نهاية شباط 2020 وهو توقيت سمح بتنفيذ امتحانات الفصل الأول ونصف السنة على وفق السياقات الاعتيادية لوزارة التربية ، وبما مكن اغلب الطلبة في الحصول على درجات عولت عليها دوائر الوزارة لاعتمادها في استيفاء متطلبات العبور للمرحلة التالية بالنسبة للناجحين وإتاحة فرص أخرى لغير الناجحين لأداء الدور الثاني الذي ستحدد مواعيده فيما بعد بما يلاءم الوضع الوبائي في البلاد ، وما اتخذه مجلس الوزراء بإصداره قرار يتضمن شمول طلبة السادس الابتدائي بإجراءات وزارة التربية في العبور أسوة بالصفوف غير المنتهية يعد قرارا صائبا لأنه يأخذ بالحسبان مصلحة الأطراف جميعا دون انحياز ، وهي إجراءات تطابق المتطلبات التي تعتمدها منظمة اليونسكو في هكذا أزمات ، لذا فان ما تم في العراق حظي بمباركة هذه المنظمة التي لها باع طويل بهذا الخصوص ، ونعتقد بان ما اتخذته التربية كان هو الخيار الأفضل من بين الخيارات المتاحة ، فالمتاح كان تأجيل العام الدراسي وتفويت عاما من عمر الطلبة او استخدام ( الزحف ) الذي له مساوئ عديدة وللعراق تجربة سيئة له عندما طبق عام 1959 في البلاد ، ورغم إن التربية اختارت خيار العبور إلا إن جهودها لم تنقطع في محاولة تعويض الطلية بالتعليم الالكتروني بدلا من التعليم المباشر لإكمال المناهج الدراسية ، إلا إن الإمكانيات المحلية لا تسمح باستخدام هذا النمط من التعليم بشكل واسع لأسباب تتعلق بتوفر الأجهزة لدى الطلبة وسعات وكفاءة منظومات الانترنيت وعدم قدرة الدولة لتحمل نفقات إضافية تعزز هذا الأسلوب نظرا لمرور البلاد بأزمة مالية نتجت عن نقص صادرات النفط وانخفاض سعر البرميل ، ورغم سلامة المنهج الذي اعتمدته الأجهزة التربوية وإتباعه من قبل عددا من البلدان التي تمر بظروف مثل ظروف العراق فان البعض يتساءل عن الكيفية التي ستعوض بها المناهج غير المغطاة ، وهي مسألة ليست معقدة إذ يمكن استثمار الأسابيع الأولى من العام الدراسي القادم أن شاء الله ( إن سار بشكل اعتيادي) لغرض مراجعة مناهج العام الدراسي الحالي والتركيز على المواضيع غير المغطاة ومن خلال خطة يتم اعتمادها بهذا الخصوص ، وللتربية خبرة في معالجة الاختناقات التي حصلت في عامي 1991 و 2003 او إثناء النزوح والتهجير الذي لم تنته صفحاته بعد .
والتحدي الأكبر الذي يواجه التربية حاليا هو كيفية التعامل مع الامتحانات المنتهية للصفين الثالث المتوسط والسادس الإعدادي التي اعتدنا على تسميتها امتحانات ( البكالوريا ) منذ سنوات ، فقد حددت التربية 12 تموز المقبل موعدا لإجراء امتحانات الدراسة المتوسطة التي يتوقع أن يشارك فيها أكثر من 500 ألف من الطلبة داخل وخارج العراقي أي إن المتبقي على موعد تنفيذها اقل من شهر ، وهي امتحانات من العسير تنفيذها بضوء الواقع الوبائي في العراق والإمكانيات المتوفرة حاليا وما تتطلبه من جهد وطني ونفقات وما يرافق ذلك بخصوص أمن الامتحانات وكيفية تمرير الأسئلة وما تحتاجه من قاعات ومراقبات ثم جمع الدفاتر الامتحانية وتصحيح الإجابات وإعلان النتائج وقبول الاعتراضات وغيرها من التفاصيل ، ودون التقليل من أهمية الموضوع فان هناك من يعتقد إن تنفيذ هذه الامتحانات غير ممكن إذا أرادت التربية إخضاعها لذات الإجراءات التي تتبعها كل عام ، لان العام الدراسي الحالي استثنائيا ولا يزال بهذا المعنى والوصف لحد اليوم ، ولا نعتقد إن جميع العوائل العراقية الكريمة سيكون لها الاستعداد لزج أبنائها في ظروف امتحانية غير معروفة الأخطار من حيث الملامسة والتقارب وعدم توفر ما يكفي من وسائل الوقاية من الكمامات والكفوف ومواد التعقيم ، ناهيك عن المشكلات المزمنة المتعلقة بتوفر الكهرباء ووسائل التبريد بذروة الصيف وخطوط النقل وغيرها من المتطلبات ، في ظل تعرض البلاد لتزايد ملحوظ في عدد الإصابات والنقص التدريجي في أسرة العلاج في المستشفيات لدرجة الاضطرار لاستخدام معرض بغداد كمكان للعزل وغيرها من الحلول ، وما نقترحه هو إن لا تشتت التربية جهودها في امتحانات الثالث المتوسط والسادس الإعدادي من خلال التنازل عن إحدى الحلقتين ، والقصد هو التعامل مع طلبة الثالث المتوسط بنفس الطريقة التي تم التعامل بها مع طلبة السادس الابتدائي باعتماد درجات الفصل الأول ونصف السنة لعبور الناجحين ومنح فرصة الدور الثاني لغير الناجحين ، فهي امتحانات وزارية ولكنها ليست حاكمة لأنها تتعلق بالانتقال للمرحلة الإعدادية ، أما الكيفية التي سيتم بها تحديد من يستحق الالتحاق بالفروع العلمية ( تطبيقي ، إحيائي ) والأدبية والمهنية في الرابع الإعدادي ، فانه يمكن أن يتم استنادا إلى الطاقات الاستيعابية والرغبات وإجراء اختبار الكفاءة في بداية العام الدراسي القادم وبالطريقة والتفاصيل التي تختارها التربية وأجهزتها المعنية بالموضوع ونعتقد انه مقترح سيلقى قبول وموافقة مجلسي الوزراء والنواب من باب درأ الخطر والاضطرار .
وقد يعاب على هذا المقترح انه سيقلل من أهمية شهادة الدراسة المتوسطة وتحويلها إلى طريقة عامة وليست وزارية ، والإجابة عن ذلك إن العمل بهذا المقترح هو من باب الضرورة والاستثناء وبإمكان التربية مواجهة هذا النقد من خلال توفير فرص مستقلة للطلبة الخارجيين وإتباع سياسة حاكمة في انسيابية القبول للفروع ، او إيجاد طريقة لتعادل شهادة المتوسطة فيما بعد فهي شهادة لم تعد قيمتها كما كانت من ذي قبل وان انقاد حياة عشرات الآلاف من الطلبة من الإصابة بوباء خطير يبرر الوسيلة ، واجتياز هذه المرحلة سيكون بالعبور وفقا لما حصل او ما سيحصل عليه الطالب بعد قضائه أكثر من نصف عام دراسي تم تعزيزه بالدروس الالكترونية ، ومن الممكن تعويض ألتقص في المناهج الضرورية غير المغطاة فيما بعد ، وان اعتماد هذا الحل سيوفر كثيرا من الجهود للإيفاء بمتطلبات الجودة لامتحانات السادس الإعدادي باعتبارها أكثر أهمية في تحديد مستقبل الطالب واختياره القناة الجامعية والتخصص استنادا لمعايير المفاضلة التي تعتمدها وزارة أخرى هي وزارة التعليم العالي ، ونحن نهتم بالمرحلة الإعدادية لأسباب سيكولوجية وعلمية وتربوية وهي تتم بين الوزارات وليس كحال طلبة الثالث المتوسط الذين ينتقل غالبيتهم ضمن إطار قنوات الوزارة ذاتها ، ونعتقد إن وزارة التربية ستحتاج غالى حشد الجهد الوطني للدولة لإنجاز هذه الامتحانات فهي ستعاني من صعوبات بالغة في تنفيذها نظرا لكثرة عدد الطلبة وتباين مستوياتهم الدراسية والأسابيع التي قضوها في الدراسة الفعلية ، حيث إن ظروف التظاهرات والاحتجاجات التي تزامنت بدايتها مع بداية العام الدراسي الحالي أثرت على سير وانتظام الدراسة لبعض الطلبة والمدارس في بعض المحافظات التي مرت بظروف لم تمر بها مدارس ومحافظات أخرى ، ونتمنى لوزارة التربية والأجهزة التربوية التوفيق في انجاز العام الدراسي ومتطلباته كافة ، ونرجوا من الجهات المعنية في التربية أن تولي الاهتمام المطلوب بالطلبة الدارسين بالخارج ممن اضطروا بالعودة للوطن تحت الاضطرار ، من حيث السماح لهم بأداء الامتحانات وشمولهم بالعبور استنادا لما حصلوا عليه في تلك البلدان ومنحهم الخيار في أداء الامتحانات النهائية استنادا لما يقدموه أولياء أمورهم من تعهدات ، لحين إعادة التواصل والسفر بين البلدان لإثبات صحة ما قدموه من تعهدات ، والقصد هو التعامل معهم كعراقيين بغض النظر عن البلد الذي كانوا يدرسون فيه والتوثيق واثبات المصداقية فيما بعد .