تتجه الأنظار بما تبقى أيام، نحو الكنيست لمعرفة ما إذا سيكون باستطاعة الائتلاف الحكومي الجديد غير المتجانس، اجتياز امتحان وحاجز الثقة بالأغلبية، خصوصًا أن الاعلان عن تشكيل هذا الائتلاف أظهر مدى وحجم الصعوبات والتناقضات فيه، ما يجعله مهددًا بفقدان الاغلبية في كل لحظة، نتيجة الضغوطات المتصاعدة التي تمارس عليه، والشروط التي فرضتها قوى اليمين الاسرائيلي الاستيطاني المتطرف، كي تكون الحكومة القادمة تحت سطوتها.
وهذا الائتلاف وجد ركيزته في القائمة العربية الموحدة برئاسة النائب منصور عباس، التي تخلت عن أي مطلب سياسي ووطني، إن كان على مستوى المسألة الفلسطينية ومسألة القدس، أو حتى مطلب إلغاء قانون القومية العنصري، وإنما تركزت مطالبه على مسائل مدنية بحتة تخص المجتمع العربي، كالميزانيات لتطوير البنى التحتية ومحاربة العنف، وقانون كامنتس الذي لم يحسم أمره بشكل نهائي.
وحتى الآن أعلنت الجبهة الديمقراطية للسلام والمساواة ومركزها الحزب الشيوعي، والتجمع الوطني الديمقراطي رفض دعم حكومة بقيادة بينيت ويسيطر عليها اليمين الاستيطاني، والتصويت ضدها، في حين أن الحركة العربية للتغيير برئاسة النائب أحمد الطيبي، لم تحسم موقفها من الحكومة ولم تصدر أي بيان رسمي بهذا الشأن.
ووفق ما نشر في وسائل الاعلام أن الاتفاقيات بين مركبات الائتلاف الحكومي اليميني تتضمن تكثيف البناء الاستيطاني في القدس وتعزيز مكانتها كعاصمة لإسرائيل، ونقل المكاتب الحكومية إليها ودعم قوانين لصالح حقوق المثليين..!.
ويخطئ من يعتقد أو يظن أن الحكومة الاسرائيلية الجديدة برئاسة نفتالي بينيت تختلف عن حكومة بنيامين نتنياهو، في التوجه والخطاب السياسي، فهما وجهان لعملة واحدة، بل أن بينيت أشد يمينية من نتنياهو، وهما لا يختلفان سوى في التكتيك والقدرة على إدارة الصراع، ولكنهما متفقان في السياسة العنصرية العامة تجاه الفلسطينيين والجماهير العربية في البلاد، وحول المسألة الفلسطينية، فإن بينيت يرفض بشكل قاطع إقامة دولة فلسطينية مستقلة، ويعتبر إقامتها بمثابة انتحار لإسرائيل، ويرفض تقديم أي تنازلات في القدس.
وقبل أيام عبر بينيت عن رأيه وموقفه بصراحة ودون تردد، بقوله” أن حكومته لن تتوانى عن شن الحروب على غزة ولبنان في حال تتطلب الأمر ذلك، وأن حكومته غير مستعدة للتنازل عن سم واحد للفلسطينيين، وأن النشاط الاستيطاني لن يتوقف في عهده”. وعلى ضوء ذلك فإن مصاعب كثيرة تواجه منصور عباس والقائمة العربية الموحدة، في كيفية التعامل والتصرف مع هذه الحكومة في حال شنت عدوانًا عسكريًا على شعبنا العربي الفلسطيني، وقامت بخطوات خطيرة في مدينة القدس العربية.
وباعتقادي المتواضع أنه إذا ما نالت الحكومة الجديدة برئاسة بينيت ستكن قصيرة العمر، ولن تصمد طويلًا بفعل التوترات الشخصية، ونتيجة التباينات والفوارق الايديولوجية والسياسية بين مركباتها، وسيحاول نتنياهو واليمين الاستيطاني إفشالها بالضغوطات وبكل الوسائل المتاحة، ويبقى العودة لانتخابات اسرائيلية خامسة في نهاية العام الجاري، هو الخيار والسيناريو المطروح في ظل حكومة هشة وضيقة غير متمازجة، تترنح وعلى شفا حفرة، قبل تشكيلها ونيلها الثقة التامة من الأغلبية.