22 ديسمبر، 2024 7:29 م

صوتان يدّعيان ما لا يملكانه، إذ سرعان ما يهوى ضجيجهما في مستنقع التزمت ويعلو صوت الإلغاء للآخر، تحت ذرائع شتّى، أهمها الخشية على الآتي؛ والحرص على تجنّب الخسارة، لتفرض بعد ذلك وصاية أخفّ ما يقال عنها :إنها قاصرة، لكن ماذا لو وهبوها طرفة عين لا أكثر لادخرت لهم كل هذا الهراء؟!.
اتذكر مدى امتعاضي وحنقي على ما بثته قناة فضائية حين كان التلفاز يهدر الوقت، ويفرض بصفاقة فلسفته الخاوية فيجرفنا فحيحه إلى حيث لا نرغب، فاتذكر فجاجة ذلك الصوت الزاعم أنه مع المرأة وحقوقها ليرتفع سقف الحقوق قافزا على كل الاعتبارات وحتى العلمية منها، فيطالب علانية بحقّ المرأة بالاقتران بأربعة أزواج أسوة بالرجل الذي أباح له الشرع ذلك!…
أمّا الصوت الإخر يأتي متشدّدا هو أيضا، لكن هذه المرة في زاوية نظر مغايرة حين يجعل من المرأة العلّة لكل ما ألمّ بالمجتمع من شتات وضياع، وأنها مصدر الضياع الأخلاقي ونشر الرذيلة ومن ثم السقوط بالمجتمع إلى الحضيض.
هذا أنموذج واحد من اطروحات يتخذ منها بعض الأدعياء زادا لفحيح يلبسونه لباس القداسة بحسب ما يحملون من فكر هجين وتطرّف، وعلى الرغم من أن وتيرة الحياة تسير مسرعة هلعة إلا أن أدوات التفكير لهؤلاء تنأى عن فضاءات وسطية رحبة زادها المرونة والتسامح رسمتها لنا بمنتهى الدقة والتوازن شرائع سمحاء فخطابهم هو ذاته شبع الدهر منه حدَّ التخّمة، وشرب حد الارتواء.
أخيرا ألا يحقّ لأنفاسنا بعد هذا الاحتباس أن تطلق للرياح خطواتها، وأن تذر كل ما من شأنه أن يعيق لحظة الانعتاق وتنعم بسلام وإن كلفها الأمر الانكفاء على ذاتها، وكفى الذات عفّتها وطهارة أنفاسها؟.