15 أبريل، 2024 6:55 م
Search
Close this search box.

وثيقة عوديد ينون لتفتيت الوطن العربي

Facebook
Twitter
LinkedIn

في مطلع عقد الثمانينات من القرن الماضي، وتحديداً في 13/ حزيران/ 1982، قام احد دعاة السلام اليهودي غير الصهيوني، بترجمة ما عرف باسم (وثيقة كيفونيم) والتي تعكس خطة اسرائيلية لتجزئة الوطن العربي بأكمله الى دويلات. والوثيقة كتبها الصحفي الاسرائيلي عوديد ينون Odid Yinon، قدم تصوره للمنطقة من خلالها. وقد تم تقديمها في اجتماع اسرائيلي للمنظمة الصهيونية في مؤتمر:

The Department of Information of the World Zionis Organization.

وهي من بين وثائق اخرى كثيرة، بعضها تسرب وبعضها بقي طي الكتمان.

الوثيقة، نشرتها مجلة كيفونيم Kivonim (اتجاهات)، في عددها الصادر في شباط/ 1982، على الصفحتين 50 و 51، بعنوان (استراتيجية اسرائيل للثمانينات) . وكيفونيم، المجلة الرسمية الناطقة باسم المنظمة الصهيونية العالمية في القدس. وقد نشرت الوثيقة اولاً باللغة العبرية وثم ترجمتها الى اللغة العربية وتداولها منذئذ ، وجدد الاهتمام بها في الفترة الاولى لحرب احتلال العراق ، لتحذير العرب من خطر الاهداف الاسرائيلية في المنطقة ( التفتيت والتجزئة والتقسيم ) .لم ينقطع تداول هذه الوثيقة اعلاميا خلال السنوات التالية لنشرها ، ولاسيما في المرحلة الراهنة . وفي ذلك ما يؤكد ازدياد استشعار الخطر الذي تشير اليه وانتشار الوعي العام به على نطاق واسع ، فكثير من الدلائل المرئية تؤكد مضاعفة الجهود العدائية للمضي بمخطط التجزئة اشواطا اخرى .

هذا ما لايسري على العراق فقط ،فالانسحاب العسكري الامريكي من العراق ورث التقسيم بكل ما يترتب عليه من تبعات اقليميا ايضا . ولايخفى ان ما تعرضت له سورية واليمن ولبنان لاينفصل عن مخططات تفتيتها الى دويلات ايضا وهو المشروع القائم منذ العهد الاستعماري الفرنسي . ولايستبعد تقسيم باق الاقطار العربية …

نص الوثيقة يعري نوايا وخطط ومؤامرات اسرائيل لتفتيت وتمزيق كل الاقطار العربية والبلدان الاسلامية. الا ان مؤامرات كبرى على هذا النطاق الواسع لا يشكل مجرد عنجهية اسرائيلية بل تشكل خطراً حقيقياً لنشوب حرب عالمية ثالثة قد يستتبعه التورط في حرب نووية تؤدي الى انتحار عالمنا الكوني. وهذه الخطط اليهودية الشيطانية لا يقتصر خطرها على جزء محدود من العالم بل يهدد جميع الشعوب تهديداً فعلياً نظراً لأن الدويلة الاسرائيلية قد حققت فعلاً حتى يومنا هذا كل ما خططت له.

الوثيقة ايضاً، تشخص حال وطننا العربي، وتطرح علل كل شعب ودولة اعتباراً من العراق وسورية ومصر ولبنان واليمن وليبيا والسودان، وصولاً الى دول الخليج العربي، وتتطرق الوثيقة ايضاً الى الاردن وفلسطين.

المعروف هنا، ان هناك آلاف الوثائق والدراسات التي تم طرحها سراً وعلناً من جانب خبراء، وتم تبنيها، قد نجح التنفيذ في بعضها وفشل في البعض الآخر.

الوثيقة تتحدث عن التخطيط الاسرائيلي لتفتيت الاقطار العربية بلا استثناء عبر اثارة الحروب الدينية والمذهبية والطائفية في كل قطر عربي بوسائل مختلفة…

وما نراه اليوم في عراقنا وسوريا واليمن ومصر وليبيا واقطار عربية اخرى، عبارة عن تنفيذ دقيق لاغلب افكار الوثيقة التي تتحدث عن امكانية نشوء اربع الى خمس دول بدلاً من كل دولة عربية قائمة آنذاك. وهو ذات المشهد الذي نراه اليوم في هذه الاقطار … بل ان التشخيص الدقيق لسوريا يكشف التخطيط المبكر لتقسيم سوريا الى دويلات علوية ودرزية وواحدة سنية كردية في الشمال وواحدة سنية في جنوب سوريا، تعادي الكردية، ودويلة مسيحية او ضم المسيحيين الى الدويلة العلوية.

وفيما يخص الشعب الفلسطيني، ترى الوثيقة، ان الاردن هو فلسطين الشرقية وعلى الفلسطينيين ان يقيموا دولتهم بها وان يتم ترحيل كل الفلسطينيين اليها مع اعادة توزيع السكان اليهود في فلسطين المحتلة حتى يكونوا بمأمن في ظل المخاطر النووية.

ماذا تتضمن وثيقة كيفونيم؟

تتضمن بداية، نظرة عامة على الوطن العربي، حيث هو بمثابة برج من الورق اقامته كل من فرنسا وبريطانيا في عقد العشرينات من القرن العشرين دون ان توضع في الحسبان رغبات وتطلعات سكان هذا الوطن.

لقد قسم هذا الوطن الكبير الى (19) دولة، كلها تتكون من خليط من الاقليات والطوائف المختلفة والتي تعادي كل منهما الاخرى، وعليه فان كل دولة عربية واسلامية معرضة اليوم لخطر التفتيت العرقي والاجتماعي في الداخل الى حد الحرب الداخلية كما هو الحال في بعض الدول.

واذا ما اضفنا الى ذلك، الوضع الاقتصادي، يتبين لنا كيف ان المنطقة كلها في الواقع بناء مصطنع، كبرج ورقي لا يمكنه التصدي للمشكلات الخطيرة التي تواجهه.

في هذا الوطن الكبير الضخم المشتت، توجد جماعات قليلة من واسعي الثراء وجماهير غفيرة من الفقراء.. ان معظم العرب متوسط دخلهم السنوي حوالي 300 دولار في العام.

ان هذه الصورة قائمة وعاصفة جداً للوضع من حول اسرائيل وتشكل بالنسبة لاسرائيل تحديات ومشكلات واخطار ولكنها تشكل ايضاً فرصاً عظيمة.

ان اعادة التذكير بهذه الوثيقة ونشر بنودها الآن لها اسباب، اهمها:

* ان تقسيم العراق كأحد اهداف العدوان الامريكي على العراق، هو احد الافكار الرئيسية الواردة في الوثيقة المذكورة.

* ان الخطط الحالية الساعية لفصل دارفور بعد جنوب السودان وتقسيمه هي ايضاً ضمن الافكار الواردة في الوثيقة.

* ان الاعتراف الرسمي بالامازيغية كلغة ثانية الى جانب اللغة العربية في الجزائر، هي خطوة لا تبتعد عن التصور الاسرائيلي (الصهيوني) عن المغرب العربي.

* ان مخطط تقسيم لبنان الى عدد من الدويلات الطائفية الذي حاولت اسرائيل تنفيذه في السبعينات والثمانينات من القرن الماضي وفشلت في تحقيقه، هو تطبيق عملي لما جاء بهذه الوثيقة بخصوص لبنان.

* ان الحديث الدائر الآن في الاوساط الصهيونية حول تهجير الفلسطينيين الى الاردن والتخوفات العربية من استغلال اجواء احتلال العراق لتنفيذ ذلك، هو من اساسيات الافكار المطروحة في الوثيقة.

* واخيراً وليس آخراً ما شاهدناه من الثورات العربية من دمار حل بليبيا وحرب اهلية بسوريا، وتنظيمات ارهابية باليمن، وحرب قادمة لمصر.. لا يبشر بخير، ويبرهن وجود ايادٍ اسرائيلية محركة للثورات.

والحديث عن وثيقة من هذا النوع، ليس حديثاً ثانوياً يمكن تجاهله، فهم ينصون فيها صراحة على رغبتهم في مزيد من التفتيت لأمتنا العربية. كما ان تاريحنا الحديث هو نتاج لمشروعات استعمارية مماثلة بدأت افكاراً وتحولت الى اتفاقات ووثائق تلتزمنا وتحكمنا حتى الآن:

* فمعاهدة لندن 1840، سلخت مصر منذئذ وحتى تاريخه عن الامة العربية، فسمحت لمحمد علي واسرته بحكم مصر فقط، وحرمت عليه اي نشاط خارجها، ولذلك نسمي هذه الاتفاقية، اتفاقية كامب ديفيد الاولى.

* واتفاقية سايكس- بيكو 1916، قسمت وطننا العربي هذا التقسيم البائس الذي نعيش فيه حتى الآن والذي جعلنا مجموعة من العاجزين المحبوسين داخل حدوداً مصطنعة، محرومين من الدفاع عن باقي شعبنا وباقي ارضنا في فلسطين او في السودان او في سوريا او في اليمن.

* ووعد بلفور 1917، كان المقدمة التي ادت الى اغتصاب فلسطين فيما بعد، ثم تلاه وقام على اساسه صك الانتداب البريطاني على فلسطين في 29/ايلول/ 1922 الذي اعترف في مادته الرابعة بالوكالة اليهودية من اجل انشاء وطن قومي لليهود، فأعطوا بذلك الضوء الاخضر للهجرة اليهودية الى فلسطين، فلما قوى شأن العصابات الصهيونية في فلسطين، اصدرت لهم الامم المتحدة قراراً بتقسيم فلسطين في 29/ت2/ 1947، وهو القرار الذي اعطى مشروعيته للاغتصاب الصهيوني وانشأت بموجبه دولة اسرائيل، وهو القرار الذي رفضته الدول العربية في البداية وظلت ترفضه عشرون عاماً لتعود وتعترف به بموجب القرار رقم 242 الصادر من الامم المتحدة في 1967، الذي ينص على حق اسرائيل في الوجود وحقها ان تعيش في أمان على ارض فلسطين المغتصبة.

وعلى اساس هذا القرار، ابرمت معاهدة السلام المصرية –الاسرائيلية الموقعة في 26/ اذار/ 1979، والتي بموجبها خرجت مصر من الصراع العربي ضد المشروع الاسرائيلي واعترفت باسرائيل لتلتحق بها منظمة التحرير الفلسطينية عام 1993، ثم الاردن عام 1994، واخيراً جامعة الدول العربية عام 2002.

كل ذلك وغيره الكثير بدأ افكاراً واهدافاً استعمارية وتحول فيما بعد الى حقائق، وبالتالي ليس من المستبعد ابداً ان تتحول الافكار التي وردت في الوثيقة الاسرائيلية المذكورة الى أمر واقع ولو بعد حين خاصة الآن، بعد الاحتلال الامريكي للعراق ومخاطر التقسيم التي تخدم ذات التصور الاسرائيلي عن المنطقة العربية.

* مبادئ المخطط الاسرائيلي (الصهيوني)

1- محاربة واسقاط انظمة الحكم غير الموالية لليهود، من خلال تمويل الحركات الهدامة والانفصالية ذات الافكار التحررية واليسارية وتمويل المنتصر منها بالقروض.

2- ضرورة المحافظة على السرية، حيث يجب ان تبقى سلطتهم الناجمة عن سيطرتهم على المال مخفية عن اعين الجميع، لغاية الوصول الى درجة من القوة لا تستطيع اي قوة منعهم من التقدم.

3- افساد الاجيال الناشئة لدى الامم المختلفة من خلال ترويج ونشر جميع اشكال الانحلال الاخلاقي لأفساد الشبيبة، وتسخير النساء للعمل في دور الدعارة وبالتالي تنتشر الرذيلة حتى بين سيدات المجتمع الراقي اقتداءً بفتيات الهوى وتقليداً لهن.

4-الغزو السلمي التسللي هو الطريق الأسلم لكسب المعارك مع الامم الاخرى، الغزو الاقتصادي لاغتصاب ممتلكات واموال الآخرين لتجنب وقوع الخسائر البشرية في الحروب العسكرية المكشوفة.

5- اطلاق شعارات –يقصد بها العكس- الديمقراطية والحرية والمساواة والاخاء بغية تحطيم النظم غير الموالية لليهود ليلقي لصوص هذه المؤامرة بعدها شيئاً من التقدير والاحترام.

6- اثارة الحروب وخلق الثغرات في كل معاهدات السلام التي تعقد بعدها لجعلها مدخلاً لاشعال حروب جديدة وذلك لحاجة المتحاربين الى القروض وحاجة كل من المنتصر والمغلوب لها بعد الحرب لاعادة الاعمار والبناء وبالتالي وقوعهم تحت وطأة الديون اليهودية ومسك الحكومات الوطنية من عنقها وتسيير امورها حسب ما يقتضيه المخطط من سياسات يهودية هدامة.

7- خلق قادة للشعوب من ضعاف الشخصية الذين يتميزون بالخضوع والخنوع وذلك بأبرازهم وتلميع صورهم من خلال الترويج الاعلامي لهم لترشيحهم للمناصب العامة في الحكومات الوطنية ومن ثم التلاعب بهم من وراء الستار بواسطة عملاء متخصصين لتنفيذ سياساتنا.

8- امتلاك وسائل الاعلام والسيطرة عليها لترويج الاكاذيب والاشاعات والفضائح الملفقة التي تخدم المخططات اليهودية.

9- قلب انظمة الحكم الوطنية المستقلة بقراراتها والتي تعمل من اجل شعوبها ولا تستجيب للمتطلبات اليهودية وذلك باثارة الفتن وخلق فتن داخلية فيها لتؤدي الى حالة من الفوضى وبالتالي سقوط هذه الانظمة الحاكمة والقاء اللوم عليها وتنصيب عملاء اليهود قادة في نهاية كل ثورة واعدام من يلصق بهم تهمة الخيانة من النظام المعادي لليهود.

10- نشر العقائد الالحادية المادية العلمانية من خلال تنظيم الجمعيات والاحزاب تحت ستار التعددية والتي تحارب كل ما تمثله الاديان السماوية وتساهم ايضاً في تحقيق اهداف المخططات الاخرى داخل البلدان التي تتواجد فيها.

11- استعمال الدبلوماسية السرية من خلال العملاء للتدخل في اي اتفاقات او مفاوضات وخاصة بعد الحروب لتحوير بنودها بما يتفق مع المخططات اليهودية.

* نص الوثيقةالاسرائيلية ( الصهيونية )

اولاً: نظرة عامة على العالم العربي والاسلامي:

1- ان العالم العربي هو بمثابة برج من الورق اقامه الأجانب (فرنسا وبريطانيا في العشرينيات)، دون ان توضع في الحسبان رغبات وتطلعات سكان هذا العالم.

2- لقد قسم هذا العالم الى 19 دولة كلها تتكون من خليط من الاقليات والطوائف والتي تعادي كل منهما الاخرى وعليه فان كل دولة عربية اسلامية معرضة اليوم لخطر التفتت العرقي والاجتماعي في الداخل الى حد الحرب الداخلية كما هو الحال في بعض هذه الدول.

3- واذا ما اضفنا الى ذلك الوضع الاقتصادي يتبين لنا كيف ان المنطقة كلها، في الواقع، بناء مصطنع كبرج الورق، لا يمكنه التصدي للمشكلات الخطيرة التي تواجهه.

4- في هذا العالم الضخم والمتشتت، توجد جماعات قليلة من واسعي الثراء وجماهير غفيرة من الفقراء. إن معظم العرب متوسط دخلهم السنوي حوالي 300 دولار في العام.

5- إن هذه الصورة قائمة وعاصفة جداً للوضع من حول إسرائيل، وتشكل بالنسبة لإسرائيل تحديات ومشكلات وأخطار، ولكنها تشكل أيضاً فرصاً عظيمة.

ثانياً: مصر:

1- في مصر توجد أغلبية سنية مسلمة مقابل أقلية كبيرة من المسيحيين الذين يشكلون الأغلبية في مصر العليا، حوالي 8 مليون نسمة. وكان السادات قد أعرب في خطابه في ايار من عام 1980 عن خشيته من ان تطالب هذه الاقلية بقيام دولتها الخاصة اي دولة لبنانية مسيحية في مصر.

2- والملايين من السكان على حافة الجوع نصفهم يعانون من البطالة وقلة السكن في ظروف تعد أعلى نسبة تكدس سكاني في العالم.

3- وبخلاف الجيش فليس هناك اي قطاع يتمتع بقدر من الانضباط والفعالية.

4- والدولة في حالة دائمة من الإفلاس بدون المساعدات الخارجية الامريكية التي خصصت لها بعد اتفاقية السلام.

5- ان استعادة شبه جزيرة سيناء بما تحتويه من موارد طبيعية ومن احتياطي يجب ان يكون هدفاً أساسياً من الدرجة الاولى اليوم… إن المصريين لن يلتزموا باتفاقية السلام بعد إعادة سيناء، وسوف يفعلون كل

ما في وسعهم لكي يعودوا الى احضان العالم العربي، وسوف نضطر الى العمل لإعادة الاوضاع في سيناء الى ما كانت عليه.

6- إن مصر لا تشكل خطراً عسكرياً استراتيجياً على المدى البعيد بسبب تفككها الداخلي، ومن الممكن إعادتها الى الوضع الذي كانت عليه بعد حرب حزيران 1967 بطرق عديدة.

7- إن اسطورة مصر القوية والزعيمة للدول العربية قد تبددت في عام 1956 وتأكد زوالها في عام 1967.

8- إن مصر بطبيعتها وبتركيبتها السياسية الداخلية الحالية هي بمثابة جثة هامدة فعلا بعد سقوطها، وذلك بسبب التفرقة بين المسلمين والمسيحيين والتي سوف تزداد حدتها في المستقبل. إن تفتيت مصر الى اقاليم جغرافية منفصلة هو هدف إسرائيل السياسي في الثمانينات ( والى الان ) على جبهتها الغربية.

9- إن مصر المفككة والمقسمة الى عناصر سيادية متعددة، على عكس ما هي عليه الآن، سوف لا تشكل اي تهديد لإسرائيل بل ستكون ضماناً للزمن والسلام لفترة طويلة، وهذا الأمر هو اليوم في متناول أيدينا.

10- إن دول مثل ليبيا والسودان والدول الأبعد منها سوف لا يكون لها وجود بصورتها الحالية، بل ستنضم الى حالة التفكك والسقوط التي ستتعرض لها مصر. فاذا ما تفككت مصر فستتفكك سائر الدول الأخرى. إن فكرة إنشاء دولة قبطية مسيحية في مصر العليا إلى جانب عدد من الدويلات الضعيفة التي تتمتع بالسيادة الإقليمية في مصر – بعكس السلطة والسيادة المركزية الموجودة اليوم – هي وسيلتنا لإحداث هذا التطور التاريخي.

ثالثاً: ليبيا:

إن الراحل القذافي كان يشن حروبه المدمرة ضد العرب أنفسهم ، انطلاقة من دولة تكاد تخلو من وجود سكان يمكن ان يشكلوا قومية قوية وذات نفوذ. ومن هنا جاءت محاولاته لعقد اتفاقيات باتحاد مع دولة حقيقية كما حدث في الماضي مع مصر ويحدث اليوم مع سوريا.

رابعاً: السودان:

وأما السودان أكثر دول العالم العربي تفككا فانها تتكون من اربع مجموعات سكانية كل منها غريبة عن الاخرى، فمن أقلية عربية مسلمة سنية تسيطر على اغلبية غير عربية افريقية الى وثنيين الى مسيحيين.

خامساً: سوريا:

1- ان سوريا لا تختلف اختلافاً جوهريا عن لبنان الطائفية باستثناء النظام العسكري القوي الذي يحكمها. ولكن الحرب الداخلية الحقيقية اليوم بين الاغلبية السنية والاقلية الحاكمة من الشيعة العلويين الذين يشكلون 12% فقط من عدد السكان، تدل على مدى خطورة المشكلة الداخلية.

2- ان تفكك سوريا والعراق في وقت لاحق الى اقاليم ذات طابع قومي وديني مستقل، كما هو الحال في لبنان، هو هدف اسرائيل الأسمى في الجبهة الشرقية على المدى القصير، فسوف تتفتت سوريا تبعا لتركيبها العرقي والطائفي الى دويلات عدة كما هو الحال الآن في لبنان.

3- وعليه فسوف تظهر على الشاطئ دويلات علوية.

4- وفي منطقة حلب دويلات سنية.

5- وفي منطقة دمشق دويلة سنية اخرى معادية لتلك التي في الشمال.

6- واما الدوز فسوف يشكلون دويلة في الجولان التي نسيطر عليها.

7- وكذلك في حوران وشمال الاردن وسوف يكون ذلك ضماناً للأمن والسلام في المنطقة بكاملها على المدى القريب، وهذا الأمر هو اليوم في متناول أيدينا.

سادساً: العراق:

1- ان العراق لا يختلف كثيراً عن جارتها ولكن الاغلبية فيها من الشيعة والاقلية من السنة، إن 65% من السكان ليس لهم اي تأثير على الدولة التي تشكل الفئة الحاكمة فيها 20% الى جانب الاقلية الكردية الكبيرة في الشمال.

2- ولولا القوة العسكرية للنظام الحاكم (سابقا ) واموال البترول، لما كان بالامكان ان يختلف مستقبل العراق عن ماضي لبنان وحاضر سوريا.

3- ان بشائر الفرقة والحرب الاهلية تلوح فيها اليوم، خاصة بعد تولي الخميني الحكم، والذي يعتبر في نظر الشيعة العراقيين زعيمهم الحقيقي وليس صدام حسين.

4- ان العراق الغني بالبترول والذي تكثر فيه الفرقة والعداء الداخلي هو المرشح التالي لتحقيق اهداف اسرائيل.

5- ان تفتيت العراق هو اهم بكثير من تفتيت سوريا وذلك لان العراق اقوى من سوريا.

6- ان في قوة العراق خطورة على اسرائيل في المدى القريب اكبر من الخطورة النابعة من قوة اية دولة اخرى.

7- وسوف يصبح بالامكان تقسيم العراق الى مقاطعات اقليمية طائفية كما حدث في سوريا في العصر العثماني.

8- وبذلك يمكن اقامة ثلاث دويلات (او اكثر) حول المدن العراقية.

9- دولة في البصرة، ودولة في بغداد، ودولة في الموصل، بينما تنفصل المناطق الشيعية في الجنوب عن الشمال السني الكردي في معظمه.

سابعاً: لبنان:

اما لبنان فانه مقسم ومنهار اقتصاديا لكونه ليس به سلطة موحدة، بل خمس سلطات سيادية (مسيحية في الشمال تؤيدها سوريا وتتزعمها اسرة فرنجية، وفي الشرق منطقة احتلال سوري مباشرة، وفي الوسط دولة مسيحية تسيطر عليها الكتائب، والى الجنوب منها وحتى نهر الليطاني دولة لمنظمة التحرير الفلسطينية هي في معظمها من الفلسطينيين، ثم دولة الرائد سعد حداد من المسيحيين وحوالي نصف مليون من الشيعة).

ان تفتت لبنان الى خمس مقاطعات اقليمية يجب ان يكون سابقة لكل العالم العربي بما في ذلك مصر وسوريا والعراق وشبه الجزيرة العربية.

ثامناً: السعودية والخليج:

1- ان جميع امارات الخليج وكذلك السعودية قائمة على بناء هش ليس فيه سوى البترول.

2- وفي البحرين يشكل الشيعة اقلية السكان ولكن لا نفوذ لهم.

3- وفي دولة الامارات العربية المتحدة يشكل الشيعة اغلبية السكان.

4- وكذلك الحال في عمان.

5- وفي اليمن الشمالية وكذلك في جنوب اليمن.. توجد اقلية شيعية كبيرة.

6- وفي السعودية نصف السكان من الاجانب المصريين واليمنيين وغيرهم بينما القوى الحاكمة هي اقلية من السعوديين.

7- واما في الكويت فان الكويتيين يشكلون ربع السكان فقط.

8- ان دول الخليج والسعودية وليبيا تعد اكبر مستودع في العالم للبترول والمال ولكن المستفيد بكل هذه الثروة هي اقليات محدودة لا تستند الى قاعدة عريضة وأمن داخلي، وحتى الجيش ليس باستطاعته ان يضمن لها البقاء.

9- وان الجيش السعودي بكل ما لديه من عتاد لا يستطيع تأمين الحكم ضد الاخطار الفعلية من الداخل والخارج. وما حدث في مكة عام 1980 ليس سوى مثال لما قد يحدث.

10- ان شبه الجزيرة العربية بكاملها يمكن ان تكون خير مثال للانهيار والتفكك كنتيجة لضغوط من الداخل ومن الخارج وهذا الامر في مجمله ليس بمستحيل على الاخص بالنسبة للسعودية سواء دام الرخاء الاقتصادي المترتب على البترول او قل في المدى القريب. ان الفوضى والانهيار الداخلي هي امور حتمية وطبيعية على ضوء تكوين الدول القائمة على غير اساس.

تاسعاً: المغرب العربي:

1- ففي الجزائر هناك حرب اهلية في المناطق الجبلية بين الشعبين الذين يكونان سكان هذا البلد.

2- كما ان المغرب والجزائر بينهما حرب بسبب المستعمرة الصحراوية الاسبانية بالاضافة الى الصراعات الداخلية التي تعاني منها كل منهما.

3- كما ان التطرف الاسلامي يهدد وحدة تونس.

عاشراً: ايران وتركيا وباكستان وافغانستان:

1- فإيران تتكون من النصف المتحدث بالفارسية والنصف الآخر تركي من الناحية العرقية واللغوية، وفي طباعه ايضاً.

2- وأما تركيا منقسمة الى النصف من المسلمين السنة أتراك الاصل واللغة، والنصف الثاني اقليات كبيرة من 12 مليون شيعي علوي و 6 مليون كردي سني.

3- وفي افغانستان خمسة ملايين من الشيعة يشكلون حوالي ثلث عدد السكان.

4- وفي باكستان السنية حوالي 15 مليون شيعي يهددون كيان هذه الدولة.

حادي عشر: الاردن وفلسطين:

1- والاردن هي في الواقع فلسطينية حيث الاقلية البدوية من الاردنيين هي المسيطرة، ولكن غالبية الجيش من الفلسطينيين وكذلك الجهاز الاداري. وفي الواقع تعد عمان فلسطينية مثلها مثل نابلس.

2- وهي هدف استراتيجي وعاجل للمدى القريب وليس للمدى البعيد وذلك انها لن تشكل اي تهديد حقيقي على المدى البعيد بعد تفتيتها.

3- ومن غير الممكن ان يبقى الاردن على حالته وتركيبته الحالية لفترة طويلة. ان سياسة اسرائيل – اما بالحرب او بالسلم- يجب ان تؤدي الى تصفية الحكم الاردني الحالي ونقل السلطة الى الاغلبية الفلسطينية.

4- ان تغيير السلطة شرقي نهر الاردن سوف يؤدي ايضاً الى حل مشكلة المناطق المكتظة بالسكان العرب غربي النهر سواء بالحرب او في ظروف السلم.

5- ان زيادة معدلات الهجرة من المناطق وتجميد النمو الاقتصادي والسكاني فيها هو الضمان لإحداث التغير المنتظر على ضفتي نهر الاردن.

6- ويجب ايضاً عدم الموافقة على مشروع الحكم الذاتي او اي تسوية او تقسيم للمناطق.

7- وانه لم يعد بالامكان العيش في هذه البلاد في الظروف الراهنة دون الفصل بين الشعبين بحيث يكون العرب في الاردن واليهود في المناطق الواقعة غربي النهر.

8- ان التعايش والسلام الحقيقي سوف يسودان البلاد فقط اذا فهم العرب بانه لن يكون لهم وجود ولا أمن دون التسليم بوجود سيطرة يهودية على المناطق الممتدة من النهر الى البحر، وان امنهم وكيانهم سوف يكونان في الاردن فقط.

9- ان التميز في دولة اسرائيل بين حدود عام 1967 وحدود عام 1948 لم يكن له اي مغزى.

10ـ ـوفي اي وضع سياسي او عسكري مستقبلي يجب ان يكون واضحاً بان حل مشكلة عرب اسرائيل سوف يأتي فقط عن طريق قبولهم لوجود اسرائيل ضمن حدود آمنة حتى نهر الاردن وما بعده .

11 ــ تبعا لمتطلبات وجودنا في العصر الصعب (العصر الذري الذي ينتظرنا قريبا) فليس بالامكان الاستمرار في وجود ثلاثة ارباع السكان اليهود على الشريط الساحلي الضيق والمكتظ بالسكان في العصر الذري.

12 ــــان اعادة توزيع السكان هو هدف استراتيجي داخلي من الدرجة الاولى، وبدون ذلك فسوف لا نستطيع البقاء في المستقبل في اطار اي نوع من الحدود، ان مناطق يهودا والسامرة والجليل هي الضمان الوحيد لبقاء الدولة.

13 ــ واذا لم نشكل اغلبية في المنطقة الجبلية فاننا لم نستطيع السيطرة على البلاد وسوف نصبح مثل الصليبيين الذين فقدوا هذه البلاد التي لم تكن ملكا لهم في الاصل وعاشوا غرباء فيها منذ البداية.

14 ـــ ان اعادة التوازن السكاني الاستراتيجي والاقتصادي لسكان البلاد هو الهدف الرئيسي والاسمى لاسرائيل اليوم.

15 ـــ ان السيطرة على المصادر المائية من بئر سبع وحتى الجليل الاعلى، هي بمثابة الهدف القومي المنبثق من الهدف الاستراتيجي الاساسي، والذي يقضي باستيطان المناطق الجبلية التي تخلو من اليهود اليوم.

وفي 25/11/2003، طرح الصهيوني (ليزلي غلب ) فكرة تقسيم العراق رسمياً في مقالة في صحيفة نيويورك تايمز تحمل عنوان “حل الثلاث دول” وبالتعاون معه تبنى جوزيف بايدن صيغة مخففة منها (كونفدرالية ضعيفة)، بتأييد من الحزبين الجمهوري والديمقراطي، في مقالة بنيويورك تايمز في 1/5/2006 تحمل عنوان “الوحدة من خلال الحكم الذاتي”.

وفي 8/10/2006 ذكرت صحيفة التايمز اللندنية ان خطة بيكرـ هملتون تقوم في احد بنودها على تقسيم العراق على اسس طائفية وعرقية.

وعبر اللوبي الصهيوني ومن ثم المحافظين الجدد، اصبح تقسيم العراق بشكل او باخر مشروعاً ديمقراطياً وجمهورياً في الولايات المتحدة حتى ان السيناتورة كاي بايلي هاتشنسون تقول على موقعها على الانترنت ان تقسيم العراق “سينجح في وقف العنف مثلما نجح تقسيم يوغسلافياً في وقف العنف فيها”!

نتحدث بوضوح عن مشروع تفكيك اذن، وهذا المشروع ينبع من اعتبارات استراتيجية، لان اسرائيل وقوى الهيمنة الخارجية لن تعرف الراحة ولا الأمن حتى:

1- يتم تفكيك دول المنطقة الى دويلات متصارعة على اسس طائفية وعرقية.

2- يتم شطب الهوية العربية الاسلامية لاقطارنا . فالتقكيك للهوية قبل الجغرافيا.

اخيرا …

من خلال هذا العرض، أليس منطقياً ان نقول: ان الأمور تجري حسب ما بينتها الوثيقة المنشورة قبل اكثر من ثلاثة عقود؟ لكن للعلم انهم كانوا ينوون ان تنفذ هذه الخطط حينها، لكن عرقلتها، الصمود المؤقت التي ادت الى تأخيرها، لكنها الآن كما يبدو تتجه نحو تحقيق اهداف وثيقة كيفونيم. قد تتغير بعض الامور او تستبدل لكنها بدأت في طور التكوين الجديد.

الوثيقة مذهلة، لاننا عبرها نكتشف بصراحة ان كل الادوات لتنفيذ هكذا مخططات تم انتاجها تدريجياً وتجهيزها من وسائل الاعلام الى الجماعات السياسية والدينية مروراً بتهيئة الارض للانقسام والاقتتال والتقسيمات الوجدانية، مقدمة لهذه التقسيمات المقبلة على الطريق.

الوثيقة تستحق القراءة مرات ومرات.. لانها تكشف تخطيط العقل الاسرائيلي مبكراً وهي وثيقة تثير التساؤلات حول قدرتنا نحن العرب على مقاومة هكذا مخططات من جهة، ولماذا يتم بهذه البساطة استدراج الشعوب والدول نحو الخراب ومخططاتها التي قامت على تخطيط قديم، وهناك آلاف الوثائق التي لم يطلع عليها كثيرون تثبت وجود خارطة طريق اسرائيلية ومن مسمياتها مصطلح الفوضى الخلاقة التي خرجت به علينا كونداليزا رايس عام 2006، في سياق بدء اعادة ترسيم المنطقة من اجل ضمان استقرار مستقبل اسرائيل.

ان تدفق السلاح والمال وعبث العالم بهذه المنطقة وانتاج التطرف من اجل دور وظيفي مخطط له جيداً، أمر بات مكشوفاً فيما يعد الربيع العربي هذا وسيلة تتم توظيفها عبر استثارة غضب الشعوب على مظالمها ثم حرف هذه الثورات لتصب في اطار الاقتتال الداخلي وتشظيه المنطقة من اجل أمن اسرائيل.

لقد تم تحطيم البنية العسكرية العراقية والسورية وهي مستمرة في هذا الهدم وما استنزاف كل امكانياتها في الحروب الطائفية الا لكي تضمحل عن قريب وهي تتجه نحو التقسيم بل اصبح الحل الوحيد المنطقي هو التقسيم.

فالجيش المصري يتدحرج نحو منحدر الانهيار مع مصر بأكملها. اما ليبيا فهي تجري حسب المراد، والسودان لم يبقى له باقية الا الانقسام التام، اما الاردن فهو الحديقة الخلفية والارض البديلة للمهجرين الفلسطينيين، والخليج العربي سنشهد مع كل ذلك انهيارات مفاجئة له، وايران وتركيا سيتم تقليم اظافرهم واجبارهم على التوجه بوجهات اخرى بعيداً عن عمقها الاستراتيجي.

هل مازلنا نؤمن بالربيع العربي ام انه كان ربيعاً وهمياً، وكانت الصورة التي شاهدناهامجرد رتوش تمويهية، اي كانت اللمسات الاخيرة على لوحة الوثيقة الفنية الاسرائيلية؟!!

ان الهدف الذي رجوته من اعادة نشر هذه الوثيقة، هو ان ننظر الى العدوانات المستمرة علينا في مساراتها التاريخية، وان نراها على حقيقتها كمخطط موحد منتظم متسلسل ممتد، وان نحرر انفسنا من منطق التناول المجزأ لتاريخنا الذي يقسمه الى حوادث منفصلة عن بعضها البعض.

ان المنطقة اجمالا تعيش اجواء وصول اهداف الهيمنة الاجنبية الى مرحلة حاسمة في العمل لتنفيذ مشاريع التقسيم على اوسع مدى ممكن وهو ما يعني اذا استطاعوا اغراق المنطقة لعدة عقود قادمة في نزاعات مسلحة وربما حروب اهلية تجعل السيطرة الاجنبية عليها نتيجة تلقائية وليس نتيجة الجهود العدوانية الاجنبية وحدها .

اخيراً، آمل في النهاية الا تقتصر حياتنا على مجموعة الانفعالات وردود الفعل اللحظية المؤقتة التي تعلو وقت الشدة وتخبو في الاوقات الاخرى، فتاريخنا كله ومنذ زمن بعيد ولزمن طويل آت، هو وقت شدة.

* المراجع:

1 – اقبال مؤمن- ماذا قالت كيفونيم عن دولة داعش منذ 32 سنة؟

www.alnakd.blogspot.com

2- ماهر ابو طير- وثيقة كيفونيم.

www.addustour.com

3ـــ محمد سيف الدولة – الوثيقة الصهيونية لتفتيت الامة.

www.qawmeyon

4 ـــــ مدونة نظرية المؤامرة – وثيقة كيفونيم لتقسيم الوطن العربي (استراتيجية اسرائيل للثمانينات).

www.conspiracy-elthory.blogspot.com

5ـــــــ يبدو انه قد آن الاوان لتحقيق وثيقة كيفونيم الصهيونية.

www.aliraqtimes.com

مقالات اخري للكاتب

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب