23 ديسمبر، 2024 8:33 م

بادئا، يجب التيقظ إزاء الجهلاء وعدم فهمهم. فهم عدم الفهم وتشخيص الكابح للفهم يتطلب أحيانا إفراغ أذهانهم من كل ما فهموا ومن كل ما عرفوا !، ولكن كيف ؟.لأن فهم عدم الفهم هو بحد ذاته فهم.

يقول جبران خليل جبران في(رمل وزبد):(الكثير من المذاهب (المعلومات والمعارف والوثائق) كزجاج النافذة، نرى الحقيقة من خلالها، ولكنها تفصلنا عن الحقيقة).

اللقاءات، عرض المعلومة تحت مستوى النظر، تقديم الوثيقة والمسئول للجمهور هو كشف للحقيقة لكنه غير تام، يفقد حقيقته وضجته فيما لو اكتمل..من قبل المسئول الآخر والمواطن. على اعتبار ان المواطن والمسئول هما الداعي والمدعى عليه. والإعلام الحر ساحة المحكمة والمرافعة علنية إعلامية، إذا كنتم تفهمون ان الإعلام هو السلطة الرابعة. اما الإعلام غير الحر، اعتقد ـ هو الذي أوصل المسئول الجاني الى السلطة وقوض أركان المجني عليه المواطن.

واجب الإعلام النظيف هو عدم ملئ الأذهان الآن بل إفراغها من محتواها، إجراء عملية فرمته وتنصيب ووضع كابح الفيروس ثم تحديث الدهنيات كل فترة.

الكثير من الفضائيات العراقية فيها برامج راقية أسرية وفنية وعلمية وتربوية وتاريخية وإخبارية ..وفيها مقدم أو مقدمة يحسدون على ثقافاتهم.. على الرغم من وجود فضائيات أخرى معاكسة ومشاكسة.

لكن، يبقى البرنامج القوي هو البرنامج الذي يقدمه شخصية إعلامية جريئة تعتمد المعلومة والوثيقة والضيف من العيار الثقيل، لكون الوضع في العراق لا يحتمل السكوت والتهامس بل الصراخ بأعلى الأصوات نيابة عن الجمهور المظلوم المهدور ثروة و حقوقا و المقهور اجتماعيا والمعطل عقليا ونفسيا وعضليا.

على الإعلام ان يقدم مقدم برامج يستبدل ثيابه التركية الأنيقة وعطوره الفرنسية الفواحة وتسريحته الجذابة ولغة الحب الصبيانية وليس فقط بوجه الضيف (مكشرا) بل أنت مبلغا و نذيرا. ليلبس المذيع ملابس اليتامى وعكاز المعوق ولتمشي المذيعة بمعاملة الأرملة.

فمن يوصل صرخة المظلوم الى اللذين ليس لهم أذان، ومن يعرض الجراح على اللذين ليس لهم عيون غير الإعلام ؟.

الطبيب والمهندس والضابط والمعلم والمحامي والمعمم و(المعگل) والمواطن الحسچة والمرأة الفاضلة والعامل الماهر والطالب المتفوق والمثقف وإعلامي الجيد…هي النخبة، و في كل المجتمعات، النخبة هي التي تقود الجماهير وتبني الخراب وتتحمل إذا انهارت المجتمعات إلا في العراق، لماذا انهارت وتصدعت وانحرفت النخبة إلا القلة القليلة ؟!.

العراق إذا بقي الحال كذلك دون إعلام فاضح للمستور، ومخطط للمستقبل، سيصبح العراق في يوم ما (جمهورية أبو غريب ) أو (جمهورية الشماعية).

فمن يدافع و يدفع عن هذا المجتمع غير الإعلام واسم الله (الدافع)؟.