اثارت وثائق ” ويكليكس ” ، ضجة في الأوساط السياسية والإعلامية ، كونها تضع شخصيات سياسية وإعلامية عراقية وعربية موضع الإتهام والعمالة للمملكة العربية السعودية ،أو استجداء الأموال منها بطريقة متدنية .
التهم تطال الشيعة والسنّة على سواء ، وتتعدى ذلك الى دفع القارئ المتحفظ الى التشكيك وإتهام كل السياسيين بلا استثناء ، ولعل ذلك أحد أهداف نشر الوثائق بهذا الوقت الذي يشهد احتدام الصراع بكل أنواعه على المسرح العربي ، من هنا ينبغي ان نتأمل بمشروع نشرها واسبابه واهدافه ، وفق قراءات تجتهد ان تكون موضوعية ، بمعنى تخضع للفحص العقلاني والمنطقي . وليس الإنطباع الهوائي .
القراءة الأولى تقود الى عدم استبعاد مثل هذه الوثائق ،واقصد بذلك الوضع العراقي، كون غالبية القوى السياسية العراقية ذات ارتباطات اقليمية تمليها المصالح والترابط الطائفي والإستقطاب السياسي ، في تابعية معلنة ومكشوفة ، واعتماد هذه البينّة تدعو المتبحرين في الواقع السياسي ان لايستغربوا مثل هذه الوثائق ، إن لم تكن متخلفة وضعيفة أزاء حقائق الجرائم الحاصلة في بلادنا منذ 13 سنة ، والمصالح الشخصية التي سيطرة على نوازع الشخوص وسلوكياتهم المنحرفة سرا ً.
الإستنتاج أعلاه يعني ان هذه الوثائق لاتشكل سوى هامش ثانوي ليس ذي أثر في مجرى الأحداث ، وربما اريد لها ان تكون غطاء ً لما هو أعمق واسوء ، أو اشاعة روح التشكيك وفقدان الثقة بالطبقة السياسية الحاكمة ، تمهيدا لتغيير مقبل ، مثلا .
القراءة الأخرى تتعدى المحلي العراقي والعربي الى مسألة الصراع الدولي ،وتسقيط السعودية عبر تصويرها بصفة العملاق الإقليمي، الذي يشتري الجميع بأمواله ، وان هذا العملاق هو عملاق هوائي لاقيمة لمخابراته ومكاتباته السرية وجهوده الإستخبارية التي صارت تحت تصرف الإعلام والتشهير ، بعد سلوكيات السعودية المتوجة بعدم رضاها عن امريكا وميلها لصالح ايران ، سواء بالملف السوري أو الملف النووي ، أو الوضع في العراق .
ثمة أمر لفت انتباهي يسهم بوضع تهمة إختراع هذه الوثائق ، وهي ان صاحب وثائق ويكليكس ” جوليان اسانج “هرب عام 2012 ، بعد احكام بسجنه وملاحقته ، فكيف تسنى له الحصول على “وثائق ” و اسرار حصلت خلال السنتين الأخيرتين مثلا …1؟
دوائر المخابرات العالمية مثل الأمريكية والبريطانية والصحف الكبرى ، لم تعط أهمية او تعليق عن الموضوع ، بخلاف ماحدث عام 2010وعام 2012 حينما نشرت الوثائق آنذاك ، واحدثت ضجة استمرت لوقت طويل وترتبت عليها خلافات واعتراضات دولية .
فيما يخص الشخصيات السياسية العراقية التي ورد اتهامها بهذه الوثائق ، مطالبة بتوضيح براءة مما نسب لها ، خصوصا في الأمور التي تتخطى ماهو شخصي الى ماهو وطني وطائفي ، طالما ان السعودية نفت ذلك دون إعطاء تعليلات أو أحكام براءة لدورها المخابراتي وتدخلها الأقليمي ، بحسب إتهام الوثائق .