9 أبريل، 2024 1:09 ص
Search
Close this search box.

وثائق الشرف العراقية كما يراها فرويد

Facebook
Twitter
LinkedIn

لابد لنا ونحن نتحدث عن الاوضاع العراقية الشاذة ان نستعين بالسيد فرويد صاحب نظرية اللاوعي وربما ايضا بالسيد كارل يونغ صاحب نظرية تحقق الذات ، لان السلوك الذي يرتكبه سياسيو الصدفة في العراق طيلة ثلاثة عشر عاما يحتاج الى من يفسره بطريقة نفسية واجتماعية وعلمية لانه تجاوز كل النظريات السياسية الحديثة .
يقول فرويد أن الأعراض الخاصة باللاشعور (فلتات اللسان، الأحلام، المخاوف الهستيرية…) لا تصدر نتيجة صدفة، فهذه الأعراض تفرض نفسها عندما تكون الشخصية ضعيفة ، فمن خلال معالجته للمرضى رأى فرويد أن الشعور والوعي ليسا هما المحددين الوحيدين لسلوكنا، بل هناك اللاشعور كموقع نفسي مستقل عن نظام الوعي والإدراك ومستقل عن الجوانب الشعورية للإنسان، وهو يؤثربشكل كبير في حياتنا .
اللاشعور أو اللاوعي حسب مدرسة التحليل النفسية سيكولوجية نستطيع بموجبها أن نفهم سلوكنا سواء السوي أو الشاذ منه ، ومن هذا المنطلق نستطيع أن نقول بأن الشخصية في تصور فرويد بمثابة جبل الجليد ، أي أن ما هو خفي أضخم بكثير مما يظهر .
وظيفة الطبيب النفسي كما يخبرنا فرويد ايضا هي كشف الرغبات المكبوتة لإعادتها إلى دائرة الشعور لكى يواجه المريض الصراع الذي فشل في حله سابقاً . هنا نحتاج الى السيد كارل يونغ لكي نستطيع ان نربط بين المكبوت وبين تحقيق الذات عند السياسيين العراقيين الذين تعود اصول اغلبهم الى القرى والارياف الرثة المهملة .
يقدم كارل يونغ امثلة عن الصبيان الاسوياء وغير الاسوياء من خلال الاجوبة التي يقدمونها له ، وعلى ضوء هذه الاجابات يقرر ان كان هذا الصبي او ذاك سويا او شاذا . السؤال الذي يتقدم به يونغ الى الصبيان هو : ماذا تريد ان تصبح في المستقبل ؟ على الارجح ان الاجابات ستكون مختلفة طبقا للحالة الاجتماعية والنفسية للصبي ، فمنهم من يريد ان يكون طبيبا او ضابطا او لاعب كرة قدم او رئيسا للجمهورية .
بالعودة الى قادة الكتل السياسية العراقية والى نواب البرلمان سنكتشف بالضبط لماذا يتصرف هؤلاء بالطريقة الشاذة هذه طيلة الثلاثة عشر عاما المنصرمة وكيف يدفعهم لاوعيهم الى فلتات اللسان وفزعهم الى توقيع ميثاق الشرف بعد ان اصبح وعيهم ممتلئا بالذنوب والجريمة . انهم يلجأون مرة اخرى الى اللاوعي لكي يحميهم من الانهيار والغيبوبة .
من خلال فرويد ايضا نكتشف ان هؤلاء الساسة الذين حكموا العراق طيلة هذه الفترة كانوا بلا شرف ، والا ما الذي يدعوهم الى توقيع وثيقة شرف الان بعد ان انهار البلد سياسيا واجتماعيا ونفسيا ؟ وبالعودة الى كارل يونغ سنكتشف ان قادة هذا البلد المنهك هم اغلبهم من عائلات فقيرة ومهمشة ولم يستطع اغلبهم من تحقيق ذاته في الحصول على التعليم المناسب او العيش الكريم فلجأوا الى تزوير شهاداتهم من اجل الدخول الى قبة البرلمان .
انهم لا يفتقرون فقط الى الحنكة السياسية ولا الى التعليم ولا الى الشعور بالوطن والمواطن ، بل فقدوا احساسهم بالواقع وفوق ذلك حسب فرويد ايضا انهم يفتقرون الى الاخلاق والحس السليم والطبيعة البشرية او السليقة . انهم في الواقع مرضى واصحاب عقد ثاوية يصعب على البسيكولوجيا ان تعالجهم ، فقد تغلغلت العقد في نفوسهم المريضة وتحولت الى سلوك قار من الصعب تفتيته .
الشيء الذي لا يمكن تفسيره ايضا هو قضية الاعتصامات التي يقوم بها بين وقت واخر بعض قادة الكتل السياسية او بعض اعضاء البرلمان ، يمكننا ان نطلق عليها صفة المسرحيات ، لكن اسوأ المسرحيات التي رأيناها في حياتنا لا تقترب من بلادة هذه المسرحيات السخيفة . الاغرب من كل ذلك هو ان يطالب هؤلاء المعتصمون بنبذ الطائفية ومكافحة الفساد وسرقة المال العام ، حيث يصل الاستخفاف بعقل المواطن العراقي الى درجة الاستهتار .
بماذا نفسر اليوم اعتصام اكثر من مئة نائب تحت قبة البرلمان لاسقاط الرئاسات الثلاث وهم الذين جاءت بهم الطائفية الى البرلمان ؟ انهم ايضا تعاهدوا على توقيع ميثاق شرف ضد الطائفية !! من اين نأتي بفرويد جديد ليفسر لنا هذا السلوك الغريب ؟ وكيف يتسنى للشعب العراقي قراءة هذه الوقائع غير المسبوقة حتى يستطيع ان يتخذ موقفا ازاءها ، خصوصا وان العالم كله واقف يتفرج على هذه المأساة التي لن يستطيع حتى شكسبير التعبير عنها ؟
اذا كان الامريكان قد دمروا جزءا من العراق والدواعش قد دمروا جزءا اخر منه فأن دواعش الشيعة والسنة والاكراد والعملاء في الحكومة والبرلمان العراقي قد دمروا العراق ومستقبله الى فترة غير مرئية وقد لا يعود العراق الذي نعرفه ابدا .

* نقلا عن صفحته على الفيسبوك

مقالات اخري للكاتب

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب