11 أبريل، 2024 10:25 ص
Search
Close this search box.

وتلك الأيام نداولها بين الناس

Facebook
Twitter
LinkedIn

في تسعينات القرن الماضي وبالتحديد في بدايتها فترة الحصار المفروض والجائر على الشعب العراقي ..أصبح هم المواطن الاول والاخير تأمين لقمة العيش له ولعائلته ..كان الزمن صعب جداً وأصبحت ظروف العيش قاسية وأصبح الراتب لايكفي لسد حاجات البيوت والعوائل وخاصة أن العراقيين شعب ضيافة وشعب كريم يستحي ماذا يقدم للضيف من طعام وواجبات ضيافة أخرى..
اضطرت اغلب العوائل في حينها لبيع اغراضهم المنزلية ومايملكون من حاجات في البيوت حتى وصل الأمر لبيع الصوف الموجود داخل الفراش لدى أغلبهم .
لقد بيعت ثلاجة البيوت والتلفزيون وقسم من العوائل العراقية باعو سقوف بيوتهم وأبوابها والشبابيك ..
لقد كان ظرف صعب جدا دفع ثمنه هذا الشعب الكريم الشجاع ومازال يدفع اعلى الأثمان نتيجة سياسات دولة خاطئة …
كان الحصار قاسي فاضطرت الدولة في حينها لمنع اغلب المواد الكمالية الغذائية من الأسواق للحفاظ على ما تبقى من العملة الصعبة فمنعت المشروبات الغازية والحلويات واصبح المتداول في الأسواق الحلويات التي تصنع من التمور فقط واما المشروبات الغازية فتصنع لدى الباعة المتجولين فقط بطريقة محلية بسيطة .
عادت ملابس البالات من جديد واصبح أسواقها رائجة وأصبح قابوط البالة يضرب به المثل ..
أما اللحوم الحمراء والدواجن المستوردة فقد اختفت نهائيا وأصبح فخذ الدجاج الأمريكي مجرد صورة في الأذهان …
وعدنا الى سابقة عهدنا وعهد اجدادنا ننتظر موسم الأمطار ليأتي ربيع دسم فيه الكمأ والكعوب والخباز (( السلاگ)) إضافة إلى موسم الحصاد من الحنطة والشعير وأصبحت مادة الحنطة مادة ممنوعة من الظهور فاكلنا مابقي في مخازن وزارة التجارة من حبوب ممزوجة بالأتربة وفضلات حب الشمس وغيرها والتي تعتبر غير صالحه للاستهلاك البشري ..
وفي موسم الحصاد أصبح اغلب ابناء العوائل المتعففة تذهب خلف الحاصودات وهي تحمل اكياس تجمع بها مايجود به الفلاحين من حبوب الحنطة …
كنت في تلك الفترة اعمل في تجارة المواد الغذائية وعشت الحالة تفصيليا..ورأيت الفقر والعوز في عيون اغلب أبناء الشعب…
في تلك الفترة قررت الدولة افتتاح ساحة فلفيل للتبادل التجاري على طريق دهوك ..نينوى..وكان أحد الأصدقاء وانا نجلس عند مدير الساحة فسألني مدير الساحة وهو موظف معين من قبل العاصمة بغداد ماذا تكتب شعار لساحة التبادل فاقترحت أن يكتب الآية الكريمة (( وتلك الأيام نداولها بين الناس)) وبالفعل تم أخذ الاقتراح وكنت كلما اذهب لغرفة موظف اقرأ هذه الآية الكريمة…
لقد تداولنا تلك الأيام الخوالي في الحصار المفروض على العراق ..وتداولنا ايام الإحتلال الأمريكي للعراق وتداولنا ماحدث من قتل بين صفوف الشعب العراقي..ومازالت الأيام ندوالها بين الناس ..ومازال الناس تكتب عن ايام الماضي ومازال الماضي اطيب من الحاضر عند الناس رغم مرارته…
فمتى يكتب لهذا الشعب الراحة ونداول ايام الخير والأمان أيام الرفاهية للمواطن الذي أنهكه الحصار والحروب ..أيام أن نسافر بحرية ونأكل مانريد ونشتهي من خيرات الله التي وهبها لهذا الشعب وننام بدون قلق على مستقبل أبناءنا وبناتنا …
والله خالق لنا اجمل مما نريد ..وعسى أن نتداول الايام التي نريدها قريبا .أن شاءالله..

مقالات اخري للكاتب

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب