تكاثرت عوامل الإنكسار والهزيمة السياسية؛ مقابل شجاعة وإنتصار أبطال لم يلتفتوا الى مكسب سياسي ومادي في خوضهم أشرس المعارك، ورشقنا الساسة كأنفسنا بأنفسنا؛ بوابل أمضى من الرصاص؛ لذبح السعادة وطمر المستقبل، وإستغنوا عن ظرف الزمان والمكان والإمتحان؛ الى الظرف المغلق.أسقَطَنا بعض الساسة بتلاعب المفاهيم والتمنطق، وتصوروا الإنتصار بكثرة الرجال وتصعيد خطابات النساء، والبكاء بلا حياء على وطن ذبيح بأيديهم.من حق أي عراقي أن يتسائل عن الأسباب والأفعال والنتائج، ومن أين إنطلقت شرارة إعتصام نواب البرلمان الى إقتحام الخضراء، ومن ثم إمتناع النواب من الحضور؛ بذريعة دعوى الإصلاح من جانب مرهون بتغيير رئاسة البرلمان، وآخرى لا تجلس تحت القبة دون تقديم كابينة وزارية؟!حلول الطرفان متناقضة ونتيجة واحدة، فالأول يعتقدها بتبديل هيئة الرئاسة وظهور جبهة إصلاحية وهنا كسر للمحاصصة، والثاني لا يقبل إلا بتغيير الكابينة الوزارية، والنتيجة إجتمعهما على تعطيل عمل البرلمان؛ في حين أن تبديل هيئة الرئاسة ينتظر قرار المحكمة، والمفروض الجلوس لحين القرار؛
ثم نحتاج أشهر للإختيار والنتيجة لا إصلاح، وأما المعتقد بأن الإصلاح يكمن في ذلك الظرف المغلق؛ فقد أنهى حلم الإصلاحات بتغير لا يحل أي جزء من المشكلة أن لم يزدها تعقيداً.كيف لنا الثقة بالنوايا الإصلاحية المبنية على تهديم بيت الشعب، ومعظم الأطراف المتنازعة لا تعتقد إلا بنفسها، وتنظر لغيرها بإتهام جاهز وسلبية؛ مرتدية صفة البابوية والحلول الأحادية، التي تنفي الرأي الآخر؛ الخاضع لإحتواء جميع الأطراف بصيغة أبوية ومصلحة إجتماعية وطنية.إن الشروط التي وضعت منافية للدور البرلماني، ويبدو أن إشترط الحضور بتقديم الكابينة الوزارية او تبديل الرئاسة قبل قرار المحكمة؛ يدل على سوء فهم بعض البرلمانيين لواجباتهم، التي تتعلق بالتشريع والمراقبة، وإدامة ترميم بيت الشعب الذي ينعكس واقع وئامه على توجهات الشارع، وخلافه يعني التصدعات في أرضية تُعد رصانتها أساس لديمومة المعركة، ومن حق الكتل أن تختلف ولكن ليس من حقها الخلاف والتقاطع، وهي ممثلة لشعب يخوض معركة مصيرية إختلطت فيها دمائه إلا من تخاذل، والواقع لا يخضع لمزاجات شخصية وثارات سياسية؛ تقحم المواطن بين المفخخات والمستقبل السياسي المجهول.لا إصلاح بتغيير الوزراء وهرم الدولة منخور، ولا بتبديل رئاسة والعقل الجمعي السياسي مبني على الثارات والمطامع، والإصلاحات من واجبات الحكومة؛ فكيف تقدمها لبرلمان لا يجتمع إلاّ بشروط؟!ظاهر إدعاء رفض المحاصصة؛ إنعكاس على تحاصص وتقسيم الشارع وسعي لتغير خرائط النفوذ، وبدل حصر الإختلافات داخل البيت، الى خلافات يتدخل فيها المغرض والطامع والمندس والعدو، ولكن تبقى فرص آخرى للحلول: من إستثمار الإنتصارات وزخم الإلتحام الوطني في المعركة، وفي العطلة التشريعية فرصة لمراجعة النفس، وعليهم من يعيش بين الناس في عطلته أن يسأل هل يطلب غير الأمن والقضاء على الإرهاب والماء والكهرباء والخدمات، ومن يذهب الى الجبهة يشاهد من قدموا أرواحهم للوطن دون مقابل شخصي، وأما مَنْ يسافر للخارج لينظر دور السياسة في الإستقرار والعمران، وكيفية إستثمار الزمان والمكان وظرف واضح صريح أمام الشعب، وتبقى المعركة أهم فرص الوئام السياسي.