من الطبيعي أنّ تنفيذ أمر ما يتطلّب دقّة التنفيذ لكن بالتأكيد سيترك المنفّذ لمساته فيه أو “بصماته” حتّى وإن كان المنفّذ من يتلقّى أمر الوحي بنفسه .. ولا بد ويجد “المنفّذ” في المكان والزمان ما يستوجب بعض المتغيّرات الّتي قد تعقّد التنفيذ فينحرف بدرجات متفاوتة ومهما كان حسابه “للبَيدر” دقيقاً .. ثمّ من المؤكّد أنّ تنفيذ “الأمر” سيختلف تنفيذه باختلاف الزمن وبعده أو تقلّص مساحة التنفيذ , هكذا هي سنن الحياة فالكمال “لله وحده” أي حتّى مع أمر مصدره إلهي فلابدّ يكون هناك منفّذ بشري ! , كما ولا يُعقل أنّك تستطيع تخمين المدّة الزمنيّة لدخول سكّان مدينة ميامي للإسلام على سبيل المثال بنفس مدّة دخول سكّان الفسطاط “القاهرة” للإسلام , ذلك إن كانت مبرّرات ظهور الاسلام حينها تطابق مبرّرات “عودته” الحاليّة من الّتي يدعو لها “النصّيّون” اليوم وغيرهم ..
اعتقدت يوماً سأفاجأ أحد المتديّنين وكان “شيعيّاً” بخبر يفرحه “سأفاجئه” بدخول أميركيين اثنين الاسلام في “جامع بُنّيّة !” ببغداد ففاجأني هو: “فما بالك لو تمّ ذلك في الحوزة أفضل! كان مستنيراً! ففي يوم قال ؛ الحمد لله أصبح الحكم مدني ويقصد خلافة صدام للبكر ! توقعت بخبرته سيخمّن القصد المخفي وراء إسلامهما !..
اعتنق الغرب المسيحيّة بعد وفاة السيّد المسيح , فماذا قدّم هذا الغرب “وبعض دول الاسلام” في أوج تديّنه في القرون الوسطى , للبشريّة غير استعمار شعوبها ! .. تعاليم الإسلام نجدها أحياناً أشبه بعمليّة تهيّؤ مستمرّ للدفاع , قد يكون الرسول برأيي محقّ ! فممارسة الطقوس نجدها عوامل مساعدة “للشدّ الاجتماعي” , لقد قسّم الرسول عالمه إلى معسكرين الإيمان والكفّار ـ تقسيم بن لادن , وداعش ! ولو كان إسلاميّو اليوم أكثر وعياً لأدركوا في عصرنا العالم فسطاطين ـ الشيوعيّة والرأسماليّة ـ الملاحظ أنّ أغلب الطقوس النبويّة كان معمولاً بها بشكل أوسع لغاية بضعة عقود بدأ يخفت بريقها أمام قوّة بريق ديمقراطيّة الغرب المندفعة .. فأين تكمن النوعيّة في تلك الطقوس الّتي شرّعها النبيّ وكتب لها البقاء فاعلة طيلة عشرات القرون ؟ فمن المسلمين اليوم من الّذين لا تعجبنا طرق عيشهم “البدائيّة” نحن المسلمون أيضاً ! لا زالوا متمسّكين بها كالأفغانيين مثلاً : فالملبس “شرعي” يغطّي العورات وقد تميّزت داعش به .. لا أدري , فلو تخلّصنا من ضغط الاعلام وقيّمنا بحياديّة لأدركنا مع غطاء الرأس مع اللحية وحلق فروة الرأس وتقليم الأظافر وحفّ للشاربين “منعاً للبن من التعلّق بشعيراته !” كما ينكّت بعض الضرفاء , مع نتف للأبط “وغيرها !”, فلو دقّقنا وقارنّا سنجدها عمليّات “عسكرة” للمسلم حتّى من يطلقون على أنفسهم شيعة علي , هم داعشيّون , لكنّهم “مأجّلون للحظة ما” ! فإن اختلفت لا تعدو سوى عمليّة تهيئة للقتال وإن سجد الشيعي على كومة من التراب ! فممارسة الطقوس أشبه بحالة طوارئ استمرّت لقرون والدليل عصائب أهل الحقّ! فمثل هذه وغيرها أشبه بضوابط وإعداد عسكري قابل للانتشار في لحظة مجهولة , زيادةً على التدريب النفسي للمسلم كالتقشّف في كلّ شيء حتّى بيت المسلم خال من الأثاث عدا الضروريّ منها كصندوق الفرش وصندوق الملابس وبعض المنزليّات وموقد نار , فالمسلم خفيف مستعدّ “لسدّ الثغور” أينما كانت .. نشط مثل هذا الأمر منذ ( أذن للّذين آمنوا أنّهم ظلموا ) قبل انتشار الحرف اليدويّة وتوسّع الصناعات كما وهناك مفهوم اجتماعي يعزو نظام إنشاء الأحياء السكنيّة للمسلمين على مرّ العصور “كلّما ضاقت وتلاصقت أصبحت أكثر جدوى للدفاع عن المدن” .. ازداد تكالب المسلمين في عصر الديمقراطيّة على “الفِلل” وحدائقها مع بدء انتشار الديمقراطيّة “الحياة الغربيّة الحديثة” فازداد التفرّق بين المجتمع واتّسعت الهوّة فتقسّم المجتمع بين صاحب “حوش” وصاحب فلل وما بينهما من “شقق” ! على هذا فمن غير الصحيح نستغرب ظهور المجتمع الداعشي , مجتمع فرح بوصمه بالإرهاب فلطالما فرح الرسول بها !.. منطلقات الرسول الأكرم , ولا يعني هذا أنّني أبارك داعش , لحماية عقيدته الغضّة عبر الوحي أهمّها برأيي ما تخصّ “الجار” ! فلا مجتمع موحّد الجار فيه يكره جاره ! , بيوت أو دول , وكفالة اليتيم , واحتشام المرأة “درءٌ للفتن” .. تبنّت داعش موضوع المرأة “بشكله النبويّ” كما هي تقول ؛ بعد خطيئةالاتّجار بها وإهانتها بالشكل الّذي أصبحت تباع وتشترى و”أقراص فديو فاحشة وبأوسخ ما يكون” ! , فما أقرّه الرسول ويراه البعض اليوم تجاوز, ليس كرهاً بالمرآة , فالقرآن واضح وصريح في مساواتها بالرجل .. كلّ ذلك وغيره لأجل مواجهة “معسكر الكفر” وهو ما يظنهّ الداعشيّون أيضاً , فلا معاهد أو جامعات تدريس علوم الدين وعلوم القرآن والحوزات والمراجع , جميعها بدع بنظر الرسول , وبنظر داعش كذلك ! , ولذلك نرى مقاتلو “داعش” اقتصرت علومهم على “الضرورة من الدين” ..
نوصم الداعشي بالتخلّف وننسى أنّ من آمن بالرسول وفتحوا الفتوحات وحقّقوا الانتصارات على أقوى قوى الأرض المدرّبة والمهيمنة على العالم مادّيّاً كانوا أمّيّون لا يفقهون ولا يمتلكون صحيفة واحدة من علم بيئي أو حياتي أو صناعي ! فكلّ من لا يعترف بوجود معسكر للكفر بنظر الرسول , ويراه داعش كذلك فهو كافر , وهو ما مثبّت في نصوص من القرآن ( ومن يبتغ غير الاسلام ديناً فلن يُقبل منه وهو في الآخرة من الخاسرين ) ! فلماذا يصيب العجب من يصيبه وخاصّةً الساسة المسلمون سنّةً وشيعة ! ألم يقضي عليّاً كلّ حياته حاملاً سيفه وهو البطل المغوار , إرهابي , داعشي يعني ! .. أميركا عملت وتعمل على إطلاق الغرائز وجميع “المحتقنات” للعرب لغرض الاقتتال فيما بيننا وهو نفس النهج الروماني القديم .. بالأمس القريب جداً كان ابن لادن يشكل الخطر المميت لشعوب العالم بنظر الغرب واليوم يرى في داعش قوّة لا تُقهر ! , وهو ما يعتبره الداعشيّون “سُنّة” أن تجعل الرعب يدبّ في قلوب الكفّار “مسيرة شهر” ! فلطالما الرسول لديه أمر قرآني ( لترهبوا به عدوّ الله وعدوّكم ) !! فالرسول وأتباعه إرهابيّون ! , حتّى الحسين “خارج على القانون”! فماذا عدا ممّا بدا يصبح مسلمو الديمقراطيّة الغربيّة اليوم ومنهم أحزاب الإسلام السياسي لا يعترفون بهذه الآية وغيرها ! ألم يعلموا أنّ إنكار حرف واحد من القرآن ارتداد عن الدين كلّه ( أتؤمنون ببعض الكتاب وتفكرون ببعض فما جزاء من يفعل ذلك منكم إلاّ خزي في الحياة الدنيا ويوم القيامة يردّون إلى أشدّ العذاب وما الله غافلاً عمّا تعملون ! ) أتريدوننا نحن أنّ نعلّمكم الدين يا ساسة الدين ! ولماذا تتأفأفون من كلمة إرهاب! أنتم أيّها الدعوجيّون حملة الإسلام على نهج آل البيت كما تدّعون أنتم والأحزاب الاسلامويّة السنّيّة من بين من يعطي داعش مبرّرات مطاردتكم ومن ثمّ نحركم كالدجاج أو وصمكم بالارتداد عن الدين ..الارهاب صفة لازمت الداعشيّين ومن قبلهم القاعديّون وكذلك بعض من يؤمن بنحر الآخر من الشيعة , هم فرحون بها , بينما سياسيّو الشيعة كما يدّعون ملتزمون بآداب الجمعيّة العامّة للأمم المتّحدة والقانون الدولي ! يكرهون كلمة “إرهابي” , نلتقطها أحياناً من إحدى خطابات المالكي مثلاً وخاصّةً مكرفونه , بعد تنحّيه بات ملاصقاً لميكرفون العبادي ! ..