22 ديسمبر، 2024 8:39 م

وبعض الغرب أشر : ينتقون العطف للكلب وللبشر القهر !

وبعض الغرب أشر : ينتقون العطف للكلب وللبشر القهر !

يرصد أي متصفح ابتداء من الكتب او الغوغل او الانستغرام صعودا الى الوسائل الثقافية الأخرى , ظهور خصائص يستنبط منها مفهوما خاصآ بالغرب يبين انهم يرتبطون مع الحيوانات الأليفة وخاصة الكلاب بخيط محوري يفسره البعض من خلال منصة Quora الإلكترونية : ” ان الكلاب تعيش من اجل سيدها , فهي تحبه وترافقه لأنها تتوقع منه بضعة اشياء من الرعاية من دون ان تطلب شيئآ آخرمقابل ذلك ” .
والمعروف أن طبيعة الإنسان تعشق من يقدم لها الخدمة دون سؤال ولا ينكر ذلك أحد . وبذلك بلغ البعض من الغرب في رعايته للكلاب درجة أعلى من رعايتهم لأطفالهم او عوائلهم , وكذلك بلغوا إتجاهآ دعت اليه مجموعة من طلاب اشهر الجامعات في امريكا بفروعها في نيويورك ونيوجرسي وهي جامعة بيركلي , الى جعل الكلاب في مرتبة مساوية الى مرتبة الإنسان من ناحية الحقوق .
وهؤلاء تركوا لنا سؤالآ مفتوحآ : لماذا دعوا الى ذلك وهم يعرفون جيدآ أن أقرانهم البشر فيهم من لايمتلك مثل هذه الحقوق , مع أن العنصرية الأمريكية والمواقف الدينية ليست خافية تمامآ عن معرفة الجميع ؟
ففي ببعض المشاهد نرى كلبآ وقد حشر بين قضبان سكك الحديد وبعض اجزاء ماكنة القطار , وتجمع الناس فوق اجزاء الماكنة وحول مشهد الكلب وهو صامت في الفخ , بينما راح البعض منهم الى إبتكار حل مناسب له وبالنهاية اخرجوه من ورطته سالمآ معافا .
وهناك مقارنة اجرتها صحيفة الغارديان البريطانية لجريمتين وقعتا في يوم واحد في شمال غرب ولاية ايداهو الأمريكية وفي موقعين لايبعد احدهما عن الآخر إلا ب 50 كم . الجريمة الأولى كانت قتل سيدة مضطربة أسمها ” جنيتا رايلي ” 35 عامآ , حامل وأم لولدين , قتلت على يد شرطي بينما كانت تلوّح بسكين خارج مسنشفى في بلدة ” ساندبوينت ” القريبة من الحدود الكندية وتسبب موتها بحسب مزاعم سكان البلدة في إزعاج المجتمع الريفي المتماسك , الذين وقفوا بجانب ضباط الشرطة ولغاية إتمام تبرئتهم من ارتكاب أية مخالفات وذلك قبل أن يتم إغلاق القضية في المحكمة .
أما الجريمة الثانية فكانت عن قتل الكلب ” آفري ” نوع بيتبول المحبوس داخل سيارة في موقف يزدحم بالمطاعم وهو ينبح على الرغم من ان زجاجة النافذة كانت مفتوحة , وعندما أقترب شرطي الكراج من السيارة , وجد نفسه امام الكلب الذي أندفع نحوه بقوة الى الخارج , فظن الشرطي انه امام هجوم للبيتبول , فأطلق عليه النار على الفور .
في اليوم التالي من الجريمة اشتعلت وسائل الإعلام لموقف الشرطي وراحت عناوين الصحف تكتب عن العنصرية والخوف من الأجانب وعن المرأة التي كانت تلوّح بالسكين خارج المستشفى في بلدة سانت بوينت , وكيف تسبب موتها على يد شرطي آخر, حسب زعم سكان المدينة , في إزعاج المجتمع الريفي المتماسك هناك .
ومن ناحية أخرى خرجت المسيرات الأحتجاجية والتهديدات الشريرة ضد الشرطي المسؤول , وأنتشرت حملة فايروسية خارج المدينة اجبرت رئيس بلدية المدينة على الإعتذار وقال ان قتل الكلب كان غير مبررآ , وبالنهاية قدم قائد الشرطة تعليمات وتدريبات جديدة الى ضباطه .
وبعد اسبوعين تسلّم صاحب الكلب تعويضآ قدره 80000 ثمانون الف دولار , ولم يستلم زوج جنيتا رايلي التي تعرضت للإنقضاض عليها من قبل السكان أي تعويض أو إعتذار عن مقتلها .
هذا التفاعل الغريب مع الكلاب يوحي لنا ان صورة النفس البشرية الغربية تتناقض مع كل المباديء والشرائع الدينية , ولانستبعد ان ذلك التفاعل هو الذي يصنع الفرق بين الداعين الى وقف الحروب وبين من يزيّف اسباب اندلاعها بمفردات سياسية لا تعبر إلا عن وضع تلك النفس المريضة من دون ان تدرك ان وظيفتها في الحياة هي الوقوف مع البشر في كل الأحوال من دون ان تتجاوز لتلتقط المفردات التي تغيّب عيوبها المتلازمة .
ماقلناه ينطبق على نظرة الغرب للحرب على اليمن , إذ تراهم يستنكرون الهجمات الحوثية على الإمارات بأشد العبارات السياسية التي تصنع الفرق المزيّف بينهم وبين قتلى الاهداف العسكرية التي يستهدفونها , متناسين اولآ , ان حكام الإمارات جعلوا من انفسهم طرفآ بالحرب , اي شاركوا بقتل الشعب اليمني وعليهم ان يتحملون عبء ذلك كأي دولة تحارب , رغم ان الحرب ليست ضرورية لهم ولا تفيد حكام الإمارات بأي شيء سوى تقليد امريكا والصهاينة عندما يستعرضون قواهم العسكرية في قمع الشعوب . ثانيآ , ان الحوثيين انفسهم يقتلون بقنابل الطائرات الحديثة لمايسمى بدول التحالف التي تقوده السعودية , أم ان قتلاهم يخضعون الى شطر اخر من القوانين البعيدة عن السماء ؟
ما قلناه ينطبق أيضآ على الصراع بين روسيا واوكرانيا وبين ايران والكيان الصهيوني , اذ ان امريكا ومعها الناتو بنظرتهم التي لاتتسم بالواقعية وخاصة امريكا التي استثارت الغرب ممثلآ بالناتو واستدرت العطف والشفقة على اوكرانيا وهي من ناحية اخرى لم تنتابها الشفقة حين وضعت حضرآ اقتصاديآ مجحفآ على الشعب الروسي مثلما وضعته على الشعب الإيراني , وقد حشدت قواها العسكرية في دول اوربا الشرقية لتضرب عصفورين بحجر السياسة العنصرية التي تفرّق بين جنس البشر . العصفور الأول , ان تمتد القوة العسكرية الغربية الى شرق اوربا . اما العصفور الثاني , ان تصنع قلقآ ملازمآ للغرب الروسي كورقة ضغط للحد من تحركات قوتها العسكرية في منطقة القرم .
والجدير بالذكر ان امريكا تدرك ان اوربا الناعمة لا ولن تدخل الحرب مع روسيا ولا تثق بأمريكا في كل وعودها ومواثيقها وتجربتها مع افغانستان خير دليل على هزيمتها .
نستخلص من مقالنا , ان الإنسانية لاتفرق بين ارواح البشر وارواح الحيوانات , فالبشر أمم واللحيوانات أمم وكلاهما له قوانينه التي تحفظ حياتهم , واليمنيون بشر والأماراتيون بشر وهم في الشرائع السماوية سواء , اما ان ننتقي الشفقة والعاطفة لنفرق بين جنس البشر الواحد بحسب اهواء النفس البشرية المريضة , وبين البشر والحيوانات , فذلك يعني غاية العنصرية القائمة على تحطيم الأثنين معآ .
20 شباط 22