23 ديسمبر، 2024 4:42 ص

وباء الفساد، وعقاقير الاصلاح!

وباء الفساد، وعقاقير الاصلاح!

فتاة خلعت ثوب حياءها وراحت تستجدي المارة بيدها المرتعشة خجلا، وطفلها النائم تحايلا عسى ان يرق لها قلبا، فيميل بيد صاحبه لعطي من فتات نقوده شيئا لها ولطفلها. صبي في سن العاشرة، هجر مدرسته وراح يطرق نوافذ السيارات ملوحا ببضاعته الزهيدة تحت حرارة الشمس، يطرق ابوابا مغلقة عسى ان يتطلع لحاله من انبرى خلف زجاج نافذة السيارة محتفيا بتبريد العربة من شمس الصيف اللاهب.

في النقطة التي تتقاطع فيها طرق المارة يقف العديد من الاشخاص، الذين سرقت اموالهم، وبيعت حقوقهم، ونهبت احلامهم، فلا المسؤول يرأف بالحال، ولا الشعب يتعاون على البر والتقوى في مأواهم ومسكنهم.

ان ما يتجلى من صور المشردين، قد أُخذ الشيء اليسير من مفهومها، ما هي الا ملامح وباء قد اصاب مفاصل الدولة، وهتك بحرمة المسؤسسات، فتآمر الداني، واستبعد الشريف، حيث اطلق العنان لمرض الفساد ان يدب وينتشر في سهول الحكومة، وتحت قبة البرلمان، فقرت قرارات تناسب مصالح شخصية، وتسترعي نزعات طائفية، فمصلحتي اولا، ثم للبيت ربا يحميه.

 

وكما تطوى صفحات كتاب متهرئ، انطوى الامل في نفوس الشارع العراقي، انعدم مصداق القول في افواه المتباكين للحقوق المواطن، متبؤين مقاعدهم بسند طافي، وحرب اهلية، واتسنزاف الثروات، وجهل الامة، وسخط الشارع، فتراهم يترامون كرة الفساد فيما ينهم فتقاسموا كعكة البترول، وتركوا لشارع العراقي الحصة الاكبر من الحرب الاهلية، والعبارات العنصرية.

و كل ماحصل في السنوات التي خلت هي تداعيات وباء وفايروس قد انتشر بالعملية السياسية كانتشار النار بالهشيم، فلهل لهذا الوباء من دواء؟، ام اقتضى الامر علاج الفاسد بالافسد فتؤول الامور مرض اخر؟

ان انتشار مرض الفساد اخذ يجابه بانتشار عقاقير الاصلاح والتي اطلقها السيد “الحكيم” باعلان عن تيار يولد من رحم الالم العراقي، وكما جرت العادة فالحكيم السباق في وضع الحلول، وارضاخ الاطراف المتنازعة لطاولة الحوار لحقن الدم العراقي، لم يحتكر الحكيم براءة اختراعة ليبني لنفسة صرحا داخل الصراع السياسي، بل اعلن عن مباديء تياريه واهدافه الواضحة واضعا سبلا للاصلاح وطرائقا لمعالجة الفساد، ازيح اللثام عن حاجز المواطن والمسؤول فترى شخص “الحكيم” يتنقل في اروقة المجتمع معلنا للمستقبل القادم، كانت معزوفة التغير بخطاباته تطرب لها جميع الطوائف العراقية على حد سواء.

ما برح الحكيم يعلن عن مبتغيات وسمات التيار حتى انتشرت عدوى التغير داخل الكهف السياسي، فنجد شخوص ورموز عراقية قد انفلتت من النسق التصعب والانزواء على علاقات محددة بدول الجوار، فراحت تبني جسور مع دول العربية، قد حطمتها ايدي الحروب ومنعت اعادة بنائها اصوات الطائفية والتكفير، لم تقتصر عدوى الاصلاح على العلاقة بدول الجوار فحسب، بل نرى ان باقي الكتل اخذت تاخذ المضمار الصحيح في تجريد احزابها من الشخوص الفاسدة فترى بعض الاحزاب قد علقت عضوية احد اهم دعائم حزبها معلنة عن ارتباطه بملفات اختلاس الاموال واستنزاف ثروات الشعب .