18 ديسمبر، 2024 8:51 م

وباء الجهل, يحبس أنفاس العلم

وباء الجهل, يحبس أنفاس العلم

من أعظم الأوبئة الروحية عند البشرية وباء الجهل, فالجاهل يمشي كالأعمى في عالمهِ, يرى الكون مظلماً كعتمة منتصف الليل بدون أداة من أدوات النور؛ من يسير في ظلام الليل الدامس بدون أي ضوء يستنير بها, يمد يديه الى الأمام محاولاً مسك أي شيء, أما مستبشراً أو خائفاً منه, يجهل إن كانت أداة منفعة أم مضرة, كذا الجاهل عند طلبه لشئ ما يحاول المسك بأي معلومة أكانت صائبة أم خاطئة, يجهل مصادرها وأدواتها.

عندما يُسمح للأرادات أن تتحكم بمصادر وأدوات المعرفة, تُحجب معلومة وتصدر أخرى ترغب بأنتشارها, هذه الإرادات بسيطرتها على أدوات المعرفة, تقوم بتصدير المعلومات التي تخدم مشاريعها ومصالحها, بذلك الفرد وأن تعرف على جزء من الحقيقة إلا أنه لم يتعرف على جمعها, فمعرفة القشور لا يعني معرفة بواطن الأمور, وهذا جهلٌ بحد ذاته, لأنه يجعل المرء يتصرف بقدر معرفتهِ للحقيقة, ومن الصعب جداً تغيير الرؤية والثقافة لدى الأفراد عندما يتفاعلون معها ويتبنونها, فكيف لو أصبحت الثقافة ثقافة رأي عام لا ثقافة أفراد ؟! والأدهى والأعظم ماذا إدعى من عرف سطحيات الأمور وجزأ منها, أنه عرف الحقيقة الكاملة ؟!

تنوع الآيدولوجيات والثقافات جعلت من الشباب يفتقدون لبوصلة طلب المعرفة, ويجهلون حقيقة تدرج طلب العلم, أذ هم ينهلون من كل ثقافات والأفكار, لا يجيدون خاصية الفصل بين الأمور, ولا يتقنون دراسة ماضي الكتاب وآيدولوجيته التي ينطلق منها لنشر أفكاره ومتبنياته, تعدد المشارب الثقافية وعدم سيطرة الدولة والمؤسسات التعليمية عليها, من أهم مسببات الجهل المطبق الموجود في مجتمعنا الحالي للأسف, وأيضاً نتيجة إنتهال طالب العلم من كل شئ شيئا, وعدم أحترام التخصص والمتخصص, وسوء أستخدام تعدد الوسائل المعرفية أدت الى ذلك أيضاً.

لابد للدولة من السيطرة على الثقافات والأفكار التي تنتشر بين عقول الشباب, لمنع تأثرهم بمشاريع وأفكار تشددية تحرم الشباب متعة طلب العلم والمعرفة, من خلال السيطرة على التأثر بالثقافات المنحرفة وأن تعرف الفرد عليها, كذا تعمل على فتح المراكز والمؤسسات والمكتبات التي يمكن من خلالها التعرف على كل شئ, ولا يمكن لأحد حجب معلومة وأبراز أخرى ليمرر مشروعه ومصلحته, كما على المؤسسات الحكومية وغير الحكومية تسويق الآليات الصحيحة معرفة ثقافة معينة أو علمٌ ما.