23 ديسمبر، 2024 7:56 م

وباء “أبو زوعة الخميسي ” وعلم العراق المقلوب !!

وباء “أبو زوعة الخميسي ” وعلم العراق المقلوب !!

“في العالم العربي كل شيء ممكن ما عدا العقل والحرية ” هكذا أطلقها  على عواهنها مدوية الكاتب ،   سعود البلوي،  في كتابه ( أنسنة الخطاب الديني والسياسي )   لأن العاقل الحر  لا يحتسي  السم إتكالا على ما يمتلكه  من ترياق ناجع  ولاستعباد المواطن – العراقي – لابد  لحريته الشخصية  من ان تسجن ولعقليه الباطن والظاهر  من ان يشنقا بحبال متينة يصنعها المطبخ السياسي بقدور الإعلام  المشبوه والموجه  ومدفوع الثمن .
ولعل  التقارير التي تتناول وباء ” أبو زوعة ” او الكوليرا تدخل في هذا  الحقل  الشائك والمليء بالألغام   فهاهو   الوباء يواصل تقدمه وبنجاح ساحق وماحق و- مسهل – وبالأخص يوم  الخميس من كل اسبوع ،   قبيل ساعات من اندلاع التظاهرات  الحاشدة ضد  الفساد والمفسدين في بغداد وبقية محافظات الوسط والجنوب   اذ ان المنتفع الوحيد من  الكوليرا “الخميسية” التي تجهض التظاهرات وتسهل امعاء ناشطيها في الوقت الذي تمسك  فيه بطون  المفسدين  وتحجرها  ، هم  سراق المال العام فقط!!.
ترى   لماذا  يختفي ” ابو زوعة ”  ويعلن السيطرة عليه طوال  أيام الأسبوع فيما يعاود نشاطه يوم الخميس  بتقرير صحي مسائي  عاجل يسرب الى  وسائل الأعلام ووكالات الأنباء يتناول  العدد التراكمي لحالات المرض المصابة والمشخصة ؟ بالتأكيد لأشغال الرأي العام وصرفه عن التفكير في التظاهرات ومطالبها  المشروعة ولإخافة الناس وارغامهم على التحصن داخل منازلهم – بلا كهرباء وطنية – بدلا من الخروج للتعبير عن مطالبهم  في ساحات التحرير والحبوبي وثورة العشرين وغيرها .
 
 
اللافت ان  مواقع التواصل الاجتماعي  تناقلت ولليوم  الخامس على التوالي صورا تظهر العلم العراقي وقد رفع بالمقلوب فوق مدرسة ” موسى بن نصير”   في منطقة الحرية غربي  العاصمة بغداد ، وفيما تهكم المئات على الصورة  وسخروا منها عادين كل شيء في العراق يسير بالمقلوب منذ عام 2003 وحتى كتابة السطور ، رأى فيها   بعضهم   نذير شؤم  وربما تمهيد لأمر ما ذاك ان الدول تقلب أعلامها في حال انتشار الوباء او وقوع انقلاب عسكري وكلاهما واقع في بلاد مابين ” النارين ” .
 
.
قديما  كان قلب العلم بمثابة  وسيلة للإعلان عن وقوع كارثة أو حدوث  أمر جلل في بلد ما  قد يكون  وباء  كالسل أو الكوليرا او او الطاعون الأسود  ان قد يكون انقلاباً أو  ثورة ،  وما  أثار فضول  الناشطين  هو ان  انتشار صورة العلم المقلوب  فضلا عن التقاطها  جاء  متزامنا  مع  تناقل أنباء   تفيد بوقوع حركة انقلابية داخل المنطقة الخضراء قادها بعض الضباط لأسقاط رئيس الوزراء ، حيدر العبادي ، هي الثالثة من نوعها منذ توليه رئاسة الوزراء ، اسفرت  عن اعلان الامانة العامة لمجلس الوزراء عن تعطيل الدوام الرسمي في وقت متأخر  من ليلة  الاثنين الماضي   الأمر الذي  أثار جدلا واسعا  وفتح الباب على مصراعيه  امام تداول شائعات لا حصر لها وبالأخص ان صيغة البيان كانت مرتبكة وغير واضحة المعالم وكأنها كتبت بخط اليد على عجل وسربت الى وسائل الإعلام   من دون مراجعة لغوية ونحوية على الأقل ، فعبارة ” لوقوع العيد في يومي عطلة رسمية” والتي جاءت في سياق البيان المقتضب كانت تفتقر الى تفسير واضح .
  فهل هذا ما كانت تقصده إدارة المدرسة أو الميليشيات المتنفذة القريبة  منها  إضافة الى  الجهة التي إلتقطت الصورة وروجت   للعلم  المقلوب ؟  أم إن الإهمال وقلة المتابعة والتخلف والجهل  والأمية  هي السبب الفعلي لكون الوعي الجمعي لم يصل بعد الى مستوى التعبير بطرق عصرية  لها بعد تأريخي ضارب في القدم  ؟!
 
والأعجب ان  أحد –  البطرانين   –   ونحن نقف أمام عشرات المصابين بالإسهال الوبائي  يسألني (أكلك شنو معنى الكوليرا ؟ !!) قلت سؤالك وجهه الى الكونفوشيوسيين  فبكل تأكيد لديهم  إجابة على سؤالك الميتافيزيقي المنافي للنظرية الزمكانية المؤدلجة ،  أما عن سؤالك بشأن طرق الوقاية منها  فأنها  تتلخص بالتخلص من لصوص العراق وعزل سياسييه الحاليين ومحاسبة  السابقين   لأنهم لوحدهم  كالصحف  الصفراء ..أبو زوعة ، يومية ،  سياسية ، عامة وليست خميسية فقط   !! أودعناكم أغاتي